قيل الكثير في الساعات الماضية بشأن أهمية المبادرة التي أقدم عليها الرئيس المكلف سعد الحريري أول من أمس، إذ قدم صيغة حكومية تتمتع بكل مزايا الميثاقية والتوازن والعدالة إلى رئيس الجمهورية ميشال سليمان. بيد ويؤكد نصير الأسعد على صفحات "المستقبل" أن "المعارضة" أعلنت مسبقاً رفضها التشكيلة، وجاهر البعض بأنه سيرفضها حتى من دون حاجة إلى الإطلاع على ما تتضمنه. هكذا "في المبدأ"! بالرغم من أنها تُعطي فريق 8 آذار حقائب وزارية "دسمة" وأساسية، وذلك باعتراف العديد من المراقبين المحايدين والموضوعيين. بل أكثر من ذلك، ثمة من لاحظ أن تشكيلة الحريري تعطي التكتل العوني حقائب أكبر مما يستحق قياساً الى تلك التي تُعطيها لمسيحيي 14 آذار، على الرغم من أن مسيحيي 14 آذار يشكلون الأكثرية المسيحية نيابياً وشعبياً. وإن "الإختبار" الذي تخوضه "المعارضة"، هو إختبار ممارسة "الفيتو" على مرسوم تشكيل الحكومة وجعل هذا "الفيتو" أمراً طبيعياً قبل تشكيل الحكومة ثم في داخلها. وواقع الأمر، صاغت "المعارضة" رفضها التشكيلة المقترحة من الرئيس المكلف بمواقف لا تُخفي النية في إظهار أنها تمارس "الفيتو" الذي يبدو في ظاهر الأمر سياسي حزبي. غير أنه في الواقع "فيتو" طائفي إذا أخذت في الإعتبار حقيقة أن الفريق العوني لا يمثل سوى جزء من التمثيل المسيحي، الماروني خاصة، ولا يمكن له تالياً أن يدّعي أن اعتراضه الحزبي هو اعتراض طائفته.. وإذا أخذت في الإعتبار أيضاً حقيقة أن "الآمر الناهي" في 8 آذار هو "حزب الله"، يصبح مما لا شك فيه أن "الفيتو" موضوع البحث هو "فيتو" طائفي شيعي، بما أن "حزب الله" يماثل بينه وبين الطائفة الشيعية وبما أنه شيئاً فشيئاً يكسر حتى "الثنائية" لصالح أحاديته. وأن "المعارضة" أي "حزب الله" تنتقل ب"مناسبة" تشكيل الحكومة إلى إسقاط النظام السياسي. أي تعمل على إطالة أمد أزمة التشكيل من أجل تحويل "الأزمة الحكومية" إلى "أزمة نظام". أي زعم عجز النظام السياسي نظام الطائف، وزعم أن هذا النظام "ولاّدة" أزمات وينبغي تغييره. ويضيف أنه لا شك في أن تعامل "المعارضة" مع المسألة الحكومية هو تعاملٌ فوق أنه غير ديموقراطي بتجاوزه نتائج الإنتخابات، هو غير دستوري و"خارج" إتفاق الطائف من الألف إلى الياء. وفي جريدة "الأخبار" اللبنانية يسرد أحد النوّاب المقرّبين للرئيس الحريري أهدافاً عدّة وراء تقديم الرئيس المكلف تشكيلته بهذا التوقيت: 1 مطالبة رئيس الجمهوريّة بأن تكون الحكومة قد أُلِّفت قبل ذهابه إلى نيويورك، في 23 أيلول. 2 كسر الجمود السياسي، عبر فتح النقاش حول التشكيلة التي قدّمها داخلياً، واستجرار تدخلات إقليميّة ودوليّة. 3 رفع الضغط عنه، إذ كان يُتهم بأنه يُعطّل ولا يهتم، وبدأ البعض يتحدّث عن مهل دستوريّة، والردّ على اتهام السعودية وواشنطن. ويرى النائب أن الحريري مقتنع بأن في المعارضة من لا يُريد تأليف الحكومة، لافتاً إلى أن رفض هذه التشكيلة يعني استشارات حكوميّة جديدة، «لأن الحريري لن يُقدّم تشكيلة أخرى قبل الاستشارات»، لكنّه شدّد على أن الاستشارات ستُسمّي الحريري مجدداً، لا فؤاد السنيورة، كما يردد البعض، وخصوصاً أن المعارضة ترى أنّ تكليف السنيورة إعلان الحرب. وعلى صفحات "النهار" وصف راجح الخوري ما يحدث بأنه محاولة مكشوفة لمزيد من التجني على الرئيس المكلف سعد الحريري ويقرر أن الجميع يعرف من اين ينبع التأزيم، وكيف يحصل التعطيل، وما الذي منع ويمنع اعلان الحكومة العتيدة في جو من الوئام والتفاهم على ما يتمنى اللبنانيون، ومن بالتالي الذي جعل من مطالبه وشروطه التعجيزية ام العقد ورابع المستحيلات عبر اصرار الجنرال ميشال عون على حصته المبالغ فيها الى حد التعجيز، وامتناع حلفائه حتى عن المشاركة في عملية التشكيل بتحديد مطالبهم واقتراحاتهم والتمترس الحازم وراءه، في ما بدا كأنه رغبة مكنونة بتعطيل التشكيل ما دام عون هو الذي يتحمل عملياً ومعنوياً وزر هذا التعطيل ! ويتساءل هل لو كان عون هو الذي يتولى تشكيل الحكومة، هل سيكون اكثر انصافا من سعد الحريري؟ وينقل سمير منصور الانطباع لدى فريق الأكثرية النيابية ان المعارضة لا تريد تأليف حكومة في الوقت الحاضروأن الشروط التي يضعها احد اطرافها ليست اكثر من واجهة او غطاء لعراقيل خارجية اقليمية ناجمة من عوامل عدة ابرزها تعثّر الحوار السعودي – السوري.