تحقيقات الأهرام تواصل في هذه السطور دق ناقوس الخطر وتفتح ملف معهد الأورام القومي لمعرفة الأسباب الحقيقية لتصدع هذا المبني المكون من13 طابقا يشاع أنها بنيت بمواد بناء مغشوشة ووفق تصميمات هندسية غير مطابقة. كما تبحث المصاعب التي تعترض نقل الأجهزة والتجهيزات والمعدات من هذا المبني, وتحاول الإجابة عن تساؤلات الأطباء والمرضي حول صلاحية مبنيي المستشفيين اللذين سيتم نقل النزلاء اليهما, وتستعرض ايضا الحلول البديلة والخطط التي يمكن تنفيذها ليتمكن المعهد من القيام بدوره علي أكمل وجه. في البداية قمنا بجولة داخل غرف المرضي في الطوابق التي لم يتم اخلاؤها حتي كتابة هذه السطور لنرصد الأوضاع علي الطبيعة وكان أهم ما قابلناه هو التساؤلات التي ترددت عن سلبية وزارة الصحة وعدم قيامها بأي دور في هذه الأزمة رغم أن وزارة الإسكان تدخلت.. وقال البعض: هل تخلت الوزارة عن دورها لأن المعهد يتبع وزارة التعليم العالي؟ ولماذا لم تبادر بالتدخل حرصا علي صحة المواطنين؟! فزع الأهالي بدأنا الجولة من داخل قسم الأطفال بالطابقين الخامس والرابع سواء الذين يتم علاجهم بالمجان أو التابعون للتأمين الصحي أو العلاج الاقتصادي بالمبني الجنوبي المتصدع وهناك وجدنا حالة من الخوف والفزع تنتاب أهالي الأطفال المرضي بعد أن صدر قرار بإخلاء المبني وبدأ بالفعل إخراج الأطباء لبعض الحالات وإخلاء بعض الغرف قبل استكمال علاجهم وجار اخراج الحالات المستقرة علي أن يتم استكمال العلاج عن طريق زياراتهم المحددة بالمبني القديم أو عند الاستقرار علي مستشفي الطلبة بالتردد عليه للعلاج ويتساءل الأهالي: إلي أين نذهب بأطفالنا الذين في حاجة الي العلاج والمتابعة المباشرة داخل المعهد وإلي من نذهب؟ ونفس الشيء للعاملين وفريق التمريض لديهم مخاوف خاصة غير المعينين الذين يعملون بالمكافأة الشهرية سواء ممرضات أو عاملات أو عمال أو أفراد أمن فكلهم يتساءلون: أين نذهب وكيف نعيش ونفتح بيوتنا لو تم الاستغناء عنا؟ فهناك أكثر من1200 موظف مؤقت يجهلون مصيرهم الآن, وهؤلاء يمثلون50% من فريق العمل ويعملون بالمبني منذ أكثر من14 سنة! وعندما انتقلنا الي الطابقين السادس والسابع وجدنا وحدة زرع النخاع وبها أجهزة ضخمة خاصة بالخلايا وفصل الخلايا وأجهزة لفصل مكونات الدم وحفظ الصفائح الدموية والخلايا الجذعية وغرف العزل لزرع النخاع وفي كل طابق خمس وحدات تقدر قيمتها بملايين الجنيهات, ومن الغريب أن هذه الوحدات تم افتتاحها منذ حوالي عام ونصف العام ومن الصعب بل والمستحيل نقلها من مكانها حيث قرر العاملون بها انه تم اخراج المرضي منها الاسبوع الماضي ولم تستقبل أي حالات جديدة الآن وتوقف العمل بوحدة زرع النخاع لأنها ذات طبيعة خاصة وخوفا علي أرواح المرضي وتنفيذا لقرار رئيس الجامعة بإخلاء المبني ولكن كيف يتم نقل هذه المعدات والأجهزة الي مكان اخر لحين ترميم وتنكيس المبني. ونفس الشيء رصدناه بقسم العلاج الاشعاعي الكوبالت الذي له طبيعة خاصة وأجهزة ومعدات ضخمة, فمريض السرطان له مواعيد ثابتة يحددها له الاطباء, فلابد من عمل الجلسات الإشعاعية في موعدها وإلا ارتبك النظام العلاجي وكذلك الكيماوي لابد أن يؤخذ في أماكن محددة وداخل المستشفي وليس خارجه. وتساءل المترددون علي