قلوب مفعمة بالامل عطشى للسلام.. والامان.. والرخاء.. ننتظر عام جديد ينفض عن كاهلنا مساحة كبيرة من الالم ويحقق الكثير من الآمال المؤجلة .. ومع نهاية عام 2007 بكل ماله وماعليه نحاول ان نرصد بعض احداثه التى خلفها وراءه والتى تركت بصماته على كل بقعة فى العالم .. لنرى العام الماضى من خلال بانوراما .. حيث واجه الشرق الاوسط والعالم العديد من الأحداث التى تركت أثرا كبيرا وبعضها ما زالت لها تداعيات مستمرة .. وننطلق من مصر.. حيث استحقت التعديلات الدستورية التي أقرها البرلمان المصري وطرحت في استفتاء شعبي لقب "حدث 2007 السياسي" نظرًا للجدل الذي أثارته في الحياة السياسية المصرية سواء قبل اقرارها أو بعده، بالإضافة إلى المخاوف المنتظرة جراء ادخال هذه التعديلات. وعلى صعيد القضية الفلسطينية شهد العام المنصرم أحداثاً خطيرة تضرب في الصميم مصالح الشعب الفلسطيني وتهدد قضيته وأحلامه .. حيث فتحت أسرائيل الباب على مصراعيه أمام حروب ومآس جديدة بمواصلة تعنته ومؤامراته لتهويد الأراضي العربية المحتلة وإقامة المستعمرات الاستيطانية وشن المزيد من الاعتداءات والهجمات الغادرة واعتقال الآلاف من الشبان العرب ،وفي المقابل بذلت جهود خافتة وخجولة لتحريك مسيرة السلام توجت في نهاية العام بلقاء أنابوليس ،والذى لم ينتج عنه أي نتائج إيجابية بل على العكس، فقد أعاد القضية الفلسطينية الى فترة ما قبل أوسلو 1993. كما شهدت الاراضى الفلسطينية مواجهات هى الاسوأ من نوعها بين حماس وفتح والتى راح ضحيتها المئات من الجانبين..مما جعل الحدث ضمن اكثر الاحداث اهمية لما له من مدلولات وانعكاسات على الشعب الفلسطينى داخليا وخارجيا.. العراق يغرق في بحر من الدماء.. ومن فلسطين الى العراق يبدو المشهد المأسوي مشابهاً ومتوازيا .. حيث يغرق العراق في بحر من الدماء والوضع الأمني المتدهور في العراق بات يهدد مستقبل البلاد وينذر بخطر شديد . وبالرغم من بناء الأجهزة الأمنية من جيش وشرطة فمازال الأمن والاستقرار مفقودين في الشارع العراقي، والإرهابيون يصولون ويجولون في البلاد من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب ينشرون الرعب بين المواطنين.. احتلال لا يبدو انه سيخضع لجدول زمني للرحيل والانسحاب بل يخطط لإقامة قواعد دائمة فمع بداية عام 2007 اطلق الرئيس بوش استراتيجيته الجديدة حول العراق التي اعتمدت في جوهرها على زيادة عدد القوات الأميركية بنحو 30 ألف جندي، بينما اطلقت الحكومة العراقية خطة فرض القانون للسيطرة على امن بغداد التي اصبحت ساحة الصراع الرئيسية خلال عام 2006. في المقابل هناك صراع بين الاخوة العراقيين يمتد في جذوره الى اثارة فتن دينية وطائفية وعرقية ما أنزل الله بها من سلطان بين السنة والشيعة والاكراد والعرب والتركمان والمسيحيين العراقيين من كلدان وسريان وآشوريين، تضاف اليها حرب برزت الى الواجهة في نهاية العام المنصرم بين تركيا و حزب العمال الكردستاني في ظل سلام يبدو غائباً . فيما خطر التدخل الايراني يخيم على اجوائه العامة، وخطر الارهاب المنظم لا يزال قائماً على رغم ما بذل من جهود لضربه . لبنان و أزمة الاستحقاق الرئاسي.. تأجيل يعقبة تأجيل والقوى السياسية اللبنانية المختلفة لا تزال عند مواقفها المتشددة وكل طرف يعتقد أنه قدم أقصى ما يمكن ولم يعد هناك مجال لتنازلات إضافية..وتعمقت الازمة باغتيال قائد عمليات الجيش العميد فرانسوا الحاج مما عزز المخاوف بأن المأزق السياسي الذي خلف فراغا في رئاسة الجمهورية منذ انتهاء ولاية إيميل لحود في شهر نوفمبر، قد يزج بالبلد في مرحلة من عدم الاستقرار والعنف لا تعرف عواقبهما في حال لم تجد الأزمة طريقها إلى الحل قريبا. وما ينطبق على المشرق العربي نشهد له مثيلاً مخففاً في المغرب العربي والدول العربية الافريقية، فقضية الصحراء تراوح مكانها بين سلام يتفاوض عليه الطرفان، وحرب جاهزة وحاضرة قد تنفجر في اي وقت. وأوضاع السودان لا تبشر بالخير من دارفور الذي تتسارع فيه جهود السلام ونشر القوات الدولية يتسابق مع التحركات المريبة لتأجيج نار الفتنة الكبرى بين المسلمين العرب والمسلمين الافارقة بفعل التدخلات الدولية المشبوهة والمطامع الخفية وبواقع الخطايا والاخطاء التي ارتكبها النظام السوداني عبر السنين وعدم حزمه لفرض الأمن ووقف الحرب وتحقيق الوفاق بين اخوة الدين الواحد فيما فتنة اخرى تطل برأسها في الجنوب لتفجير الحرب من جديد على رغم ما أعلن اخيراً عن تسوية