هل يمكن لإحد بعد مرور ست سنوات على أحداث 11 سبتمبر 2001 القول أن الولاياتالمتحدة قد نجحت فى إستراتيجيتها فى العالم لمواجهة ما أسمته بالإرهاب الذى اتهمته بأنه وراء أحداث الحادى عشر من سبتمبر، ومن هول مفاجأة أن تتعرض أكبر دولة عظمى بترسانتها العسكرية التى ترهب هى العالم بها لإعتداء بهذا الحجم ، والتساؤل المطروح منذ ذلك اليوم أين كانت المخابرات الأمريكية وأين كان أمنها القومى حين تعرضت لهذا العدوان؟ وهى التى تدعى دائما معرفتها بكافة ما يدور فى العالم وكان أولى بها معرفة ما يدور بداخلها والتساؤل الآخر كيف توصلت فى خلال 24 ساعة لمعرفة من قام بعذة العملية. أضاع العالم وقتا طويلا في البحث عن من خطط ونفذ.. وتحول الجميع إلى خبراء في الشؤون الأمنية والاستخباراتية.. منهم من يتهم القاعدة وزعيمها بن لادن، وآخرون يوجهون الإتهام إلى الأصابع الخفية للموساد وال CIA بأنها هي التي تحركت تحت جنح ظلام دامس فأحدثت تلك المفاجأة المرعبة صبيحة ذلك اليوم المسمى الحادي عشر من سبتمبر. وضاعت وسط كل هذا الضجيج أصوات العقلاء الذين لم يحجب عنهم غبارُ برجي مركز التجارة المنهارين ولا دهشة التدمير الجزئي الذي لحق بالبنتاجون، النظر إلى خلفيات الحادث ومسبباته وتداعياته الثقافية وتحليل ركام الكراهية والعداء الذي تكنه الكثير من شعوب العالم للولايات المتحدة وسياستها، وتأثير هذا الحادث في المجتمع الأميركي وتبعات شعور مواطنيه بالأمن المفقود داخل أقوى دولة عظمى في العالم. ويذكر، بأن أحداث 11 سبتمبر 2001 هي هجمات انتحارية تعرضت لها الولاياتالمتحدة في يوم الثلاثلاء الموافق 11 سبتمبر 2001 م قام بتنفيذها 19 شخصا انقسم منفذو العملية إلى 4 مجموعات تم تنفيذ الهجوم عن طريق اختطاف طائرات نقل مدني تجارية، ومن ثم توجيها لتصطدم بأهداف محددة. وكانت أول هجمة بنيويورك في حوالي الساعة 8:46 صباحا بتوقيت نيويورك، حيث اصطدمت إحدى الطائرات المخطوفة بالبرج الشمالي من مركز التجارة العالمي. وبعدها بدقائق، في حوالي الساعة 9:03، اصطدمت طائرة أخرى بالبرج الجنوبي. وبعد ما يزيد عن نصف الساعة، فى واشنطن اصطدمت طائرة ثالثة بمبنى البنتاجون. الطائرة الرابعة كان من المفترض أن تصطدم بهدف رابع، لكنها تحطمت قبل الوصول للهدف. حدثت تغييرات كبيرة في السياسة الأمريكية عقب هذه الهجمات، والتي بدأت مع إعلانها الحرب على الإرهاب، الذي أدى للحرب في افغانستان وسقوط نظام حكم طالبان فيها، والحرب على العراق، وإسقاط نظام الحكم هناك أيضا. وبعد أقل من 24 ساعة على الأحداث، أعلن حلف شمال الأطلسي أن الهجمة على أية دولة عضوة في الحلف هو بمثابة هجوم على كافة الدول التسع عشرة الأعضاء. وكان لهول العملية أثرا على حشد الدعم الحكومي لمعظم دول العالم للولايات المتحدة ونسي الحزبين الرئيسيين في الكونجرس ومجلس الشيوخ خلافاتهما الداخلية. أما في الدول العربية والإسلامية، فقد كان هناك تباين شاسع في المواقف الرسمية الحكومية مع الرأي العام السائد على الشارع الذي كان إما لا مباليا أو على قناعة أن الضربة كانت نتيجة ما وصفه البعض «بالتدخل الأمريكي في شؤون العالم». بعد فترة قصيرة من أحداث 11 سبتمبر، وجهت الولاياتالمتحدة أصابع الاتهام إلى تنظيم القاعدة وزعيمها أسامة بن لادن. ومن الجدير بالذكر أن القوات الأمريكية قالت أنها عثرت فيما بعد على شريط في بيت مهدم جراء القصف في