المحكمة الجنائية يجب ان تبتعد عن التسييس غياب التوازن فى التعامل الدولى مع أزمة دارفور عقد الرئيس حسنى مبارك لقاء قمة ثنائى مع الرئيس السودانى عمر حسن البشير بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة إقتصرت على الزعيمين فقط، وتتناولت المباحثات آخر تطورات الأوضاع في إقليم دارفور. وكان الرئيس مبارك قد إستقبل الرئيس البشير لدى وصوله لمطار القاهرة الدولى ظهر الاحد في زيارة قصيرة لمصر تستغرق عدة ساعات. ويهدف الرئيس البشير من هذه الزيارة التشاور مع الرئيس مبارك حول الأوضاع فى السودان وجهود التسوية السياسية لأزمة دارفور والموقف من تنفيذ إتفاق السلام الشامل والعلاقات الثنائية بين البلدين. وقال وزير الخارجية احمد ابو الغيط ان "الزيارة تأتي استكمالا للمشاورات والاتصالات التي تقوم بها مصر مع عدد من دول جوار السودان والاعضاء الدائمين بمجلس الامن لتوفير مناخ ملائم لتسوية سياسية شاملة ودائمة لازمة دارفور". ويريد السودان المدعوم من الاتحاد الافريقي والجامعة العربية تأجيل سنة اصدار مذكرة التوقيف الدولية بحق البشير لارساء السلام في اقليم دارفور غرب السودان الذي يشهد حربا اهلية منذ ست سنوات. وحذرت الخرطوم من ان مذكرة التوقيف سيكون لها عواقب سلبية على الوضع في دارفور خاصة وفي السودان عامة. وقال المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية السفير سليمان عواد أنه فيما يتصل بالوضع فى دارفور فقد أطلع الرئيس البشير الرئيس مبارك على المشاورات التى أجراها بالخرطوم السبت مع أمير قطر وعلى تطورات المبادرة القطرية لتحقيق الوفاق بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة. وردا على سؤال حول الجديد فى المحاولات العربية لتجميد قرار المحكمة الجنائية الدولية بشأن الرئيس البشير من خلال مجلس الأمن الدولى .. قال المتحدث الرسمى أن الرئيس مبارك تطرق إلى ذلك بشكل محدد مع الرئيس الفرنسى ساركوزى باعتبار فرنسا عضوا دائما بمجلس الأمن وكذلك مع العديد من القادة الذين التقاهم الرئيس مبارك. المحكمة الجنائية يجب ان تبتعد عن التسييس وقال عواد إن مصر تؤكد أن المحكمة الجنائية يجب عليها أن تبتعد عن التسييس والإنتقائية.. وأن هناك أمثلة ووقائع عديدة تغض المحكمة الجنائية فيها الطرف عن إنتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وآخرها ممارسات إسرائيل قبل وأثناء وبعد العدوان على غزة.. وطالب عواد المحكمة الجنائية الدولية بأن تراعى أيضا الإعتبارات السياسية بالإضافة الى الإعتبارات القانونية.. موضحا أن نظام الأساس الخاص بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية ينص فى مادته ال 16 على حق مجلس الأمن الدولى فى التدخل لوقف صدور أى قرار بتوقيف أو تجميده فى حال صدوره. وقال السفير سليمان عواد "أعتقد أن الإتصالات حتى الآن داخل مجلس الأمن لا تبشر حيث أن أعضاء مجلس الأمن أو بعضهم على الأقل يعارض تفعيل هذه المادة.. ولكن حتى بفرض صدور هذا الأمر بالتوقيف والعجز عن تفعيل المادة 16 فإن قرار المحكمة لن يكون ملزما إلا لأطرافها.. إلا إذا إعتمد مجلس الأمن قرارا منه تحت الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة فى وقت لاحق يدعو الدول لإحترام أمر التوقيف.. وهذا ما لا يتوقع نظرا لإن هناك بعض الدول دائمة العضوية مثل الصين وروسيا جاهزة بالفيتو. غياب التوازن فى التعامل الدولى مع أزمة دارفور واشار عواد الى أنه فى ضوء ما يتردد عن قرب صدور هذا الأمر بالتوقيف.. فإن ذلك يمثل بالنسبة لمصر حلقة أخرى من حلقات غياب التوازن فى التعامل الدولى مع أزمة دارفور.. موضحا أنه ما كان لهذه الأزمة أن تحدث وأن تستفحل لو أن هناك جهودا دولية