لم تستطع وكالات الإغاثة إخفاء بواعث قلقها العميق فى تقاريرها حول مواجهة الأوضاع الإنسانية فى الصومال لمزيد من التدهور نتيجة لقتال فى مقديشو يعد الأعنف في الأونة الأخيرة، حيث حذرت من صعوبة الوصول الى المحتاجين من السكان الصوماليين بسبب القتال ، حيث غادرألاف الصوماليين المدينة سيراً على الاقدام او باستخدام وسائل النقل البدائية . ولكن هل وجد هؤلاء بعد مغادرتهم المأوى والغذاء ؟ المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة أعلنت ان قرابة تسعين الف شخص فروا من العاصمة الصومالية او نزحوا داخل المدينة بسبب المعارك العنيفة التي وقعت نهاية الاسبوع بين المسلحين والقوات الصومالية والاثيوبية. واشارت التقديرات الاخيرة التي جمعتها المفوضية العليا لشؤون اللاجئين من شركائها المحليين فى الصومال الى ان حوالي 46 الف شخص فروا من اعمال العنف منذ بداية الأسبوع، واقاموا على الطريق بين مقديشو وبلدة افغوي على بعد نحو 30 كلم غرب العاصمة. من جهتها، عبرت منظمة "العمل ضد الجوع" في بيان نشرته في باريس عن "قلقها من تدهور الوضع الانساني الناجم عن تصاعد العنف حاليا" في الصومال، منددة ب"تفاقم انعدام الامن بشكل غير مقبول". واعتبرت المنظمة ان هذه المعارك تتسبب بتفاقم الوضع الانساني خصوصا في مقديشو وجوارها "فيما تشير في الاساس مؤشرات عديدة الى وجود سوء تغذية وعمليات نزوح السكان القلق". وشراسة المعارك تحد بحسب المنظمة الانسانية من حصول السكان على "الخدمات الحيوية المتوافرة في العاصمة" مثل المراكز الطبية او الغذائية التابعة للمنظمة كما ان "العاملين في المجال الانساني انفسهم يلقون صعوبات متزايدة في الوصول الى الاكثر فقرا بسبب انعدام الامن". واشارت المنظمة الى ان 25% من الاطفال المصابين ب"سوء تغذية كبير" والذين كانوا يتلقون العناية في مراكزها اضطروا للمغادرة مع ذويهم بسبب المعارك التي كانت دائرة في الجوار. وتقوم منظمة "العمل ضد الجوع" بتنفيذ برامج عاجلة في مقديشو منذ 1992. ويستفيد من هذه البرامج خمسة الاف شخص شهريا بصورة مباشرة و50 الفا بصورة غير مباشرة من خلال برامج تطهير المياه. وكانت اربعون منظمة انسانية محلية ودولية عاملة في الصومال اكدت في بيان عدم قدرتها على تلبية الاحتياجات بشكل "فعال" إثر "الكارثة الانسانية الحالية" في الصومال بسبب تدهور ظروف عملهم. وكانت مواجهات هي الاعنف منذ اشهر حسب مصادر متطابقة، قد وقعت في نهاية الاسبوع الماضى في مقديشو بين متمردين، وبينهم عناصر ميليشيات اسلامية، وبين القوات الصومالية المتحالفة مع الجيش الاثيوبي الذي يدعم الحكومة الصومالية. واعتبرت المفوضية العليا للاجئين ان هذه المعارك التي بدأت منذ مطلع العام ارغمت ما مجموعه 400 الف شخص على الفرار من العاصمة غالبيتهم لم يعد ،كما لقى مئات المدنيين حتفهم . التقارير الدولية تشير الى أن عشرات الآلاف من النازحين يقيمون في مخيمات بلا ماء ولا غذاء ولا أغطية بعد هربهم من العنف في مقديشو،وأقام عدد كبير منهم مأوى مؤقتاً على الطريق مستخدمين الاقمشة البالية والعصي. العنف يتزايد فى الصومال نتيجة رغبة الحكومة الصومالية المؤقتة فى فرض سلطتها على البلاد إلا أنها تتعرض قواتها والقوات الاثيوبية المتحالفة معها لهجمات يومية من المتمردين. الأممالمتحدة تشير أيضاً الى ان مليون ونصف مليون صومالي في