تناولت الصحف العربية الصادرة اليوم تهديدات وتحركات المتطرفين والمستوطنين اليهود باقتحام المسجد الأقصي وما تنطوي عليه من مخاطر داهمة لتصعيد الصراع في المنطقة خاصة فى هذا التوقيت بغية إعادة خلط الأوراق في الميدان لقطع الطريق على المصالحة الوطنية الفلسطينية . جريدة القدس الفلسطينية تساءلت عن امكتنية اندلاع انتفاضة جديدة واستطلعت اراء محللين ومسئولين في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية أشاروا الى عدد من العوامل يرجح أن تحد من تجدد أعمال العنف في المدى القريب على رغم الغضب من رئيس الوزراء الجديد بنيامين نتنياهو خليفة شارون اليميني ومن المستوطنين اليهود الذين دافع عن مساعيهم التوسعية. وقال زكريا القاق من جامعة القدس: "هناك حالة من الانفصال بين الشعب وقيادته السياسية وبالتالي الناس غير مستعدين للتضحية مثلما كانوا يفعلون من قبل". وأضاف: "في الوقت نفسه هناك غضب يتراكم وفي انتظار شرارة. لا أحد يستطيع توقع متى ستأتي الشرارة. لكنها قد تستغرق سنوات حتى تأتي". ومن بين العوامل التي ذكرت ان مشاعر الإحباط التي نجمت عن سقوط اربعة آلاف قتيل في صفوف الفلسطينيين في أعوام الانتفاضة منذ عام 2000 لم تأت بفوائد تذكر بينما عزلت اسرائيل الضفة الغربية بجدار وأغلقت سوق العمل الاسرائيلية امام الفلسطينيين. ومن المرجح ايضاً أن الانقسام الذي شهد سيطرة حركة "حماس" على قطاع غزة وتعرضها للقمع في الضفة الغربية من جانب قوات الأمن الموالية للرئيس محمود عباس التي تلقت تدريبا غربيا سيحد من أعمال العنف المنظمة من الضفة الغربية ضد اسرائيل. وفي حين أن الخيارات امام عباس للضغط على نتنياهو من أجل التوصل الى اتفاق سلام محدودة لا يتوقع كثيرون أن يلجأ لنوعية التفجيرات الانتحارية والهجمات الأخرى التي كانت تحدث في عهد سلفه الرئيس الراحل ياسر عرفات. وربما تكون الاضطرابات العفوية بين الحشود الغاضبة هي الأرجح. جريدة الاهرام وصفت تجدد الاشتباكات بين قوات الاحتلال الإسرائيلي والمتطرفين اليهود وبين الفلسطينيين الذين يدافعون عن المسجد الأقصي ضد محاولات اقتحامه من جانب المتطرفين, مسألة خطيرة تنطوي علي عواقب وخيمة. ولذلك حذرت جامعة الدول العربية من مخاطر الجرائم الإسرائيلية بحق المسجد الأقصي ومدينة القدسالمحتلة, وأشار بيان الجامعة العربية أمس الأول إلي أن المسجد الأقصي بات في خطر حقيقي, وأن المسئولية تتطلب من كل الأطراف العربية والدولية التحرك فورا دون تأخير. وفي الوقت نفسه تحذر وزارة الإعلام الفلسطينية مما وصفته اشعال برميل البارود, وقالت إنها تنظر بخطورة بالغة إلي حصار المسجد الأقصي المبارك من جانب قوات الاحتلال الإسرائيلي. وهذا الحصار الإسرائيلي للمسجد الأقصي يؤدي إلي نتيجتين متلازمتين: أولاهما: تأجيج التوتر والصراع في المنطقة, في وقت تلتهب فيه بالمشكلات والأزمات. ثانيتهما: عرقلة الجهود الإقليمية والدولية التي تبذل لحل القضية الفلسطينية. ولا خلاف علي أن إسرائيل تتحمل وحدها إثارة هذا التوتر والصراع, وعرقلة جهود إحياء عملية السلام . جريدة دار الخليج الاماراتية قالت أن التصعيد “الإسرائيلي” في القدس وقطاع غزة، وتنامي مشاريع الاستيطان في الضفة الغربية، بأنه يندرج في سياق مخطط من الحكومة “الإسرائيلية” المتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو تسعى من خلاله إلى استجلاب ردات فعل فلسطينية بغية إعادة خلط الأوراق في الميدان لقطع الطريق على المصالحة الوطنية الفلسطينية من جهة، ومن جهة ثانية التهرب من أي استحقاقات سياسية في إطار الجهود الدولية المبذولة حالياً لاستئناف المفاوضات السياسية بين الجانبين الفلسطيني و”الإسرائيلي”. قبل تسعة أعوام سمح رئيس الوزراء “الإسرائيلي” آنذاك وزير الحرب في حكومة نتنياهو حالياً أيهود باراك، لرئيس الوزراء الأسبق أرييل شارون باقتحام باحات المسجد الأقصى المبارك فهبت الجماهير واندلعت انتفاضة الأقصى، حينها كان باراك يعاني أزمة سياسية داخلية، فضلاً عن فشل مفاوضات قمة كامب ديفيد التي رعاها الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون بين باراك والرئيس الراحل ياسر عرفات، وأراد باراك من وراء السماح لشارون باقتحام الأقصى الخروج من أزمته الداخلية بتوتير الميدان مع الفلسطينيين من دون أن يخطر بباله أن أي مساس بالمسجد الأقصى يؤدي إلى غضب سرعان ما يتحول إلى انتفاضة تسببت في الإطاحة به في الانتخابات. اليوم باراك على رأس وزارة الحرب في حكومة نتيناهو الذي تسبب بدوره في اندلاع هبة النفق إبان كان رئيساً للوزراء للمرة الأولى في العام ،1996 وها هم يكررون الطريقة نفسها، الهروب من أزماتهم الداخلية واستحقاقات عملية التسوية السياسية، بتوتير الساحة عبر التصعيد، إذ إن من شأن أي تقدم في عملية التسوية أن يؤدي إلى فرط عقد هذه الحكومة المتطرفة المشكلة من أحزاب يمينية لن ترضى بأي ثمن مقابل السلام مع الفلسطينيين، خصوصاً إذا تعلق هذا الثمن بمدينة القدسالمحتلة أو المستوطنات في الضفة الغربية.