متوازنة تقرن الضغوط على الخرطوم لضغوط مماثلة على فصائل التمرد.. وقال أنه يكفى أن نتذكر أن فصائل التمرد فى دارفور بدأت بفصيلين فقط هما جيش تحرير السودان وحركة العدل والمساواة لكنها وصلت الآن الى 13 فصيلا متمردا.. ولو كان التعامل الدولى قد إقترن بممارسة الضغوط اللازمة على حركات التمرد لما إستفحل فى دارفور ولما وصل إلى ما وصل إليه الآن.. مما يدفع برسوخ الإعتقاد لدى الكثيرين ومنهم مصر إلى أن هذا الأمر كان مقصودا منذ البداية فى حد ذاته أى ممارسة الضغوط على السودان حكومة وشعبا. وحول جهود مصر وإتصالاتها مع الأطراف المختلفة لحل المشكلة فى دارفور قال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية إن مصر ترحب بأى جهد إقليمى أو دولى يؤدى لإحتواء الوضع فى دارفور.. وقال كنا نود أن تسفر مشاورات الدوحة بقطر الشقيقة على التوصل لإتفاق لوقف إطلاق النار تتعهد فيه حركة العدل والمساواة بإيقاف إطلاق النار.. وكنا نأمل أيضا أن تعمل وساطة قطر الشقيقة لتوقيع إتفاق بين الحكومة وحركة العدل والمساوة أو على الأقل الى إتفاق إطارى"، ولكن تعنت حركة العدل والمساواة.. وبرغم ما أبدته الحكومة السودانية من مرونة.. أدى الى الإكتفاء بمجرد توقيع إعلان للنوايا.. وقال أن علينا أن نتذكر أن الوضع فى دارفور أصبح شديد التعقيد والتشابك وشهد محاولات كثيرة لتحقيق إنفراج نتذكر فيها المفاوضات المطولة التى جرت والتى إنتهت للتوقيع على إتفاق أبوجا كما نتذكر المفاوضات التى أطلقتها الجماهيرية الليبية الشقيقة فى مدينة سرت وأعلن عن بدئها ثم لم تتواصل إجتماعاتها. وأضاف السفير عواد للصحفيين أن هذا الوضع يقتضى فى المقام الأول ممارسة المجتمع الدولى والدول الاقليمية وجيران السودان لضغوط حقيقية توازن مع مايتم التحدث به مع حكومة الخرطوم.. بحيث تضع هذه الفصائل أمام مسئولياتها كجزء من الشعب السودانى الشقيق فى حقن الدماء وعدم إتاحة الفرصة لتدخلات دولية لاداعى لها. وحول موقف أعضاء مجلس الأمن الدولى الذين يدفعون لصدور أمر بالتوقيف من المحكمة الجنائية الدولية ويعارضون تفعيل المادة التى تسمح بالتجميد أوضح المتحدث أن الولاياتالمتحدة ليست وحدها التى تتبنى هذا التوجه وإنما هناك أيضا بعض الأعضاء الاخرين فى المجلس لهم نفس الموقف. وحول مفاوضات الدوحة بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة وعدم مشاركة الفصائل الدارفورية الاخرى فيها قال عواد "اننا كنا نأمل أن تتسع دائرة المفاوضات لتشمل أكثر من فصيل وبخاصة الفصيل الأقوى الاخر وهو جيش تحرير السودان جناح عبدالواحد نور الذى كان فى إسرائيل وكنا نأمل أن يلتقى فى الدوحة أو غيرها مع ممثلى الحكومة السودانية وباقى فصائل التمرد فى دارفور". فى الوقت نفسه قال السفير عواد إن مصر تطالب بضرورة التوازن فى التعامل بين حكومة الخرطوم والفصائل المتمردة وهو مايعنى أن المرونة مطلوبة من كلا الجانبين، ولكن حتى الان فمن الواضح أن الضغوط الممارسة على حكومة الخرطوم تفوق بكثير الضغوط الممارسة على الفصائل المتمردة. وردا على سؤال حمل إمكانية أن توجه مصر الدعوة لكافة الفصائل الدارفورية لاجراء مشاورات مع الحكومة السودانية فى مصر.. قال السفير عواد إن مصر تحتفظ باتصالات مع فصائل التمرد جميعها وبالذات مع الفصائل التى تتمتع بوزن على الأرض ولها اتصالات بهم جميعا ولكننا لانريد أن نخطو خطوة كهذه الا بعد الاطمئنان إلى أن المناخ موات لتحقيق إختراق. وأكد عواد -فى ختام تصريحاته-أن مصر لاتسعى أبدا إزاء أى من القضايا الإقليمية للعب دور أو عقد اجتماعات لمجرد عقدها، ولكنها تسعى دائما لان تستضيف اجتماعات مدروسة وتتحقق مسبقا من إمكانية توصلها للنجاح وتحقيق اختراق. (أ ش أ)