هل نحن بحاجة إلي زيارة العذراء لكي نؤمن بها وبطهارتها؟.. وهل المسلمون والمسيحيون يحتاجون لظهورها ليصلوا إلي اليقين بمكانتها وقداستها.. وماذا لو ثبت انها لم تظهر؟ وهل يعتمد الايمان علي مثل هذه الأمور؟ هذا التساؤل يطرحه عصام كامل في مقال بجريدة"الجمهورية" بعد أن تعددت الروايات عن تجلي السيدة العذراء مريم البتول في مواقع متفرقة بمصر. يؤكد الكاتب أن الإيمان الحقيقي لايحتاج الى معجزات كأن يخرج أحد يقول أنه وجد حبة طماطم مكتوبا عليها "لا إله إلا الله" وكأننا كنا بانتظار "مفعوصة من الطماطم" لتؤكد لنا ان ايماننا بالله الواحد القهار سليم ولا غبار عليه.. ونتساءل: ماذا فعل أجدادنا الذين لم يروا المفعوصة؟ ربما ماتوا علي غير اليقين الذي جاءنا ومنحنا الهداية وهو ما يفرض علينا أن نحنط الطماطم للأجيال القادمة حتي تعرف انه لا إلله إلا الله. ويقول آخر: لقد وجدنا في سعف النخيل مكتوبا "الله" من ناحية و"محمد" من ناحية أخري وكأننا كنا في انتظار السعف لنعرف أن للكون إلها وأن محمد نبي مرسل.. ماذا لو لم نجد علي السعف هذا المكتوب؟ سيصبح الكون بلا إله ومحمد بلا بشارة. وأخيراً وقع الإنجيليون والارثوذكس في معركة والإخوة العلمانيون المسيحيون والارثوذكس في معركة أخري حول حقيقة ظهور العذراء في عدة كنائس. فالإنجيليون يرون ان الايمان لا يرتبط بمثل هذه الأمور وأن ظهورها خرافة. بينما يري العلمانيون ان قصة الظهور تتعارض مع العقل والدين والنتيجة النهائية اننا أصبحنا نعتمد الآن علي خرافة. ويؤكد أن المسلمون والمسيحيون واليهود يعرفون قدر العذراء ويقدسونها ويحبونها دون أن يروها.. ذاك هو اليقين وإلا سنطارد الطماطم وسعف النخيل والبوم الأبيض وأنوار الخيالات فإن لم نجدها كفرنا والعياذ بالله. ويسوق لنا رأي خبراء علم الاجتماع في ما يحدث ويفسرونه بأنه نوع من الهروب والتعبير عن الاحباط العام . ويستشهد بقصة عن الإمام الغزالي عندما دخل عليه شاب ضخم الجثة عريض المنكبين وهو يردد: يا فضيلة الشيخ أنقذني فقد ركبني جان.. نظر إليه الإمام قائلا: كيف يركبك وانت بهذه القوة أليس عيبا عليك أن تتركه يركبك ولا تركبه وأنت الأقوي؟! في تعبير صادق واختزال مهم لحقيقة الهروب من الواقع بالأوهام. ويختتم مقاله يقول: أعترف بأني واحد من هؤلاء الذين رأوا العذراء رؤي العين.. نعم أراها مئات المرات في قلبي فهي مثل كل الطاهرات تسكن جوانحنا وظهورها في قلوبنا هو المعني الأعمق للايمان الحقيقي .