أكر من عزت النجار وعبد المنعم الاسطي: ما أشبه الليلة بالبارحة. وما أجمل أن يعيد التاريخ نفسه.. وما أحلاها كرة القدم عندما تفضح الكبار, وتطرح الأبطال.. وما أكثرها من إثارة عندما يلتقي نزلاء المجموعة الواحدة في المباراة النهائية بعدما ظنا ان لا تلاقيا.. ومن القاهرة2006 إلي غانا2008 كما بدأنا ننتهي. وفي الخامسة مساء اليوم بتوقيت غانا( السابعة بتوقيت القاهرة) وعلي الاستاد الرئيسي في العاصمة الغانية أكرا يلتقي منتخبنا الوطني في نهائي الأحلام مع نظيره الكاميروني لتحديد بطل النسخة السادسة والعشرين لبطولة كأس الأمم الأفريقية التي تعد واحدة من كبريات البطولات علي سطح المعمورة. ومباريات مصر والكاميرون تحتل بطبيعتها مكانة خاصة في القارة السمراء لما تتميز به من قوة وندية, وما يضمه الفريقان من نجوم لهم ثقلهم ومهاراتهم وفنونهم, ولكن مباراة الليلة فوق أنها علي كأس غالية, هي بمثابة تصفية حسابات قديمة تعود الي ما قبل عام2006 عندما أبي الفراعنة إلا أن يرضوا ضمائرهم, ويلعبون كرة نظيفة, ويتعادلون1/1 في المباراة الاخيرة لتصفيات كاس العالم التي قيمت بالمانيا عام2006 وهو تعادل ياوندي الشهير الذي أطاح بأسود الكاميرون لصالح كوت ديفوار رغم أن الفريق المصري لم تكن له غاية من المباراة بعد ان فقد الامل في التأهل علي يد كوت ديفوار. وزاد من أهمية النهائي المرتقب البداية غير الطبيعية لهذه البطولة عندما تخطي منتخبنا كل الحواجز, وكسر كل الإشارات, وضرب بكل التوقعات عرض الحائط بفوزه علي الاسود في ستاد بابا يارا بمدينة كوماسي وبالتحديد في22 يناير الماضي بأربعة أهداف مقابل هدفين في المباراة التي أقيمت بينهما في افتتاح مباريات المجموعة الثالثة, وهو الفوز المفاجيء الذي فتح شهية الفراعنة, ودق أجراس الخطر للاسود الذين فاقوا في الموعد المناسب, واثبتوا انهم ليسوا عواجيز وانتقلوا من فوز الي فوز حتي وصلوا الي المباراة النهائيةالتي كانت مثابة حلم, وبالتأكيد لن ينسي الاسود أن صدمة الهزيمة القاسية كانت وراء ان يخذوا غانا' كعب داير' من كوماسي الي تامالي ألي اكرا بعد ان احتلوا المركز الثاني في المجموعة! لم يكن وصول الفراعنة إلي المباراة النهائية سهلا ولا مفروشا بالورود, وإنما مر برحلة طويلة فرضت فيها كرة القدم اسلوبها ومكنت مفاجآتها من الضرب بكل التوقعات عرضالحائط وحقق فوزا كبيرا علي احد الفرق المرشحة بقوة للقب في الوقت الذي ظن فيه كثيرون ان الاسود سيطلقون علينا رصاصة الرحمة وسنفقد اللقب من الضربة الاولي, فإذا بهم يسقطون ضحايا دفعة الامل المصري, وكبرت الاحلام وتجاوزوا صقور الجديان أو منتخب السودان بثلاثة اهداف دون مقابل,وكان ختام الدور الأول أمام زامبيا وتعادلوا1/1 وحجزوا المركز الاول في المجموعة ليواجهوا أنجولا في دور الثمانية في واحدة من أصعب المباريات ولكنهم انتصروا وفازوا1/2 ليقطع الجميع بان النهاية ستكون علي يد افيال كوت ديفوار المنطلقين في البطولة باقصي سرعة يهزمون كل من يقابلهم ولكن المعدن المصري الاصيل ظهر في وقت الشدة وفاز الفراعنة بأربعة أهداف مقابل هدف واحد بعد مباراة لن تنساها الذاكرة المصرية والإيفوارية بسهولة. اما لفريق الكاميروني فقد فاق بعد الضربة الاولي واكتسح زامبيا بالخمسة والسودان بالثلاثة ليحتل المركز الثاني في المجموعة ويأخذ دورته الناجحة خارج كوماسي والتي شملت الفوز علي تونس بثلاثة أهداف مقابل هدفين وتجاوز غانا صاحبة الارض بهدف للاشيء ليصبح الغريمان وجها لوجه في المباراة النهائية. وإذا كان المنتخب المصري يسعي الي تامين الرقم القياسي في الفوز بالبطولة الأفريقية والوصول الي