الثلاثاء9 ديسمبر2008: في الثانية عشرة ظهرا وبعد42 ساعة أمضيناها في المحيط قطعنا فيها1510 كيلومترات توقفت الباخرة أمام بلدة صغيرة في المكسيك اسمها كابو سان لوكاس. ولم تكن الساعات التي أمضيناها في المحيط مملة, فقد تعددت الأنشطة حتي بدا أن اليوم أقصر من أن يتسع للبرامج المختلفة التي يمكن القيام بها.. فهناك المحاضرات التي يلقيها خبراء جيء بهم خصيصا للتحدث عن البلاد التي ستتوقف عليها, وهناك يوميا فيلم سينمائي يعرض مرتين في صالة السينما المخصصة, إلي جانب عرض مسرحي كل ليلة في مسرح جلاكسو يبدأ في التاسعة والنصف لمدة ساعة ونصف الساعة, وكازينو لهواة المقامرة, وغير ذلك هناك الرياضات المختلفة خلال النهار التي تلبي احتياجات عشاقها. وبالنسبة لي كانت رياضة المشي في الطابق السادس في الممر الخاص الذي يطوف الباخرة هو رياضتي المفضلة مع الصديق كمال علام أحد أفراد المجموعة. كانت كابو سان لوكاس بلدة مكسيكية صغيرة في دولة كبيرة هي المكسيك التي تبلغ مساحتها مليونا كيلومتر مربع أي ضعف مساحة مصر, عدد سكانها تجاوز110 ملايين نسمة. وقد حددت الباخرة للتوقف أمامها ست ساعات فقط إلا أننا استطعنا خلالها أن نتذوق ونعيش الحياة المكسيكية المميزة في جو رائع خال من المطر الذي تتميز به عادة العاصمة مكسيكو سيتي. وحتي الثمانينات كانت كابو سان لوكاس'CaboSanLucas' بلدة متخلفة بلا تليفونات ولا تليفزيون ولا فنادق وكل سكانها في حدود خمسة آلاف يعملون بصورة أساسية في صيد سمك التونة الذي أقامت شركة أمريكية رصيفا عائما منذ عام1917 لرسو السفن الذي تصطاده ومصنعا لتصنيعه.. وفي الثمانينات اكتشفت الحكومة روعة المكان من حيث الجو وشواطئه الرملية الناعمة ومياهه الدافئة فقررت إعادة اكتشاف كابو كموقع سياحي وأن تضع له شعار لقاء الصحراءمع البحر وكان من بين وسائل الجذب التي اتبعتها منح أحد المغنين المشهورين في المكسيك واسمه سامي هاجار(sammyhagar) ترخيص إقامة مطعم وملهي ليلي.. وفي13 أكتوبر من كل عام يصل هذا المغني إلي كابو لإحياء حفلة يحضرها عدد كبير من المشهورين والنجوم الذين يتوافدون علي الجزيرة الذين فيهم من يراها لأول مرة فيعجبون بالمكان ويضعونه في برامجهم مما نشر شهرة كابو, وكانت النتيجة زيادة مشروعات السياحة فيها, فأقيمت فيها أربعة فنادق خمسة نجوم.. وتم تسويق كابو كموقع فريد يتمتع بجو معتدل طول السنة. وأصبحت كابو مدينة سياحية تتوقف فيها يوميا باخرة ركاب علي الأقل, وفي اليوم الذي وصلنا فيه كانت هناك باخرة ركاب ضخمة أخري في عرض البحر.. فالمدينة ليس لها مرسي تقف إليه البواخر, وإنما تتوقف كلها في عرض المحيط, ويتم نقل الركاب علي دفعات إلي البر بواسطة قوارب الإنقاذ(tenders), وهي وسيلة متبعة في كل المواني التي ليس لديها أرصفة تستطيع البواخر الكبيرة الرسو أمامها.. ويتسع قارب الإنقاذ أو التندر لمائة وأربعين راكبا.. وفي حالة الموج تصبح الرحلة بين الباخرة والميناء أصعب. وقد كان السائد حتي وقت قريب أن تتوقف الباخرة معتمدة علي رمي خطافها الهلب إلي قاع المحيط ليتشبث بجسم قوي في القاع مما كان يتطلب وقتا في الرسو والإبحار.. إلا أنه مع التطور العلمي والتكنولوجي أصبحت الباخرة تتوقف دون خطافات بناء علي عمليات حسابية خاصة يجريها جهاز الكمبيوتر بها يتم خلالها الاتصال مع القمر الصناعي المرتبطة به الباخرة فتقف دون خطاف معتمدة علي عناصر التيارات والمد والجزر وغير ذلك من مختلف العوامل الطبيعية التي توصل العلم إلي استغلالها! وقد تم بواسطة إدارة الباخرة كرستال تنظيم أتوبيس خاص لأفراد مجموعتنا الذين يبلغ عددهم18 فردا(9 أزواج) وهو نظام اتبعناه في مختلف المواني التي توقفنا عليها, أن نرتب وجود أتوبيس مستأجر سلفا نطوف به أرجاء الجزيرة أو يأخذنا إلي المدن القريبة.. ومن خلال هذه الجولات كنا نزور أشهر الأماكن ونتعرف علي صور الحياة في كل منها خاصة أن كل بلدة كانت تمثل دولة مختلفة!