حاجة الى مساعدة دوليةعاجلة ليس بسبب الحرب الاهلية وحدها وانما تضافر معها عامل آخر وهو تراجع المحاصيل الى ادنى مستوى منذ عشر سنوات بسبب الجفاف ونقص الامطار الذى تواجهه البلاد. سفن المساعدات تتعرض للقرصنة يذكر أنه حتى السفن البحرية المحملة بالمساعدات و المتوجهة الى الصومال تتعرض للنهب والسرقة من جانب القراصنة ، ورداً على ذلك ، أعلن ضابط في البحرية الفرنسية ان سفينة حربية فرنسية ستؤمن الحماية ابتداء من منتصف نوفمبر للسفن المحملة بالمساعدات الغذائية المرسلة الى الصومال. وكانت سفينة لبرنامج الغذاء العالمي قد نجت مؤخراًمن هجوم قبالة سواحل الصومال، ما يشير الى نوع الصعوبات التي تواجهها الفرق الانسانية لتأمين المساعدات للصوماليين. وقال الاميرال جاك لوناي قائد منطقة المحيط الهندي البحرية، «ننوي ارسال فرقاطة لمواكبة سفن المساعدة الغذائية لبرنامج الغذاء العالمي من مومباسا الى مقديشو ابتداء من منتصف نوفمبر وحتى منتصف يناير»،واضاف ان «هذه العملية دفاعية ورادعة، لكننا سنرد اذا ما تعرضنا لهجوم». وكان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قد اعلن في سبتمبر الماضى استعداد فرنسا لإرسال سفينة لتأمين حماية القوافل. ومنذ بداية 2007، وقعت هجومات عدة على بعد حوالي 3700 كلم من السواحل الصومالية. ويذكر أن برنامج الغذاء العالمي كان قد اضطر في 2005 الى وقف نشاطه البحري مؤقتا في الصومال على اثر هجوم شنه قراصنة على اثنتين من سفنه. وانتشرت القرصنة قبالة الصومال منذ انزلقت البلاد نحو الفوضى بعد أن أطاحت ميليشيات بالدكتاتور العسكري محمد سياد بري عام 1991 . ويزعم كثير من القراصنة انهم "خفر سواحل" يحرسون مياههم من الصيد غير المشروع وإلقاء المخلفات السامة. وتصاعدت الهجمات في البحر منذ الإطاحة في يناير كانون الثاني بالاسلاميين الذين سيطروا على معظم أنحاء جنوب الصومال في النصف الثاني من عام 2006 . ويذكر أنه وبسبب الحالة المزرية للطرق والتسيب الامني الشامل، يصل حوالى %80 من المساعدة الانسانية المرسلة الى الصومال على متن السفن. من ناحيته أعرب التكتل الأوروبي خلال الشهر الماضى عن قلقه إزاء تدهور الأوضاع الإنسانية في الصومال وتحديدا في المناطق المتاخمة للحدود الإثيوبية الصومالية. وقال بيان للرئاسة الدورية الأوروبية التي تتولاها البرتغال ونشر في بروكسل إن التكتل الأوروبي يعرب عن قلقه أمام ما أورده تقرير البعثة الإنسانية التابعة للامم المتحدة والتي قامت بزيارة مؤخرا للمناطق الحدودية بين الصومال وإثيوبيا وسجل انهيارا فعليا للأوضاع الإنسانية هناك. وطالب البيان الأوروبي إثيوبيا بان تنفذ كافة البنود والتوصيات الواردة في تقرير الأممالمتحدة وخاصة حماية المدنيين من ضحايا الصراع . وتكافح الحكومة الصومالية المؤقتة التي تدعمها الاممالمتحدة لفرض سلطتها على البلاد وتتعرض قواتها والقوات الاثيوبية المتحالفة معها لهجمات يومية من المتمردين. السلام ضرورى لتحسين الاوضاع أفادت منظمات الإنذار المبكر التابعة للأمم المتحدة بأن حوالي 10,000 طفل في منطقتي شبيلي السفلى والوسطى في الصومال يعانون من سوء تغذية حاد وهم عرضة لخطر الموت في ظل الارتفاع الكبير في أسعار السلع الغذائية واستمرار النزاع المسلح في الحيلولة دون الوصول إلى المناطق المتأثرة. وقالت وحدة تحليل الأمن الغذائي للصومال التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة وشبكة أنظمة الإنذار المبكر للمجاعة في بيان مشترك لهما بأن الوضع الإنساني المستمر في التدهور بشكل سريع جاء نتيجة للآثار المتراكمة للنزاع وانعدام الأمن واستمرار النزوح المدني الذي شمل أكثر من 600,000 شخص. وأكد آخر استطلاع حول التغذية في شبيلي أجرته شبكة أنظمة الإنذار المبكر للمجاعة أن معدلات سوء التغذية الشديد وصلت إلى 17 بالمائة ومعدلات سوء التغذية الحاد إلى 4.8 بالمائة، وهذه نسبة تفوق الحد الذي وضعته منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة والذي ينحصر في 15 بالمائة. ويقدر البيان أن "حوالي 38,000 طفل دون سن الخامسة في المناطق الريفية يعانون من سوء تغذية شديد، 10,000 منهم تقريباً يعانون من سوء تغذية حاد وهم عرضة للموت إذا لم يحصلوا على العناية المناسبة". وأضاف البيان أن تدني جودة المياه والصرف الصحي ومحدودية الخدمات الصحية وازدياد معدلات المشاركة بالطعام وصعوبة الحصول عليه، كلها أسباب أدت إلى مثل هذه النسب. فقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية بما يفوق قدرة معظم النازحين بعد انخفاض معدلات إنتاج الحبوب إلى أدنى حد منذ 13 عام، والتوقف المستمر للأنشطة التجارية والتضخم والانخفاض السريع لقيمة العملة الصومالية. وقد أدى القتال المتجدد في مقديشو إلى تعطيل الأنشطة الاقتصادية، مما يحد من سبل كسب العيش ويزيد من الاحتياجات الإنسانية. من جهته، طالب كريستيان بالسيف-ألسين، المنسق المقيم للأمم المتحدة بالصومال، جميع الأطراف المتورطة في النزاع بتخفيض معاناة المدنيين إلى الحد الأدنى وتسهيل الوصول لتقديم المساعدات الإنسانية. وقال بالسيف-ألسين أنه "على جميع الأطراف بمن فيهم القوات الإثيوبية احترام القانون الدولي الإنساني...وخاصة التفريق بين المدنيين والمقاتلين في أوقات النزاع المسلح وعدم استهداف المباني المدنية". وكانت منظمة قد أشارت فى تقرير لها صدر فى اغسطس 2006 الى أن 1.8 مليون صومالي بحاجة إلى المساعدات الإنسانية العاجلة، فضلا عن وسائل دعم سبل العيش . وحذرت المنظمة أنه في حال تصاعد حدة الأزمة السياسية التي تفضي إلى نزاع واسع النطاق فإن الأزمة الإنسانية ستتفاقم بدرجة هامة في عموم الأطراف الوسطى والجنوبية من الصومال. وطبقاً لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) فإن كثير من الفئات فى الصومال تحتاج إلى تدخل طارئ يركز على الاحتياجات العاجلة، مثل زيادة فرص الحصول على الأغذية ،بالإضافة إلى المساعدات في قطاعات مثل المياه، والملاجئ، والصحة العامة والنظافة. كما تبرز الحاجة إلى دعم سبل العيش، مثل ترميم وإدامة الآبار ومجمعات المياه، وتوفير الدعم لإعادة استغلال الأراضي الزراعية المتروكة وتطوير بنى الري التحتية، وزيادة فرص الحصول على القروض المالية والإعفاءات من الديون وتحسين فرص حصول الإنسان والمواشي على الخدمات الصحية. وكانت الفاو قد شددت فى تقرير سابق لها عن الأوضاع فى الصومال على ضرورة تعزيز الجهود الرامية إلى تحقيق السلام والحيلولة دون وقوع النزاعات من قبل جميع الأطراف القطرية والدولية، الأمر الذي يكتسب أولوية قصوى نظراً للعواقب الإنسانية البالغة لحدوث نزاع واسع النطاق على الأوضاع الإنسانية القائمة جنوبي الصومال. 6/11/2007 المزيد من التقارير والملفات