اللقب السادس ويقاتل من اجل تحقيق رقم شخصي بالفوز بالبطولة للمرة الثانية علي التوالي في تاريخه بعد ثنائية1957 و1959 فإن الفريق الكاميروني يحاول أن يعادل الرقم المصري وهو خمس مرات. والتقي الفريقان الكبيران مرة واحدة في المباراة النهائية وكان ذلك عام1986 وانتهي الوقتان الأصلي والاضافي بالتعادل السلبي ولكن نجح منتخبنا في الصعود إلي منصة التتويج بعد الفوز في ركلات الترجيج من نقطة الجزاء.. وتاريخ لقاءات الفريقين في بطولة الأمم الأفريقية بدأ منذ عام1984 وكان ذلك في الدور الأول وفاز منتخبنا بهدف دون رد سجله طاهر أبو زيد, لكنه لم يواصل المشوار وخرج من دور الأربعة علي يد نيجيريا في واحدة من كبري مفاجآت البطولة والمباراة التي كان المنتخب متقدما فيها بهدفين قبل أن بتعادل النسور ويصعدون بركلات الترجيح. وفي بطولة1988 بالمغرب فازت الكاميرون1/ صفر وفي بطولة جنوب أفريقيا1996 فازت أيضا1/2 وفي مالي2002 فازت بهدف للاشيء, وكان آخر لقاء بين الفريقين في بطولة تونس2004 وتعادلا بدون أهداف. ومباراة الليلة من العيار الثقيل الذي لا يمكن معه التكهن بالنتيجة أو حتي توقع خط سيرها للرغبة الجارفة لدي الفريقين في تسجيل انجاز كبير, وليس معني أن الفريق الكاميروني خسر الجولة الاولي ان الفوز عليه سيكون مضمونا. وحسب قواعد الساحرة المستديرة يدخل منتخبنا المباراة في ظروف أفضل من الفريق الكاميروني بعد ان سبقته الي اكرا سمعة طيبة تركها في كوماسي, وايضا مباراة تاريخية لقن فيها الاسود واحدا من اهم دروس كرة القدم, وهو ما يعني أن درجة الثقة عندنا ستكون في أعلي معدلاتها بعد أن أزال الفوز الكبير رهبة اللعب مع الأسود, ولكن يجب ان نضغ في الاعتبار اننا امام فريق لا يسلم بسهولة, ولا يلقي بأسلحته, ولا يكشف أوراقه إذا تعرض لضغوط حتي لوكانت فوق طاقته ولعل أبلغ دليل علي ذلك الثقل الكبير للفريق في مباراة المربع الذهبي أمام أصحاب الأرض ووسط جماهيرهم والتي انتهت بفوز كان يراه النجوم السوداء صعبا ان لم يكن مستحيلا! المباراة بلا شك غاية في الصعوبة ولكن منتخبنا أصبح لديه من الرصيد والقوي المعنوية ما يجعله جاهزا لخوض المباراة بكل ثقة طالبا الفوز ولا شيء غيره. وليس هناك ما يمكن ان يخفيه فريق علي الآخر بعد المارثون الأول بينهما والمتابعة الدقيقة لبعضهما خلال مباريات البطولة ودراسة الآخر بشكل لا يترك مجالا لعنصر المفاجأة, بما يعني أن الأوراق مكشوفة, وسيكون الفوز حليف الفريق الأهدأ أعصابا والأكثر تركيزا ومن يملك الدوافع الاكبر لرفع الكأس في سماء اكرا منتخبنا استعد نفسيا لهذه المباراة, واذا كان الجهاز الفني قد اكتفي بتدريب وحيد في الملعب قبل المباراة ب24 ساعة علي الملعب الذي تقام عليه المباراة فانه اعد اللاعبين نفسيا ومعنويا من خلال جرعات مكثفة لم تتوقف منذ الفوز علي كوت ديفوار في المربع الذهبي. ولن يغامر حسن شحاتة المدير الفني لمنتخبنا في هذه المباراة المرتقبة, ولن يكون هناك تغيير في التشكيل الذي بدأ مباراة الأفيال الا في حالة قدرة محمد شوقي علي المشاركة كما لن يختلف التكتيك ايضا وسيكون هناك تركيز علي ملء منطقة وسط الملعب والدفاع المحكم المنظم مع الاعتماد علي الهجمات المرتدة السريعة في محاولة لإستغلال عدم وجود عمق واتزان في الدفاع الكاميروني خاصة بعد غياب اندريه بيكلي الذي حصل علي كارت أحمر في لقاء غانا. ودارت في الساعات التي سبقت المباراة اجتماعات وحوارات بين اعضاء الجهاز الفني من ناحية وبينهم وبين اللاعبين من ناحية اخري بشأن المهام الخاصة في المباراة والتي يأتي في مقدمتها رقابة صامويل إيتو مصدر الخطورة والازعاج.