المبني: ماذا سيحدث الآن بعد توقف نشاط المبني علما بأن المعهد كان يشكو من نقص الأسرة قبل أزمة تصدع المبني ويعاني من قوائم انتظار اجراء الجراحات الكبري والحرجة لمدة كبيرة قد تزيد علي شهر, وكذلك عجز في غرف العناية المركزة خاصة ان غرف العمليات الموجودة بالمبني القديم لاتزال تحت الترميم والتجديد والاحلال ولن يتم تسليمها قبل شهر من الآن!! ويقول أحد الاطباء بالمعهد انه يعمل بالمعهد منذ انشائه حيث كان مكان هذا المبني حديقة عامة علي هيئة مثلث ولعدم استيعاب المبني الأول القديم لعدد المرضي وضرورة الاستعانة بالعلاج الاشعاعي والأجهزة الاشعاعية وكان وقتها الدكتور السباعي عميد المعهد والدكتور محمود شريف محافظ القاهرة آنذاك, واتفقنا جميعا علي مناشدة السيدة جيهان السادات لبناء مبني آخر لمعهد الأورام في هذه الحديقة وذلك في السبعينيات واتفق مجموعة من الاطباء بالمعهد مع العميد علي مقابلة السيدة جيهان ووافقت وبدأ البناء علي مساحة800 متر تقريبا عام1975 وتم تسليمه علي3 مراحل حيث قامت الشركة العربية للمقاولات وهي قطاع عام بالبناء تحت إشراف أساتذة واستشاريين من كلية الهندسة جامعة القاهرة وكانت الدكتورة زكية الشافعي المشرف العام علي بناء هذا المبني الملحق بالمبني الرئيسي للمعهد القومي للأورام وقتها وتم تسليم أول مرحلة في مطلع الثمانينيات وكانت عبارة عن الدور الأرضي المخازن والطابق الأول لوضع أجهزة الإشعاع به ثم تم تسليم المرحلة الثانية في أواخر الثمانينات ثم المرحلة الثالثة في عام1994 بالكامل. وفي أثناء ترميم المبني القديم منذ حوالي5 سنوات والذي يتم علي مرحلتين وفي الفترة الأخيرة فوجئنا شروخ عميقة وتصدعات بالمبني الجديد فتم ابلاغ عميد المعهد الذي أبلغ رئيس الجامعة وتم علي الفور تشكيل لجنة هندسية من استشاريين متخصصين في كلية الهندسة جامعة القاهرة وقرروا ضرورة اخلاء المبني فورا لوجود تصدعات بالمبني وان حدوث أي زلزال لاقدر الله سيؤدي الي انهيار المبني علي من فيه وعلي الفور صدر قرار من عميد المعهد بعدم قبول حالات جديدة وحصر الحالات الموجودة واخراج الحالات المستقرة والابقاء علي الحالات الحرجة لحين نقلها لمكان آخر. اخلاء فوري وبسؤال الدكتور محمد جميل وكيل معهد الأورام لشئون خدمة المجتمع قال إن رئيس جامعة القاهرة طلب الإخلاء الفوري للمبني الجنوبي الجديد بناء علي تقرير من المستشار الهندسي لرئيس الجامعة لأن هناك خطورة علي المرضي والعاملين بالمبني لوجود تصدعات بالأعمدة الخرسانية وكان ذلك منذ حوالي اسبوع ونحن ادارة المعهد نحاول حاليا ايجاد حلول بديلة لتقديم الخدمة الصحية والطبية المطلوبة للمرضي فتم تحويل جزء من مرضي القسم الداخلي من المبني الجنوبي الي المبني الشمالي القديم وهذا سيقلل بالطبع من نسبة الإشغال بنسبة30% وفي نفس الوقت الاقسام الموجودة والعيادات الخارجية وهي الباطنة والتأمين الصحي والألم والعيادة التلطيفية والأسنان والجراحة سيتم نقلها الي المبني الأوسط والموجود به حاليا الخدمات المعاونة للأقسام المختلفة من بنك الدم وقسم الأشعة والباثولوجي وباثولوجي الأورام والخدمة الاجتماعية وغرف الصيادلة والموظفين لاستيعاب الأماكن للمرضي ونقل العيادات الخارجية بها. ولم يتم