جلال آباد في نوفمبر 2001 يظهر بن لادن وهو يتحدث إلى خالد بن عودة بن محمد الحربي عن التخطيط للعملية. وقد قوبل هذا الشريط بموجة من الشكوك حول مدى صحته ولكن بن لادن -في عام 2004 م- وفي تسجيل مصور تم بثه قبيل الانتخابات الأمريكية في 29 أكتوبر 2004 م، أعلن مسؤولية تنظيم القاعدة عن الهجوم وتبعا لمكتب التحقيقات الفيدرالي، فإن محمد عطا -والذي يسمى أيضا محمد عطا السيد- هو الشخص المسؤول عن ارتطام الطائرة الأولى ببناية مركز التجارة العالمي. كما اعتبر عطا المخطط الرئيسى للعمليات الأخرى التي حدثت ضمن ما أصبح يعرف بأحداث 11 سبتمبر. ومنذ الحادي عشر من سبتمبر، وشبكة فولتير الدولية الفرنسية تعمل رغم العقبات على تسليط الضوء أكثر حول هذه الاحداث وتداعياتها على الساحة الدولية، في تحقيقات مستقلة تجريها الشبكة في الوقت الذي لايزال فيه غالبية الصحافيين الأمريكيين والفرنسيين يصدقون الرواية الرسمية لإدارة بوش بخصوص أحداث 11 سبتمبر 2001, يبدو أن عدد المواطنين الأمريكيين الذين يشككون في ما يطلق عليه إسم "المؤامرة الإسلامية" يزداد يوما بعد يوم، وهو حال 42 في المائة منهم. معارضتهم هذه لمضامين الرواية الرسمية تغدي لديهم وفي عقر دارهم نوعا من الريبة والحذر حيال كبريات وسائل الإعلام، وشكلا من أشكال الرفض للمؤسسات السياسية. ولم يستمع الكثيرون ممن لا يزالون يسعون للبحث عن الفاعل إلى أصوات من يحذرون من استغلال الحادث في تكريس تلك المقولة المشبعة برائحة الدم الداعية إلى صدام الحضارات وتغيير خريطة الجغرافيا السياسية في الكثير من مناطق العالم الحساسة. صحيح أن الحادث كان فرصة للمخططين الإستراتيجيين الأميركيين لإعادة ترتيب أحجار كثيرة كانت قد تبعثرت بين أيديهم على رقعة شطرنج السياسات الخارجية في السنوات الماضية، فبدأ الترتيب في أفغانستان وأتجه صوب العراق وإيران وسوريا ولبنان وباكستان وغيرها من البلدان التي كانت تظن أن علاقتها بواشنطن من القوة والصلابة بحيث تقاوم كل عوامل التعرية.. هذا كله صحيح لكن من غير المعقول ألا تقاوم هذه الدول ما يمس أمنها ويهدد حاضرها ومستقبلها تحت وهم أن المخططات الأميركية في هذا النظام الدولي الجديد قدر محتوم لا فكاك منه ولعنة ستحل بمن تريد سواء أكان موجودا على ظهر الأرض أم اختبأ في باطنها. ويذكر، أن لجنة التحقيق فى هجمات 11 سبتمبر 2001 آنذاك والتى أصدرت تقريرها فى ألقت فى مؤتمر صحفى لاصدار التقرير النهائى حول الهجمات الارهابية اليوم الخميس باللوم على الحكومة الامريكية بشأن الهجمات ، واقترحت اجراء اصلاح شامل لاجهزة المخابرات الامريكية، وقال توماس كين رئيس اللجنة "اننا لم ندرك حجم التهديد الذى تجمع على مدى فترة طويلة من الوقت. وكما اوضحنا فى تقريرنا فان هذا كان بمثابة فشل فى السياسة والادارة والقدرة والاهم من هذا كله انه كان فشلا فى التصور." وقال كين "ان ايا من الاجراءات التى اتخذتها الحكومة الامريكية قبل 11 سبتمبر لم يعوق او يوقف تقدم مؤامرة القاعدة."