اعتبرت دراسة حديثة عن مرفق السكة الحديد في مصر أن مبلغ السبعة مليارات جنيه الذي وفرته الدولة لإعادة هيكلة هذا المرفق برغم ضخامته لن يكفي لمهمة الإصلاح، وطرحت في الوقت نفسه عدة أساليب للهيكلة أهمها الخصخصة وتحرير التسعير ونزع القيود عن السكك الحديد. وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط أن الدراسة - التي أعدها فريق من أساتذة الاقتصاد - تناولت ثلاثة أساليب لإعادة هيكلة السكة الحديد، أهمها وأولها أسلوب تفكيك حزمة النشاط ( فصل الأنشطة) وهو الأسلوب الذي اتبعته دول أوروبا وأستراليا من حيث عملية الفصل الرأسي لحركة النقل بالقطارات عن البنية الأساسية، وأن اختلف تطبيقه من دولة إلي أخري. وأوضحت الدراسة أن في بعض الحالات تمت إعادة الهيكلة المالية للخطوط لتصبح مستقلة إداريا ومحاسبيا بالكامل، وفي حالات ثانية، اقترن هذا الفصل بنقل ملكية بعض الخطوط التي يمكن تسعيرها تجاريا من الدولة إلي القطاع الخاص رغبة في وقف الخسائر الضخمة، بينما تم في حالات ثالثة تم وضع صيغ مختلفة لتحفيز القطاع الخاص علي الاستثمار في البنية الأساسية كصيانة القاطرات وخطوط السكك والعربات. أما الأسلوب الثاني، وهو الخصخصة الذي طبق في كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية وكندا واليابان وبعض الدول النامية في أمريكا اللاتينية فتم تحويل ملكية عدد من الأنشطة من الدولة، إلي القطاع الخاص خاصة في مجال نقل البضائع (الشحن) من خلال منح امتيازات للتشغيل أو البيع لمستثمر رئيسي مع استمرار التواجد الحكومي كمنظم ومراقب للخدمة في ظل تطبيق المنافسة. والأسلوب الثالث والأخير، وهو تحرير التسعير ونزع القيود عن السكك الحديدية فلا تتدخل الدولة في تحديد الأسعار أو نوعية الخدمة، وتترك تحقيق التوازن لقوي السوق، وقد تم تطبيقه في شمال أمريكا، حيث تتضح المنافسة الشديدة بين وسائل النقل المختلفة كالنقل البري أو النهري خاصة في الشحن ونقل الركاب داخل المدن ذاتها أكثر من النقل بين المدن وبعضها البعض. وقالت الدراسة إن مصر لا تختلف عن بقية دول العالم فيما تعانيه من مشكلات تمويل وإدارة وصيانة السكك الحديدية، خاصة فيما يتعلق بالجرارات ومستوي العربات وتجديد خطوط السكك الحديدية وتطوير كهربة الإشارات واستكمال وتحديث المحطات والمزلقانات وغير ذلك، مما يحمل الدولة عبء توفير استثمارات للقطاع. السكة الحديد وخطط التنمية ونوهت الدراسة إلى بعض الحقائق المتعلقة بمرفق السكة الحديد في مصر، أولها الدور المحوري الذي لعبته ولا تزال السكك الحديدية تلعبه لنشر العمران والتنمية في مصر، وبالتالي لا يمكن فصل هدف إصلاح هذا المرفق عن أهداف وخطط التنمية الاقتصادية بصفة عامة. وثاني هذه الحقائق يتمثل في أن أداء هذا المرفق العام تعرض إلي ما يشبه الانهيار خلال السنوات الأخيرة وتجسد هذا الانهيار في تراكم الخسائر وتعدد حوادث القطارات وتراجع دور السكك الحديدية سواء علي صعيد نقل الركاب أو البضائع. بينما تتمثل ثالث الحقائق في توافر إرادة سياسية ورغبة مؤكدة لدي الدولة لإصلاح مسار هذا المرفق المهم، وبالتالي لم تتردد الحكومة في توفير نحو 7 مليارات جنيه لإعادة هيكلة السكك الحديدية وهو مبلغ كبير تم اقتطاعه من قيمة رسوم رخصة المحمول الثالثة. أما رابع هذه الحقائق، فهي أن مبلغ السبعة مليارات جنيه رغم ضخامته لن يكفي بأي حال لانجاز مهمة الإصلاح وبالتالي يصبح الباب مفتوحا أمام عدة سيناريوهات منها الخصخصة بأشكالها المختلفة وإعادة الهيكلة وغيرها. وأوضحت الدراسة أن معظم مشروعات النقل بوجه عام والسكك الحديدية بوجه خاص تزيد فيها التكلفة الرأسمالية مع ضعف العائد النسبي لها، وطول الفترة اللازمة لاسترداده، مما يؤدي إلي عزوف القطاع الخاص عن المشاركة فيها، وقد أوجب ذلك استمرار الدولة في تقديم خدمات النقل ودعمها علي الرغم من الارتفاع المتواصل في التكاليف مما أثر علي مستوي الأداء ومن ثم علي تحقيق السلامة والأمان.