«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"توريث الجينات".. لعنة تصيب أطفال مصر
أنيميا.. وسكر.. وسرطان.. أمراض قتل البراءة
نشر في اليوم السابع يوم 02 - 04 - 2008

قبل عام ونصف العام تقريباً تزوج "حسن" من "هدى" ابنة عمه كما يفعل كثير من أبناء الصعيد، وأنجبا "على" الذى بعد أن بلغ 6 شهور من عمره شحب لونه وصار لا يأكل تقريباً ولا يستطيع الحركة، حتى بكاء الأطفال لم يكن يسمعه أحد فى البيت..
"على" لم يكن أبداً طفلاً طبيعياً، لأنه ولد مصابا بمرض أنيميا البحر الأبيض المتوسط وكتب عليه المرض رحلة أسبوعية من المنيا حتى الدور الرابع لمستشفى أبو الريش لمتابعة حالته والجلوس لساعات على جهاز نقل الدم، وإلا لن يدخل المدرسة، لأنه سيموت قبل أن يكمل عامه الخامس.
على الرصيف المقابل فى نفس المربع الطبى بشارع قصر العينى اعتادت فاطمة (12عاماً) التردد على معهد السكر لمتابعة نسبة السكر فى دمها منذ أكثر من عامين، حاملة فى حقيبة صغيرة قلم الأنسولين الذى يصرفه لها كل 15 يوماً مستشفى التأمين الصحى باعتبارها تلميذة ضمن أكثر من 7 آلاف تلميذ يصرفون قلم الأنسولين، ويتعاملون معه كل يوم كما يتعاملون مع قلم المدرسة لكنه يظل الأهم لو كان البديل غيبوبة سكر ربما لا تفيق منها فاطمة لو أهملت يوماً وتناست وسط زخم طفولتها أن عليها أن تغرس سن قلم الأنسولين فى جسدها قبل أن تمضغ حبة لبان بالفراولة.
أنيميا مصر
أنيميا البحر المتوسط تصيب 9% من الأطفال المصريين وسكر الأطفال يعانى منه طفل من بين كل ألف، مع ذلك ليست وحدها أمراض قتل الطفولة فى مصر، فالقائمة تحوى ما هو أخطر وأكثر إيلامًا أيضًا.
الدور الرابع بمستشفى أبو الريش للأطفال هو المكان المخصص لأطفال أنيميا البحر الأبيض المتوسط، المرض الذى تحمل مصر المركز الأول فى عدد الإصابات به على مستوى العالم بلا منافس بنسبة تتراوح ما بين 7% إلى 10% من الأطفال ، فلا نسب ثابتة للإصابة حسب كلام الدكتورة آمال البشلاوى أستاذة أمراض الدم ورئيسة الجمعية المصرية لرعاية أطفال أنيميا البحر الأبيض المتوسط.
الدور الرابع هو مقر الجمعية، وأيضًا العلاج والمتابعة.. أو بمعنى أدق السيطرة على المرض حيث لا علاج منه، تستمر الرحلة الصعبة طوال الحياة منذ الشهر السادس من عمر المريض، وهى السن التى يكشف فيها المرض عن نفسه بكل شراسة، ستة أشهر لا أكثر يمكن للجسم الضئيل أن يتعامل مع المرض الذى يولد الطفل به لأسباب وراثية تماما كما تقول الدكتورة آمال: "المصريون وبشكل خاص يحملون الجين المسبب للمرض فى دمائهم، ليس كل المصريين ولكن نسبة غير قليلة، وقد لا يظهر المرض لديهم، فهناك حاملون للجين المتنحى منه وعندما يحدث أن يتزوج رجل وامرأة يحملان الجين فإن احتمال ولادة طفلهما حاملا للمرض تزيد على 90% ولذلك فإن لدينا حتى الآن ما يقرب من مليون و900 ألف طفل يعانون من أنيميا البحر الأبيض المتوسط، لأن آباءهم لم يجروا تحليلاً قبل الزواج ليتأكدوا من خلوهم من الجين، خاصة فى حالة زواج الأقارب الذى يكثر فى مصر جدًا، هؤلاء الأطفال يولدون ولديهم خلل فى الهيموجلوبين الموجود بكرات الدم الحمراء مما يؤدى لتراكم الحديد فى الدم والأعضاء الحيوية فى الجسم كالقلب والكبد والطحال ويصل حتى المخ نفسه، والحل الوحيد فى تلك الحالة هى عملية نقل الدم بشكل دورى كل 3 أسابيع ليقوم بما يعجز عنه دم المرضى من عمليات حيوية ويستمر هذا طوال الحياة ولو لم يحدث فإن النتيجة الحتمية هى الوفاة قبل أن يكمل الطفل عامه الخامس على أقصى تقدير".