تحويل أي مريض لمستشفي معهد ناصر أو57357 للأطفال وإنما تم نقل30% من قسم الأطفال الي المبني القديم وقد صدر قرار لجميع رؤساء الأقسام بإخلاء الأقسام الداخلية وعدم قبول حالات جديدة حيث يتم زيارة حوالي800 مريض متردد علي المعهد يوميا الي جانب60 حالة جديدة وحديثة يوميا, فالحالات الحديثة سيتم الكشف عليها وطلب عمل الفحوصات اللازمة دون دخول المريض المعهد لأن هناك طبيعة لمرضي السرطان بأن العلاج قد يتم تناوله بعد إجراء جميع الفحوصات ولا ضرورة لوجود المريض في المعهد إلا في حالة إجراء عملية جراحية لازمة له أو خروجه من العمليات إلي العناية المركزة واستقرار حالته أو لتناوله جرعات الكيماوي والإشعاعي والخروج بعدها. لجنة المعاينة ويشير وكيل المعهد إلي أن لجنة المعاينة التي توجهت أول أمس لمعاينة مستشفي الطلبة الذي أوجده لنا رئيس الجامعة وتوفير70 سرير بها تبين لها ان غرف العمليات الموجودة بالمستشفي لا تتناسب مع إجراءات العمليات الجراحية الكبري فهي مجهزة لإجراء عمليات صغيرة مختلفة عن طبيعة غرف العمليات الخاصة بالمعهد, ولكن الأسرة موجودة بالفعل وجار مناقشة ذلك وما إذا كان سيتم تجهيز غرف العمليات حتي تتناسب مع طبيعة العمليات الجراحية الكبري من عدمه وهذا يعني انفاق الكثير من الأموال علي هذا التجهيز وكذلك ستستغرق وقت كما أن مستشفي اليوم الواحد الموجود بالقاهرةالجديدة غير مجهز تماما ويحتاج لوقت كبير للتجهيز فضلا عن بعد مكانه عن المعهد, لذا نناشد وزير الصخة والمسئولين إعطاءنا معهد الكبد الملاصق لمعهد الأورام, والذي يوجد به جميع التجهيزات بغرف العمليات علي أعلي مستوي كما أنه خال من المرضي وسوف ييسر لنا عملية العلاج والمتابعة وإجراء الجراحات الكبري الخاصة بمرضي السرطان دون أي عناء مادي وتقديم الخدمة الطبية السليمة. كما نناشد وزير الصحة اعطاءنا مستشفي هارمل المجاور لمعهد الأورام وهو الأقرب وقد سبق أن تفضلت السيدة سوزان مبارك بافتتاح وحدة زرع النخاع بنفس المبني الجنوبي منذ عامين تقريبا وعرضنا علي سيادتها مشكلة نقص عدد الأسرة وضيق المكان الذي لايستوعب كل مرضي السرطان المحتاجين للعلاج والرعاية وتم عرض اعطاء معهد الأورام مستشفي هارمل وهو غير مستغل حاليا وخال من المرضي ويمكن تجهيزه علي أعلي مستوي, فلماذا لا يتخذ قرار بنقل مرضانا والفريق الطبي اليه لقربه من المعهد وتسلمه لحين الانتهاء من تنكيس المبني الجنوبي, فهو مجهز ولا يحتاج إلا نقل المرضي والفريق الطبي, وتبقي المشكلة كما هي بعد التنكيس, حيث أعداد المرضي تتزايد والمعهد لا يستوعب كل هذه الأعداد وهنا لابد من ايجاد حل آخر. الموقف حرج! ويقول الدكتور حاتم أبو الحسن نائب مدير المعهد اننا نقوم حاليا بوضع حلول مؤقتة وتدابير سريعة لإنقاذ الموقف الحرج الذي وجدنا أنفسنا والمرضي وجميع العاملين فيه بسبب تنكيس المبني ومن هذه الحلول الداخلية توفير أماكن للمرضي داخل المبني القديم وملحقاته ويجري اخلاء سكن التمريض المكون من حوالي6 غرف تمهيدا لنقل المرضي اليها وتم البحث بالفعل عن تأجير دور في أي عقار سكني له بالقرب من المعهد وسوف يتم التفاوض ومعاينة هذا السكن حاليا إلي جانب الضغط علي السكرتارية والموظفين المعاونين في تقديم الخدمة ومحاولة ضمهم