وقد نسبت الولاياتالمتحدة الى تنظيم القاعدة الهجمات الارهابية التى ادت الى مقتل حوالى 3 الاف شخص فى 11 سبتمبر 2001 ، وانتقد كين الحكومة لفشلها فى وضع خاطفى الطائرات المحتملين على قائمة المراقبة قبل ان يصلوا الى الولاياتالمتحدة ، وفشلها فى الربط بين زكريا موسوى الذى حاول استخدام طائرة فى عمل ارهابى وبين تصاعد مؤشرات الهجمات ، وفشلها فى كشف الوثائق المزورة فى طلبات الحصول على تأشيرات دخول ، وفشلها فى توسيع قائمة الممنوعين من السفر لتشمل اسماء من قائمة المراقبة. واضاف قائلا "ان هذه الامثلة تمثل جزءا من صورة الامن القومى على النطاق الاوسع حيث فشلت الحكومة فى حماية الشعب الامريكى. ان الحكومة الامريكية ببساطة لم تكن نشطة بالشكل الكافى فى مكافحة التهديد الارهابى قبل 11 سبتمبر." وأكد كين ان هذه الاخفاقات وقعت على مدى سنوات طويلة وفى عهد العديد من الادارات. وقال كين " لا يوجد افراد بعينهم يمكن تحميلهم مسئولية اخفاقاتنا. الا انه لا يمكن اعفاء الافراد والمؤسسات من المسئولية تماما. فكل مسئول كبير فى حكومتنا خلال هذه الفترة يتحمل عنصرا ما من المسئولية عن تصرفات حكومتنا."وقال كين ان اللجنة المعروفة رسميا باسم اللجنة القومية الخاصة بالهجمات الارهابية على الولاياتالمتحدة لم تعثر على اية صلة بين العراق وهجمات 11 سبتمبر 2001 الارهابية. " ولم نعثر على اية صلة من اى نوع بين العراق والهجمات فى 11 سبتمبر . وهذه العلاقة ليس لها وجود بالمرة ." واضاف ان اللجنة لم تعثر ايضا على اى دليل على وجود دور ايرانى فى هجمات 11 سبتمبر الارهابية. وقال " انه لا يوجد دليل بالمرة على ان ايران علمت اى شيئ عن الهجوم فى 11 سبتمبر او انها ساعدت هذا الهجوم بأى شكل كان ". واعلن لى هاملتون نائب رئيس لجنة 11 سبتمبر توصيات اللجنة للحكومة. وقال هاملتون "علينا اقامة مركز قومى لمكافحة الارهاب لتوحيد جميع اجهزة المخابرات وعمليات مكافحة الارهاب فى الداخل والخارج فى منظمة واحدة ." وقال هاملتون " اننا نوصى بتعيين مدير قومى للمخابرات . اننا بحاجة للوحدة فى جهودنا فى مجتمع المخابرات." وبالنسبة للساحة الدولية ، قال هاملتون " اننا بحاجة لضمان ان دولا رئيسية مثل افغانستان وباكستان والمملكة العربية السعودية مستقرة ، وقادرة ، ومصممة على مكافحة الارهاب. ونحتاج للحفاظ على تحالف الدول التى تتعاون بشكل ثنائى ومتعدد الاطراف معنا فى مهمة مكافحة الارهاب." وتأتي الذكرى السادسة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر وسط أجواء سياسية جديدة على الولاياتالمتحدةالأمريكية يذكربعض المراقبين أنها لم تمر بها من قبل الذى يوضحه المعركة السياسية والإعلامية العنيفة بعد انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكي بمجلسيه التي سيطر فيها الديموقراطيون على مجلسي الشيوخ والنواب. والوضع الذى آل إليها حال الولاياتالمتحدة جعلت جميع أطراف اللعبة السياسية الدولية تُعيد النظر في علاقاتها مع هذا القطب الدولي وتقييمها للولايات المتحدة كقوة عظمى.ويتجلى ذلك واضحًا في لغة التحدي التي تتبناها بعض قوى العالم المستقلة القرار ضد واشنطن وسياساتها ، وأبرز هذه القوى إيران وفنزويلا ، وبعض حركات المقاومة الإسلامية في الشرق الأوسط التي استطاعت ترتيب عناصر القوة المتاحة لها، واستغلال الظروف الإقليمية والدولية لقلب الطاولة على الولاياتالمتحدة وإسرائيل. وأخيرًا، تداعيات أحداث الحادى عشر من سبتمبر مازالت مستمرة فقد تعطُّلت الكثير من المشروعات الأمريكية في الوطن العربي والإسلامي والعالم ، وما أكثر هذه المشروعات، وكلما مرت شهور وظن الناس أنهم قد استراحوا جاءتهم من جديد توابعه لتذكرهم أن استعادة الهدوء والاستقرار على ظهر هذا الكوكب بات مطلبا عزيز المنال. 11/9/2007