نسب الشفاء إرشادات عامة تحقيق: إيمان أنور زيارة واحدة لقسم الأطفال بالمعهد القومي للأورام تصيبك بالذهول، وإذا أعدت الزيارة بعد بضعة أسابيع ستصاب بذهول أكبر فالوجوه مختلفة لأطفال جدد، وهنا يبرز السؤال كيف انتشر المرض بهذه الصورة بين أطفالنا؟! والأغرب هو انتشاره في محافظات مصر كافة بلا استثناء، بل وفي العديد من دول العالم. محمد وابتسامه أمل تقول د. ريهام راشد - مدرسة بقسم أمراض الدم والتحاليل بالمعهد القومي للأورام – عند دخول الطفل إلى المعهد يعرض على عيادة الأطفال المتخصصة من قبل طبيب أطفال، وبعد أن يوضح الطبيب رأيه المبدئي عن الحالة نقوم بعمل فحوصات شاملة للطفل من تحليل للدم وأشعة وسونار تؤدي في النهاية إلى التشخيص الأكيد للحالة، وبعد ذلك يبدأ الطبيب المختص في العلاج. أسباب انتشار المرض د. معتصم العيادي – مدرس مساعد طب أورام الأطفال بالمعهد القومي للأورام - أكد انتشار سرطان الأطفال بنسبة عالية، مرجعا ذلك إلى التقدم الطبي الذي أظهر هذا الانتشار كما كشف أمراضا لم تعرف من قبل. وأضاف أن أسباب المرض ليست أكيدة، لكن هناك عدة عوامل قد تساهم فيه، أهمها: * العوامل الوراثية، التي تؤدي إلى حدوث طفرات جينية وتحول غير طبيعي للخلايا فتتكاثر بدون توقف وتدمر الخلايا التي حولها، وحدوث طفرات جينية قد ينتج عن تعرض الأب أو الأم للتلوث الإشعاعي أو النووي - بما يفسر ولادة أطفال مصابين بالمرض رغم عدم إصابة والديهم - أو تعرض الطفل نفسه لهذه الإشعاعات. كما أن زواج الأقارب قد يؤثر لأنه يساعد الطفرات الجينية في التمركز بشكل أكبر. وأوضح أنه عندما يأتي طفل مصاب بورم في الشبكية يقوم المعهد بعمل فحوصات شاملة لأسرته بالكامل لأن نسبة الوراثة في الشبكية عالية. سحر لم تتجاوز 11 شهرا * أيضا المبيدات والمواد المسرطنة لها دخل كبير في انتشار المرض. وقالت د. أسماء عطية - طبيبة بالمعهد - إن سرطان الدم والمعروف باللوكيميا من أكثر أنواع المرض انتشارا بين أطفال مصر، يليه سرطان العظام والمخ والغدد فوق الكلوية. وأكدت أن أسباب المرض الحقيقية غير معروفة حتى الآن، ولكنها اتهمت العادات الغذائية السيئة والوجبات السريعة لما بها من مواد مسرطنة، بالإضافة إلى الأغذية المحفوظة والمعلبات، بأنها السبب الرئيسي وراء انتشار السرطان . وتؤكد ذلك ملاحظات الممرضة "عالية علي" - تعمل بقسم الأطفال في المعهد منذ 14 عاما - التي قالت "نظرا لوجودي بالقرب من الأطفال وأهاليهم بصورة مستمرة، فقد لاحظت عليهم عادات غذائية سيئة للغاية، أهمها أكل الخضر والفاكهة مباشرة من الحقول بدون غسلها، كما يأكلون المقليات بصورة كبيرة". وأشارت في الوقت نفسه، إلى العوامل الوراثية وتأثيرها البالغ في الإصابه بالمرض الخبيث، موضحة أن وجود هناك حالات عديدة لأسر مصابة بأكاملها بالمرض. من جهة أخرى، أكد د. خالد دبش – حاصل على البورد الأمريكي في طب الأطفال من مؤسسة "كليفلاند كلينك" وزميل أكاديمية أطباء الأطفال الأمريكية - انتشار سرطان الأطفال في العالم كله وليس في مصر فقط. وقال إن نسبة إصابة الأطفال بالمرض في الولاياتالمتحدة مرتفعة للغاية، خاصة سرطان الدم والغدد الليمفاوية، مضيفا أن في ولاية أوهايو – حيث يعمل - من بين كل 1000 طفل يصاب 2. د. خالد دبش وأرجع د. دبش انتشار المرض إلى: * الاختلالات الوراثية، خاصة لدى الأطفال المنغوليين (وعددهم كبير في أمريكا). * التعرض للإشعاع (خاصة أن الولاياتالمتحدة من أبرز الدول الصناعية). * العلاج الكيميائي، فقد يعالج مريض بسرطان المخ كيميائيا وبسببه يتحول المرض إلى الدم. * اعتماد الأمريكيين بشكل أساسي في طعامهم على المعلبات والمواد الحافظة، فضلا عن قيامهم برش الفواكه والخضر بسبب الحشرات. * الفيروسات المنتشرة بأمريكا مثل فيروس EBV. * فيروس الالتهاب الكبدي الوبائي C والذي قد يؤدي إلى الإصابة بسرطان الكبد. * الهرمونات التي يطعمون الدواجن بها والزيوت المحروقة. نسب الشفاء وعن نسب الشفاء من السرطان ونتائج العلاج، قال د. معتصم العيادي إن نسب الشفاء بشكل عام عند الأطفال أعلى من كبار السن، وذلك لتحمل أجسادهم للعلاج بشكل أكبر. بينما أكدت الممرضة عالية علي - من خلال