لتوفير غرف وأماكن للمرضي لأن المريض عندما يكون بالقرب من غرف العمليات والعناية المركزة والعلاج الاشعاعي والكيماوي يكون أفضل ولذلك نحاول بقدر الإمكان عملية الدمج لأكبر نسبة من المرضي بالمبني القديم. وأضاف انه صدر قرار بوقف اجراء العمليات الجراحية بالمبني الجنوبي من اليوم وحصر المرضي الذين استقرات أحوالهم الصحية وتقرر اخراجهم ووضع الحالات الصعبة اللازم بقاؤها داخل المعهد, الي جانب عدم قبول أي حالات جديدة من خلال العيادات الخارجية إنما سيتم الكشف وطلب الفحوصات الطبية دون الدخول والاتامة بالمعهد لحين تحديد الموقف وتجهيز الأماكن المقترحة للمرضي ولغرف العمليات. البناء بمواد مغشوشة وعن مسئولية تصدع المبني والسبب الرئيسي في ذلك فقد أكد الدكتور حسين خالد نائب رئيس جامعة القاهرة أن مايتردد عن بناء المبني بأسمنت أو مواد مغشوشة في السبعينيات ما هو إلا شائعات غير مؤكدة ولا يستطيع ان يفصل فيها سوي المهندسين الاستشاريين بكلية الهندسة والمتخصصين فهذا ليس دور الاطباء ولا المرضي لذلك أحال رئيس الجامعة الدكتور حسام كامل أوراق ومستندات بناء المبني الجنوبي المتصدع الي النيابة العامة للتحقيق ولمعرفة المتسبب في ذلك وتشكيل لجنة لتقييم المبني كاملا من اساتذة كلية الهندسة. وبخصوص التصرف السليم الذي يجب القيام به هو ايجاد حلول سريعة لنقل المرضي واخلاء المبني في أسرع وقت وهذه الحلول أؤكد انها مؤقتة لحين وضع خطة متكاملة مستقبلية طموحة لبناء صرح كامل ومتكامل للمعهد القومي للأورام علي مساحة كبيرة تستوعب جميع المرضي في الوقت الحالي والمستقبلي. رمز علمي وأضاف انه تم العمل بمبني معهد الأورام القديم في سبتمبر عام1969 وهو المبني الشمالي, وزيادة أعداد المرضي واصرارهم علي العلاج بالمعهد لإمكانياته العلمية والفنية والطبية المتميزة رغم وجود العديد من أقسام الأورام بالمستشفيات الأخري ومراكز علاج الأورام بالمحافظات, ولكن ثقة المرضي في المعهد القومي للأورام ليس لها حدود ومن هنا ترجع أهميته ليس فقط بصفته مؤسسة أو معهدا علاجيا وإنما لأنه بالفعل صرح علمي متخصص وحيوي ورئيسي وأي هدم للمعهد يعني هدم التخصص لان المعهد القومي للأورام رمز من الرموز العلمية, التي يفخر بها المجتمع فهو ليس لعلاج المرضي من السرطان فقط وإنما لمكافحة الأورام والكشف المبكر وتدريب الأطباء الذين يعملون بالمراكز الأخري وتمنح الشهادات الأكاديمية اللازمة لمزاولة المهنة ليس فقط لاساتذة الجامعة إنما لجميع العاملين بمهنة الأورام في مصر. كما يتم فيه البحث العلمي خاصة المشكلات ذات الصبغة القومية وتسجيل الأورام والمعلومات لإنشاء سجل قومي للأورام في مصر لذلك نعمل جميعا ونحرص علي بقاء معهد الأورام لتقديم كل هذه الخدمات صحيح أنها في الوقت الحالي ومع الحلول المطروحة المؤقتة لم تقدم بنفس الكفاءة التي كانت عليها بسبب هذه الأزمة ولكن لابد أن يكون هناك اهتمام أكبر بالمعهد من جميع المسئولين بالدولة من خلال وضع خطة مؤقتة لإنقاذ الموقف, ثانيا توفير الدولة لميزانية الطوارئ لبناء مبني جديد حديث لمعهد الأورام, ثالثا تخصيص أرض متسعة في إحدي المدن الجديدة لبناء صرح حديث لمعهد الأورام وهذا هو الحل الأمثل والأساسي والكامل الذي نسعي إليه.