بالرغم من استمراراختلاف وجهات النظر بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية حول حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية التى سيتم تشكيلها بمشاركة فتح وحماس ، اختتم لقاء الرئيس الفلسطينى محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلى إيهود أولمرت أمس فى القدس ولكن دون إشارة تُذكر حول تحقيق تقدم نحو السلام ، واتفقا على عقد مزيد من اللقاءات مستقبلاً . وقال محمد دحلان – وهو مساعد بارز لعباس وحضر جانباً من الاجتماع الذى دام لمدة ساعتين ونصف الساعة – أن اللقاء اتسم بالصراحة الشديدة وكان صعباً جداً ، وأنه جرت مناقشة الكثير من القضايا بما فى ذلك حكومة الوحدة الوطنية ، مُشيراً إلى أن الجانب الفلسطينى شدد على أنها تمثل شاناً داخلياً فلسطينياً . بينما وصف رئيس دائرة المفاوضات فى منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات ، الاجتماع بأنه كان إيجابياً على الرغم من أنه لم يخل من النقاط الخلافية والصعوبات ، وأكد عريقات فى مؤتمر صحفى أن الرئيس الفلسطينى شرح المبادرة العربية للسلام واتفاق مكة وقضية الأسرى ، بمن فيهم النواب والوزراء والقادة ، وتثبيت التهدئة المعلنة منذ نوفمبر الماضى بشكل متبادل ، وقال عريقات إنه يمكن عقد اجتماعات لدراسة إمكانية توسيع التهدئة لتشمل الضفة الغربية ، وأضاف أن عباس أكد وجوب إطلاق عملية سلام ذات مغزى بهدف تحقيق رؤية الرئيس الأمريكى جورج بوش عن قيام دولتين إسرائيلية وفلسطينية . وموقف أولمرت اتسم بالتشدد خلال الاجتماع ، حيث هدد بمقاطعة حكومة الوحدة التى يشكلها عباس مع حركة المقاومة الإسلامية " حماس " مالم تعترف بإسرائيل وتنبذ العنف وتقبل اتفاقات السلام المؤقتة ، كما تطالب لجنة الوساطة الرباعية الدولية المعنية بعملية السلام فى الشرق الأوسط ، بينما تعهد بالإبقاء على قناة اتصال مفتوحة مع عباس ، وهى سياسة تشجعها الولاياتالمتحدة التى تعتزم إرسال وزيرة الخارجية كونداليزا رايس مجدداً إلى المنطقة خلال الأسابيع القليلة القادمة . وأشارت مصادر إسرائيلية أن أولمرت وعباس أمضيا جانباً من الاجتماع فى محادثات مغلقة لم يحضرها أى من مساعديهما واتفقا على مواصلة المحادثات بانتظام ، ومن جهة أخرى ذكرت مصادر فلسطينية لوكالة الصحافة الفرنسية أن مسئولين فلسطينيين وإسرائيليين أقاموا " قناة سرية " للتفاوض بهدف إحياء عملية السلام ، وأضافت المصادر التى طلبت عدم الكشف عن اسمها أن هذه الاتصالات جرت بين عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عبد ربه والمرشح لشغل منصب وزير المالية فى حكومة الوحدة الوطنية سلام فياض ، ووزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبى ليفنى ، وبحسب هذه المصادر التقى الثلاثة سراً مرتين فى الأسابيع الأخيرة ، وبحثوا القضايا الشائكة المرتبطة بالوضع النهائى للأراضى الفلسطينية وأهمها القدس واللاجئين والمستوطنات بالإضافة إلى مبادرة السلام العربية. واضافت المصادر أن أولمرت أخبر الرئيس الفلسطينى بأن إسرائيل لا تستطيع تحمل تواصل عمليات إطلاق الصواريخ على اسديروت والمجدل ، وأن عباس أكد لأولمرت أنه لن يدخر أى جهد للإفراج فى أسرع وقت عن الجندى الإسرائيلى الأسير جلعاد شاليط ، وكان أولمرت أعلن خلال الاجتماع الأسبوعى لحكومته أمس أن عباس أكد الالتزام بالإفراج عن شاليط قبل تشكيل الحكومة الفلسطينية . وحول رد فعل حماس على هذا اللقاء كان متوقعاً ، حيث قلل خليل أبو ليلة القيادى فى حركة المقاومة الإسلامية " حماس " من أهمية لقاء عباس وأولمرت ، وقالت فى تصريحات صحفية إن الشعب الفلسطينى لم يكن يتوقع أن يحقق هذا اللقاء أى نتائج ، وإسرائيل أصبحت تلعب بشكل مكشوف لتوهم العالم بأن هناك تقدماً ملموساً فى القضية الفلسطينية . ويُذكر أن قبل الاجتماع بساعات سعى أولمرت إلى إطلاق بالونات للاختبار لاستكشاف رد الفعل العربية ، حيث أشار إلى أن مبادرة السلام السعودية ، والتى تبنتها جامعة الدول العربية خلال قمة بيروت تضمنت العديد من الجوانب الإيجابية من وجهة نظر بلاده ، وعبر أولمرت عن رغبته فى أن يُشدد المشاركون فى القمة العربية المقبلة بالرياض فى 28 و 29 مارس على الجوانب الإيجابية للمبادرة السعودية ، مما سيتيح تعزيز فرص إجراء مفاوضات مع الفلسطينيين على هذا الأساس .