الأهرام : 26/2/2008 نزيف الدم الفلسطيني والعراقي الذي نشاهده ويشاهده العالم اليوم وكل يوم عبر الفضائيات ليس هو النزيف العربي الوحيد فهناك نزيف الأدمغة العربية الذي من شأنه التأثير السلبي علي التنمية العربية. فقد خرج850 ألف عالم في مختلف التخصصات النادرة والدقيقة من دولهم ولم يعودوا, بل هاجروا واستقروا في الولاياتالمتحدة وكندا وأوروبا التي وفرت لهم كل عوامل النجاح والنبوغ علي العكس مما يجري لهم في أوطانهم عملا بالحكمة العربية المأثورة: العقول تذهب إلي حيث تقدر حق قدرها والتي أدركها العرب أخيرا, حيث عقد بالجامعة العربية تحت رعاية أمينها العام عمرو موسي اجتماع للوزراء المعنيين بالهجرة والمغتربين الاسبوع الماضي وقرروا فيه لأول مرة انشاء مجلس للوزراء العرب يعني بشئون المهاجرين وايجاد آلية عربية مشتركة بين الجامعة ومنظمة العمل العربية مهمتها بحث قضايا المهاجرين وربطهم بالوطن العربي. وقد دفع العرب هؤلاء العلماء إلي الهجرة للخارج(60% من مصر والعراق20% وسوريا والأردن وفلسطين5%) بعد أن ضاقت بهم سبل العيش وعانوا من عدم احترام الحريات الأكاديمية وغياب مناخ البحث العلمي والابداع والامكانيات, حيث يبلغ نصيب الفرد العربي مما ينفق علي البحث العلمي دولارا واحدا. وعلي العكس مما سببه نزيف الأدمغة من خسارة للدول العربية تقدر ب200 مليار دولار, حققت هجرة الكفاءات العربية سنويا10 مليارات دولار للولايات المتحدة و4 مليارات لكندا و10 مليارات لدول أوروبا, بعد أن وفرت هذه الدول للعلماء العرب المهاجرين الحرية الأكاديمية ومناخ الابتكار والابداع, واغرت60% من الدارسين بعدم العودة لبلادهم, فحصلت أمريكا وحدها من العرب علي8% من علمائها الأفذاذ في علوم المستقبل و4 علماء من16 عالما يضعون الآن الاستراتيجية الأمريكية في علوم وتكنولوجيا المستقبل, وقد دفع نبوغ بعض العلماء العرب إلي احتدام الصراع بين أجهزة المخابرات ونشوء الاغتيالات السياسية لهم مثلما حدث للعلماء مصطفي مشرفة ويحيي المشد وسميرة موسي. ولا يمثل عودة هؤلاء العلماء إلي أوطانهم حلا أمثل لنزيف الأدمغة, وإنما يتمثل في اتباع سياسات عربية جديدة تجاههم في الخارج والداخل تستفيد من جهودهم وترتكز علي الترغيب والجذب لا التضييق والطرد, مع استدراك هجرة العلماء إلي الداخل كتلك التي حدثت للعالم الجليل د. جمال حمدان نتيجة الأوضاع السائدة والخاطئة التي أودت بحياته بعد تصاعد احساسه بالغربة داخل الوطن. المزيد من اقلام واراء