طفولة .. مع وقف التنفيذ
على ورفقاؤه هل يمكنهم أن يعيشوا حياة طبيعية بعد عمليات نقل الدم هذه؟ السؤال كان منطقيًا لكن الإجابة كانت أصعب من أن يتقبلها منطق يعرف معنى أن يكون لديك طفل يحتاج أن يعيش طفولته.
دكتورة آمال تقول: "لابد أن نعترف أن منتهى أملنا مع هؤلاء الأطفال أن يحيوا بالأمل ودون تشوهات خطيرة"، طفل أنيميا البحر المتوسط لا علاج له، وحتى العلاجات الجديدة كعمليات زرع النخاع نسبة من يمكن أن تجرى لهم ضئيلة جدًا فلابد أن يكون المتبرع من أشقاء الطفل ونسبة أن يحدث التوافق لا تزيد عن 30% لو كان له أكثر من شقيق وتصل لنصف هذا الرقم أى 15% لو كان له أخ واحد وتكون نسبة النجاح حوالى 75% فقط على أقصى تقدير، فيما عدا هذا فلا بديل سوى الدم وأقراص تؤخذ لإنزال نسبة الحديد فى الدم مدى الحياة وتكلفة هذا الدواء غالية جدًا وتصل لحوالى خمسة آلاف جنيه شهريًا، وهو دواء مستورد والبديل الوحيد مضخة ثمنها ألفا جنيه تركب فى جسد المريض، لكن الأطفال لا يتحملونها ولا يكون أمام الأهل سوى الدواء الغالى لأنه يتم شربه عن طريق الفم.
ورغم هذا فطفل أنيميا البحر المتوسط يعانى من تغيرات فى شكله بسبب المرض فهو عادة يعانى من تشوهات فى شكل العظام خاصة عظام الوجه، وفى بعض أنسجة الجسم نتيجة لمحاولات الجسم للتعامل مع الحديد المتراكم فيه، هذا بالإضافة للون البشرة الشاحب والعجز الذى يبدو على شكلهم مبكرًا جدًا.
أما أخطر ما يصاب به هؤلاء حقا ولا نستطيع التعامل معه فهو إصابتهم بالالتهاب الكبدى "سى"، نتيجة عمليات نقل الدم المتكررة طوال الحياة، وهو الذى عادة ما يعجل بالوفاة، وحتى وقت قريب كنا نعتبر الوصول لسن 15 عاماً إنجازاً والآن يصل بعضهم لأكثر من 30 عامًا.
الموت بديلا!
البعض يبدأ حياته فى سن الثلاثين بينما هم يودعون الحياة، لم أرد أن أقول للدكتورة آمال البشلاوى إنى لا أرى هذا إنجازاً إن كان نهاية لرحلة معاناة تبدأ منذ عمر الستة أشهر، لكن يبدو أن الحياة لأطفال أنيميا البحر المتوسط حتى لو كانت بكل هذه المعاناة إنجاز لو كان البديل هو الموت.
"يعنى أسيبه يموت" جملة قالتها لىٍ أم محمد بينما كانت تجلس وصغيرها 5 سنوات قابع فى حجرها النحيف منتظرا جلسة الكيماوى يبكى بين وقت وآخر من الألم فى بطنه، لم يتحرك محمد لكى يلمس الزهور المرسومة ببراعة على الحائط أو يحاول الابتسام لشخصيات والت ديزنى الشهيرة فى قاعة مستشفى السرطان قبل عام ونصف العام، وأضافت : "الأطباء بيعالجوه بالكيماوى لو مفيش نتيجة قالوا إنهم هياخدوا عظم من رجله" سألتها هل سيتحمل، فجاء ردها مليئًا بكل حكمة الألم "يعنى أسيبه يموت"، نفس البديل أمام أكثر من 8 آلاف طفل سنويًا تظهر عليهم أعراض السرطان بأنواعه المتعددة نصفهم تقريبًا يصابون باللوكيميا أو سرطان الدم أكثر السرطانات انتشارا بين الأطفال فى مصر، كما يقول دكتور عماد عبيد أستاذ مساعد أورام الأطفال بمعهد الأورام "أكثر إصابات الأطفال هى اللوكيميا الليمفاوية الحادة، وغالبا ما تظهر لدى الطفل فى شكل حرارة حادة ومستمرة وشحوب ونزيف أحيانًا ويصاحبها أيضًا آلام فى عظام الطفل ويتم تشخيصها عن طريق طبيب الأطفال بعد إجراء التحاليل، وهى قابلة للشفاء بنسبة تصل إلى 75% ولكنها تأخذ حوالى 3 سنوات من العلاج الكيماوى فى الأغلب، بالإضافة لعلاجات أخرى، وهذه تصيب الطفل من سن 6 أو سبع سنوات وتمثل حوالى ثلث إصابات أورام الأطفال، وهناك نوع آخر أكثر صعوبة وهو لوكيميا حادة غير ليمفاوية،وهذه نسبة الشفاء فيها أقل ولا تزيد عن 50% بينما تأتى أورام المخ فى المرتبة التالية تصيب حوالى 15%، من أطفال السرطان ثم سرطان الغدد الليمفاوية فسرطان العظام وهى غالبا ما تصيب الأطفال فى مرحلة البلوغ وعندما تهاجم الأطفال الأصغر سنا تكون أكثر شراسة وعنفًا".