موقتة. كما نال المغرب العربي نصيبه من الأحداث الارهابية، وظهر ما يسمى بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي. ويمكن القول إن ليبيا استثمرت عام 2007 في تجسيد تغير نوعي في سياستها الخارجية إزاء دول غربية، فقامت بتسوية قضية الممرضات البلغاريات، حيث تعرضت ليبيا لضغوط مكثفة من واشنطن وأوروبا لتسوية قضية الممرضات البلغاريات الصادر في حقهن حكم بالإعدام بتهمة نقل دم ملوث بفيروس الإيدز لمئات الأطفال الليبيين.. وهو ما حدث فى النهاية وتم تسوية القضية والافراج عن الممرضات البلغاريات .. فيما زار الرئيس الليبي باريس، وأمضى عقودا بالمليارات، مرحلة جديدة من الصراع على السلطة فى باكستان .. نتحول الى باكستان ..والتى تعيش فى دوامة من العنف والتطرف . وتثير الأحداث في باكستان قلقاً أكثر لدى المجتمع الدولي بسبب ما يوجد في ترسانتها العسكرية من أسلحة ذرية وتقليدية ذات قدرة تدميرية هائلة، إضافة إلى التهديد الذي تتعرض له البلاد الآن من التيار الديني المتطرف، بحيث تحولت مناطق من باكستان إلى قلاع وقواعد للإرهاب الدولي. فيما تعكس عودة شريف وبوتو إلى باكستان ازمة خلط الأوراق والتحالفات على الخارطة السياسية في البلاد لإيجاد أرضية مشتركة للمعارضة الباكستانية ربما تمهد لتحالف في الانتخابات التشريعية فى مطلع 2008.. الملف النووي الايرانى والمواجهة مع الغرب .. تعتبر الازمة النووية الايرانية من اخطر واسخن الازمات على الساحة الدولية لما لها من تأثير في المنطقة بصفة خاصة والعالم بصفة عامة حيث تتداخل وتتشابك بها عدة اطراف تتباين في دوافعها واهدافها.. فيما كان فشل عقوبات الغرب الاقتصادية على ايران، واضحا في عام 2007 حيث فشلت المفاوضات مع ايران في ردع طهران عن الاستمرار في حملتها للحصول على السلاح النووي. الملف النووى الكوري.. ينظر الغرب إلى الملف النووي الكوري الشمالي بمثابة العائق الرئيسي لتحقيق السلام في شبه الجزيرة الكورية، إضافة إلى أنه يشكل عاملا مهددا لاستقرار منطقة شمال شرق آسيا ويضيف تحديا جديدا أمام سياسة عدم انتشار الأسلحة النووية.. أزمة احتجاز البحارة البريطانيين فى ايران .. بدأت الأزمة عندما قامت قوات من خفر السواحل الإيراني باعتقال 15 بحاراً بريطانياً، كانوا في زورقين حربيين بشط العرب، بتاريخ 23 مارس 2007. وتم نقل الجنود بمحاذاة مياه شط العرب إلى قواعد إيرانية على الفور.وفيما اتهمت طهران البريطانيين أنهم تجاوزوا الخط الحدودي الوهمي الفاصل بين المياه الإقليمية العراقية والإيرانية، أكدت تقارير بريطانية أن الزورقين البريطانيين كانا ضمن المياه الإقليمية العراقية..وخلال وقت قصير، باتت القضية أزمة حقيقية، تدخّلت فيها أطراف أمريكية وأوروبية عديدة . الانتخابات الرئاسية الفرنسية .. فى هذا العام فاز ساركوزى مرشح اليمين على مرشحة اليسار سيجولين رويال بعد انتخابات أبرزت استقطابا حادا بين اليسار واليمين وحصل ساركوزى على حوالي 53 % من الاصوات.. وعلى الصعيد الدولي بصفة عامة ..خسرت أمريكا خلال السنة الحالية أكثر من حليف و تابع لسياساتها في ادارة الحروب و الأزمات في العالم، فبعد استقالة توني بلير رئيس وزراء بريطانيا أطاحت الإنتخابات التشريعية التي جرت مؤخرا في استراليا بواحد من كبار حلفاء الرئيس بوش فقد سقطت حكومة جون هاورد اليميني المتطرف، فيما يتجه العالم إلى استقطابات دولية أخرى معادية لأمريكا كما يحدث في أمريكا اللاتينية من تقارب بين الحكومات اليسارية الصاعدة هنالك، في الوقت الذي تجري محاولات لتجميع الدول الآسيوية المحاذية لبحر قزوين في نوع من التكتل القاري الذي تقوده روسيا و الصين إلى حد يفسره البعض بعودة متجددة لأجواء الحرب الباردة ربما تكون مواقف التصعيد التي عبر عنها في الأشهر الأخيرة الرئيس الروسي بوتين في اعتراضه عن الدرع الصاروخي الذي تعمل أمريكا على نصبه في بعض بلدان أروبا الشرقية، ربما تكون تلك المواقف بلهجتها الحادة و المهددة واحدة من المؤشرات على تراخي القوة الأمريكية و بداية تقلصها و انحسار نفوذها في العالم. سريعا حاولنا الوقوف على بعض مجريات احداث عام 2007 .. والذى يمكن ان نسميه عام السلام الغائب والحروب الحاضرة، أو الجاهزة للتفجير والامتداد ونشر لهيب الحرائق في المنطقة والعالم بأسره. وها نحن نودع عام 2007 وكلنا أمل ودعاء بأن لا يعيد الله علينا ما حمله من آلام وجراح وأن يبعد عنا شبح الحروب الحاضرة ويعيد الى ربوعنا السلام الغائب ..