اهتمت الصحافة المصرية بزيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما المرتقبة إلي مصر في شهر يونيو المقبل وما اثارته من آراء مختلفة لرجال السياسة في الأحزاب السياسية المصرية ولكنهم يجمعون علي أهميتها بما تتضمنه من توجيه الرئيس الأمريكي لخطابه إلي العالم الإسلامي من قلب القاهرة لأول مرة. فأوردت جريدة الاهرام المصرية التأكيد علي دور مصر المحوري في العالمين العربي والإسلامي وأنها مفتاح التغيير المأمول في العلاقات الأمريكية العربية والإسلامية من جهة, وتصحيح الرؤية الخاطئة من قبل الإدارة الأمريكية السابقة لكيفية التعاطي مع الشأن المصري الداخلي من جهة أخري. هنا ينتهزها رجال الأحزاب المصرية فرصة لتوصيل رسالة شعبية باعتبارهم ممثلين لقطاع عريض من الشارع المصري, إذ يطالبون الإدارة الأمريكيةالجديدة, بفتح صفحة جديدة في العلاقات الأمريكية المصرية والعربية, وعدم التدخل في الشأن الداخلي المصري مطلقا, وانتهاج سياسة عادلة مع قضايا المنطقة, وفي القلب منها القضية الفلسطينية, وكذلك الوضع في العراق والسودان, علاوة علي دعوتها إلي نبذ الدعم الأعمي المقدم من قبلها للاحتلال الاسرائيلي, ومحو الصورة السيئة السابقة عن العرب والمسلمين, والتوقف أيضا عن السياسة الخشنة للإدارة الأمريكية السابقة في هذا الصدد. في البداية يؤكد الدكتور مصطفي الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب وعضو أمانة السياسات بالحزب الوطني الديمقراطي أن المواطن في الشارع المصري يتطلع إلي التهدئة علي الساحة الفلسطينية في المقام الأول وتوقف إسرائيل عن جرائمها بسبب عدم تكافؤ القوي إلي جانب أن اسرائيل تمثل قوة احتلال وأن ما يحدث في فلسطين إنما يرجع إلي استمرار الاحتلال والكل يعلم أن اسرائيل تستهدف الأرض والمياه والسلام والسيطرة والهيمنة علي المنطقة, وفي النهاية فإن اسرائيل ليست دولة بريئة ولم تتصرف في يوم ما من أجل مصلحة المنطقة, ولكنها تصرفت من نظرة ضيقة, حتي إنها تتصور الآن أنها تستطيع العيش وتحقيق الأمن دون موافقة الدول المحيطة بها, وفي ظل الظلم الواقع علي الفلسطينيين, لذلك فإن رجل الشارع في مصر يدرك أن إسرائيل بعيدة عن السلام وأن كل ما يجري إنما يتم لصالح إسرائيل لأنه بمرور الوقت يترسخ وضع الاحتلال في أذهان العالم ويعتاده. انتصار مصري : حول انعكاس زيارة الرئيس الأمريكي أوباما علي الشارع المصري والأحزاب المصرية وماذا ينتظر الجميع منها يقول الدكتور مصطفي الفقي: أعتقد أن الزيارة انتصار حقيقي للدبلوماسية المصرية, وإنني أرفض كل ما يقلل من قيمة هذه الزيارة أو يضعها في سياق أجندات أخري, وأشعر بالأسف من أن هناك بعض الأصوات المصرية التي شربت من ماء النيل وخرجت من رحم مصر طالبت الرئيس أوباما بالتوجه إلي أندونيسيا أو تركيا وليس مصر, وإنني أتفهم وجود معارضة سياسية في أي بلد, ولكن أن يصل الأمر إلي ضرب المصلحة العليا للوطن فإننا هنا ندق ناقوس الخطر. ويضيف: كنت أتمني أن يقبل أصحاب هذه الآراء بالاختلاف مع نظام الحكم في مصر وعدم تعارض أن تكون القاهرة هي عاصمة العالمين العربي والإسلامي وأن تتجه إليها الأنظار, حيث يوجه منها رئيس أكبر دولة في العالم كلمة إلي المسلمين من قاهرة الأزهر, وعاصمة مصر العربية الإسلامية الافريقية الشرق أوسطية. اختيار أوباما للقاهرة هو تعزيز للدور المصري وتأكيد لمكانة الكنانة التي ستظل دائما درة الشرق. تصحيح.. واعتراف : من جهته يؤكد الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع أن زيارة باراك أوباما لمصر تأتي تصحيحا لتوجهات الإدارة الأمريكية بتوجيه كلمته إلي العالم الإسلامي, مشيرا إلي أن نجاح زيارة أوباما لمصر يتوقف علي رؤية أوباما لقضايا المنطقة وكيف سيستثمر الدور المصري الزيارة إلي جانب رد الفعل الفلسطيني؟ وتشير أمينة النقاش نائب رئيس حزب التجمع إلي أن خطاب أوباما للعالم الإسلامي من مصر يكتسب أهمية خاصة من عدة زوايا أهمها أنه اعتراف بأن مصر أهم دولة اسلامية, وتأكيد لثقل مصر الإقليمي واعتراف بعقلانية السياسة المصرية في التعامل مع الملفات الشائكة في المنطقة من منطلق أن مصر تمثل الإسلام الوسطي وخاضنه الأزهر الشريف وفيها تناغم وتعايش بين مختلف المذاهب والأديان. وتضيف أن الزيارة تكتسب أهمية قصوي لأنها تتم في ظل الإدارة الأمريكيةالجديدة التي توجه خطابا لكل العالم بأنها تسعي لمحو العنف والتوحش اللذين قادت بهما ادارة سلفه العلاقة مع العالم وبالتحديد العالم الإسلامي, كما أن الزيارة فرصة طيبة لكي تكرس مصالح الدولتين مصر وأمريكا بشكل مغاير وربما تنطوي علي اعتذار عن السياسة الخشنة التي اتبعها سلفه والتي كانت تدير بها العلاقات مع مصر والتي انتهت بامتناع الرئيس مبارك عن زيارة الولاياتالمتحدة لمدة5 سنوات زادت فيها العلاقات توترا وفتورا. وتتابع القول إن زيارة أوباما تعتبر فرصة لكي تشرح الإدارة المصرية لإدارة أوباما أنه لا استقرار ولا حماية للمصالح الأمريكية في المنطقة بدون حل عادل للقضية الفلسطينية علي قاعدة الدولتين التي تطرحها والبنود الأخري التي تتضمنها المبادرة العربية. في نفس الإطار يرحب حزب التجمع بالزيارة ويتوقع سيد عبدالعال أمين عام الحزب نوايا حسنة من أوباما نظرا لما يظهره من سياسات وتصريحات تعطي بصيصا من الأمل في أن واشنطن ستغير سياساتها الهدامة تجاه العالم والشرق الأوسط علي وجه الخصوص. وقال عبدالعال إن أول ما يطالب به التجمع الإدارة الجديدة هو عدم الاقتراب من الشأن الداخلي المصري لأن المصريين هم الأقدر علي إدارة شئونهم, وكل مواطن مصري يقف خلف القيادة السياسية في وجه أي معتد. مشددا علي عدم اللعب بورقة الاخوان المسلمين لأنها ورقة خاسرة وإذا كانت واشنطن ترغب في اجراء حوارات اضافية للنظام فعليها اللجوء إلي الأحزاب. التدخل مرفوض : من جانبه يرحب حزب الوفد بالزيارة ويعتبرها خطوة ايجابية من الإدارة الأمريكيةالجديدة لأنها تدل علي مدي اهتمام أوباما بالشرق الأوسط خاصة مصر. وذكر عبدالعزيز النحاس المتحدث الإعلامي للحزب وعضو الهيئة العليا أن اختيار الرئيس الأمريكي مصر لتوجيه رسالته من أرضها إلي العالم الإسلامي له مغزي كبير, ويجب أن يلقي هنا كل التقدير والاحترام. وطالب النحاس بأن تغير الإدارة الجديدة لغة الحوار مع الدول العربية والإسلامية وأن تكون الزيارة بداية صفحة جديدة بين أمريكا والدول الإسلامية. وقال إن التدخل في الشئون الداخلية المصرية خط أحمر لن يقبله أحد, وإن حل القضية الفلسطينية سيجعل أي مشكلة أخري في المنطقة سهلة الحل. أين التغيير؟ : في الحزب الناصري يري أحمد عبد الحفيظ الأمين المساعد للحزب أن السياسات الأمريكية في المنطقة العربية غير قابلة للتغيير الجدي, وأن الرؤساء الأمريكيين قاموا بزيارات من قبل لمصر والمنطقة العربية ولم يحدث أي تطوير في العلاقات ولكن إذا كانت زيارة أوباما ستحدث تغييرا في النظر في حل القضايا العربية وأهمها القضية الفلسطينية فنحن نبارك هذه الزيارة ولكن حتي الآن, ومنذ تولي أوباما مقاليد الأمور في الولاياتالمتحدة لم نر أي تغيير في السياسات الأمريكية. ويري أنه لا يوجد خلاف كبير مع الإدارات الأمريكية السابقة ولكن كانت دائما العلاقات جيدة مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة ونأمل أن نجد في الإدارة الأمريكيةالجديدة التغيير الاكيد في التعامل مع العرب والمسلمين بالمنطقة العربية والطريق الجديد لحل جميع القضايا التي لم تجد أي حلول حتي الآن في الشرق الأوسط.