الإصابة بالسرطان غالبا ما تعنى فى ثقافتنا الموت، فهل مازال هو المعنى الوحيد للسرطان خاصة لدى الأطفال؟
التساؤل كان لابد منه والإجابة حملت بعض الأمل والمرارة، يقول دكتور عماد عبيد: "الشفاء ممكن خاصة فى اللوكيميا طبعا مع بعض الحرص الشديد فى المتابعة وملاحظة أى تغيير يحدث للطفل، ولكن هناك أنواعاً أخرى من السرطانات قد تشفى ولكن بعد أن تترك للطفل مشاكل أكثر إيلامًا كأورام المخ مثلاً، فقد يحدث أن تترك لدى الطفل إعاقة دائمة خاصة لو وصل الورم لبعض مناطق الإحساس أو الحركة لدى الطفل وتم التعامل جراحيًا مع الجزء المصاب كما أن أورام العظام لو لم تستجب للعلاج سواء الإشعاعى أو الكيماوى ففى هذه الحالة نضطر للتدخل الجراحى لاستبدال العظام المصابة بعظام أخرى سليمة أو بأطراف صناعية، وهذه العملية غالبًا ما تظهر نتائجها بعد سنوات، فغالبًا لا ينمو العظم الجديد بنفس الدرجة ويعانى الطفل من العرج طوال حياته كما أن العلاج الإشعاعى هو الآخر له مضاره على المدى الطويل فقد ثبت أنه يتسبب فيما بعد فى الإصابة بأنواع أخرى من الأورام لما يحدثه من تغيير فى تركيبة الخلايا، وبشكل عام فإن طفل السرطان طفل له وضع خاص جدًا فمناعته نتيجة للعلاج الصعب والطويل تكون أقل كثيرًا من الطفل الطبيعى، كما أنه يحتاج لمتابعة مستمرة ودورية لسنوات لحين التأكد التام من شفائه، أما الأزمة الحقيقية لو حدث وارتد المرض، للطفل فهذه إشارات ليست مبشرة بالمرة".
صغير جدًا كان أحمد "6 أشهر" لكنه لم يكن طفلاً عاديًا لم يكن ينمو تقريبًا يبلل حفاظاته بشكل غير طبيعى، مرهق كأنه رجل عجوز لا يتبادل الضحكات والحركات مع والديه، الجدة التى كانت تقيم مع الأبوين استشعرت شيئًا وحسمت الموقف عندما تذوقت بول الصغير كان حلو الطعم، لكنها حلاوة بطعم المرارة التى تعانى منها الجدة منذ عشرين عاماً، الصغير كان مصاباً بالسكر، لحق بجدته المريضة ولكن مبكرًا جدًا.
أكثر من 20 ألف طفل مصابون بالسكر، ثلث هذا الرقم تحت سن 3 سنوات وهى كلها أرقام تقديرية كما يقول الدكتور إبراهيم الإبراشى عميد المعهد شارحا "منذ عام 1992 لم تجر دراسة إحصائية للأمراض فى مصر وكل ما يخرج هو إما أرقام تقديرية بالقياس لعام 1992 أو ما تأتى به دراسات منظمة الصحة العالمية وهى أيضًا أرقام ليست دقيقة جدًا، ولكن ما يمكن أن نقوله إننا لدينا أزمة حقيقية اسمها مرض السكر والظاهرة الجديدة هى سكر الأطفال الذين باتوا من ضمن المرضى المترددين علينا بشكل دورى".
الدكتور هشام الحفناوى استشارى ورئيس قسم الأطفال بمعهد السكر قدم لنا تفاصيل إضافية عن المرض قائلاً: "أطفال السكر نعتبرهم مرضى يحرمون بحق من طفولتهم، فنحن نطلب من طفل يعشق اللعب والحلوى ألا يفعل أكثر ما يحب، لكن رغم ذلك فالأمر ليس مستحيلاً فالاعتياد يعلم الالتزام فالطفل بعد فترة يتعايش رغم المعاناة مع المرض".