تجربتها العملية وملازمتها للأطفال - أن معظم حالات الإصابة بسرطان الدم يعود لها المرض من جديد، ونسبة الشفاء قليلة، ورغم العلاج فإن حالات الوفيات كثيرة لأن أغلب الأطفال يأتون للعلاج في وقت متأخر، بعد أن يتمكن المرض من أجسادهم الضعيفة، وبعد شهر أو شهرين تحدث الوفاة. وأوضحت أن معدل الحالات التي تأتي إلى المعهد تصل إلى نحو 500 حالة سنويا. وعن عمليات زرع النخاع، قالت د. ريهام راشد "نحن فى المعهد القومي للأورام نعد أول من بدأ عمليات زرع النخاع في مصر - وكذلك معهد ناصر - والحمد لله فإن نسب الشفاء معقولة، لكنها تتوقف على وجود متبرع مناسب، أنسجته متطابقة مع المريض، وفي هذه الحالة تصل نسبة الشفاء إلى 100% مع وجود الرعاية الكاملة بعد العملية، مما يكون له أبلغ الأثر سواء في إنجاح العملية أو إفشالها." وعن أبرز الحالات التي شفيت تماما بعد عملية الزرع، قالت أمل يحيى – ممرضه بالمعهد - "جاء إلينا طفل اسمه علي لطفي، وكان مصابا باللوكيميا، وبعد تلقيه للعلاج الكيميائي أجريت له عملية زرع نخاع من أخيه التوأم بمعهد ناصر وشفي تماما بعد نجاح العملية." أما عن نسب الشفاء في الولاياتالمتحدةالأمريكية، قال د. خالد دبش إنها مرتفعة وتصل إلى 90 %. وأرجع ذلك إلى التشخيص المبكر، واختراع العديد من الأدوية الجديدة لمحاربة المرض، حيث تقوم الحكومة منذ منتصف القرن ال20 بدعم شركات الأدوية بجزء كبير من ميزانيتها، وقد وصل الأمر إلى علاج بعض الحالات بهذه الأدوية في مدة لا تزيد عن 10 أيام. إرشادات عامة وعن أهم الإرشادات التي ينصح بها الأطباء الأهالي لحماية أطفالهم، قالت د. ريهام راشد إنه يجب على الأم ملاحظة طفلها بشكل دائم، وعرضه على الطبيب عند ملاحظة أي نزيف أو ارتفاع في درجة الحرارة و عند ظهور أورام صغيرة بجسمه أو بحدوث إسهال متكرر ورشح على الجلد. وأضافت أن العامل النفسي له أبلغ الأثر في شفاء الطفل عند إصابته بالمرض، لذا على الأم أن تشعر ابنها أنه ليس مريضا وأن حالته في تحسن مستمر، مشيرة إلى أن بالمعهد اخصائيا نفسيا بكل وحدة لعلاج الأطفال، كما يقوم المعهد بعمل حفلات ورحلات بشكل دوري للترويح عنهم، فهم محرومون من اللعب ومن ممارسة حياتهم بشكل طبيعي ويتساقط شعرهم ويتغير شكلهم جراء العلاج، مما يؤثر عليهم نفسيا. من جانبه، قال د. معتصم العيادي إن المشكلة في الأطفال تكون أصعب، لأن الأعراض عندهم مبهمة وغير واضحة ولا يستطيعون في أغلب الأحيان أن يعبروا عن آلامهم، ولكن على الأمهات ملاحظة أي شكوى مستمرة، سواء الشعور بالتعب أو ارتفاع درجة الحرارة، وفي هذه الحالة يجب عمل تحليل دم بشكل فوري لأن هذه قد تكون أعراض اللوكيميا. وأضاف أنه لا يمكن التهاون مع أي شكوى للطفل أو التعامل معها باستخفاف، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه ليس من مشجعي الفحص الروتيني للأطفال لعدم معرفة عن ماذا يتم البحث بالضبط، فالسيدات على سبيل المثال عند بلوغهن 40 عاما تجرى لهن فحوصات طبية للثدي والرحم لزيادة احتمال إصابتهن بالمرض في هذه المناطق في هذا العمر. وعلى نقيض ذلك، قال د. خالد دبش إن الفحص الروتيني هام جدا، ويطبق في الخارج على الأطفال باستمرار، مما يؤدي إلى سرعة اكتشاف الأمراض كافة، وبالتالي إلى سرعة الشفاء. وأضاف أن من أبرز أعراض الإصابه بمرض السرطان عند الأطفال، شعور الطفل بضعف عام، والدوار المتكرر، وضيق التنفس عند القيام بأي مجهود، وسرعة خفقان القلب، وارتفاع درجه الحرارة، والنزيف المتكرر. نظرة حزينة مترقبة للمستقبل وينصح د. دبش الأمهات بعرض أطفالهن على أطباء أطفال في الأساس قبل أي طبيب آخر، و إعطاء أبنائهن بعض التطعيمات الضرورية غير الإجبارية - فهي غالية الثمن لأنها ليست مدعمة - مثل الكبدي الوبائي "أ" والإنفلونزا البكتيرية. وأخيرا وليس آخرا، فإن السرطان استشرى معرضا حياة أطفالنا للخطر. واختلفت الآراء هل الإشعاعات هي السبب أم المبيدات أم عوامل الوراثة؟ فالكل يتكهن ولا أحد يعرف حقيقة هذ المرض الخبيث الذي يفتك بصغارنا دون أن نعرف كيفية مجابهته. ونأمل مع التقدم العلمي أن تظهر هذه الأسباب فنحمي أطفالنا من الإصابه بالمرض من الأساس، لأن الوقاية خير من العلاج.