ولكن كيف يحدث المرض؟ يقول الدكتور هشام: "هناك بعض الأطفال يصابون به بعد الولادة مباشرة لوجود خلل، ربما وراثى فى الأغلب فى غدة البنكرياس لديهم، وغالبًا ما يكون السبب إصابة الطفل بفيروس من الفيروسات العادية كالأنفلونزا مثلا أو الحصبة، ويكون الجهاز المناعى للطفل ضعيفا أو به خلل مما يؤدى لوصول الفيروس للبنكرياس، ويقضى على خلاياه وهو ما يؤدى إلى تدميره وتوقفه عن العمل، مما يعنى أن السكر الذى يدخل الجسم لا يتم التعامل معه ويكون الحل الوحيد هو إعطاء الطفل جرعات ثابتة ودائمة من الأنسولين وهذا هو النوع الأول من السكر الذى يصاب به معظم الأطفال ولكن مؤخرًا ظهر نوع جديد كان لا يصيب سوى الكبار وبدأ يظهر بين الأطفال وهو السكر المرتبط بالبدانة التى بدأت تنتشر بين الأطفال نتيجة للأكلات السريعة وهى تؤدى إلى زيادة الشحوم خاصة فى منطقة البطن وتتسبب فى زيادة مقاومة الجسم لمفعول الأنسولين، مما يحمل البنكرياس فوق طاقته حتى يتآكل رصيده نتيجة هذا الجهد الزائد مما يؤدى إلى تعطله والإصابة بالسكر".
أعراض المرض كما يقول دكتور الحفناوى تبدأ بطلب الطفل الدائم لشرب المياه وزيادة عدد مرات التبول عن المعتاد ويصل الأمر للتبول اللاإرادى ليلاً ثم فقدان الوزن بشكل ملحوظ، وربما يصاب أيضًا بالتهابات جلدية متكررة ويقل لحد كبير تركيزه فى المدرسة وقد يصل الطفل للغيبوبة إذا لم يتم ملاحظة تلك الأمور مبكرًا من الأهل.
أن يظل الطفل محتفظًا بصحته بشكل أقرب للطبيعى مع مرض السكر يعنى أن يقيد بكل قواعد الكبار.
كيف؟ يقول دكتور هشام "هناك رياضات المجهود الزائد كالسباحة أو الكاراتيه أو كرة القدم لا يجب أن يمارسها طفل السكر.
هذا غير قائمة الممنوعات كالحلويات إلا بشكل مقنن تماما وكذلك النشويات وعلى رأس الأمور الهامة جدًا تناول جرعات الأنسولين بشكل محدد ومنضبط تماما وإذا لم يحدث كل هذا، فالنتيجة كما يقول دكتور هشام "سيكون الطفل على عمر 20 عاما شبه معوق، فالسكر مرض يمكن أن يسبب طابورًا من الأمراض التى لا حل لها تبدأ من ضعف البصر وحتى فقدانه تمامًا، أمراض الكلى التى تصل لمرحلة الفشل الكلوى ثم أمراض القلب والشرايين".
قائمة الأمراض الثلاثة الرئيسية انتهت وبقيت القائمة الفرعية ومنها مثلاً الأنيميا التى تصيب أكثر من 20% من أطفال مصر بنوعيها البسيطة والخبيثة التى قد تصل للسرطان، كما تقول دكتورة تيسير عيادة أستاذ أمراض الدم بكلية طب قصر العينى، بينما الأخطر كما تقول نوع غريب من الأنيميا تسمى الأنيميا المنجلية وتحدث نتيجة لخلل فى كرات الدم الحمراء تحدث خللا فى شكل الكرات بحيث تصبح مثل منجل الفلاح الهلالى الشكل ولذا تسمى المنجلية والشكوى الأساسية هنا هى الألم الشديد الذى يصيب الطفل فى العظام خاصة عظام الأطراف ويمنع الطفل من النوم، وحتى الحركة ويصبح الطفل عاجزًا عن الحركة بعد فترة، وهناك مرض آخر قليل فى مصر ولا توجد أماكن كثيرة لعلاجه وهو مرض الهيموفيليا أو سيولة الدم أو ما نطلق عليه عامل التجلط 8، 9، وهذا المرض يصيب الذكور بنسبة أكبر من الإناث والطفل هنا معرض للنزف الشديد مع أى جرح بسيط ولو لم يتم تدارك هذا قد يموت الطفل لو استمر فى النزف الذى قد يحدث فجأة ومن أى مكان غير متوقع، بينما تضع منظمة الصحة العالمية مجموعة من الأمراض الأخرى الموسمية والمتوطنة ضمن قائمة قتل الطفولة، منها الملاريا التى قتلت 23 طفلاً عام 2005 والنزلات المعوية التى قتلت 110 أطفال نفس العام والتيتانوس 213.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.