في مؤتمر صحفي قبل ايام اعلنت رابطة الاساتذة الجامعيين في العراق ان نحو 182 استاذا جامعيا قتلوا في اعمال العنف منذ بداية الاحتلال في عام 2003 وتعرض 85 من كبار الاكاديميين للخطف او لمحاولات اغتيال، وتشير الاحداث المتلاحقة الي الخطر الداهم الذي بات يهدد الكفاءات العلمية البارزة في العراق بعدما صار جل هم العلماء هو ضمان البقاء علي قيد الحياة بدلا من ان يتفرغوا لمواصلة البحث والتركيز عليه لصالح البشرية كلها وليس العراق فقط، فكما تقول وكالة رويترز للانباء التي نقلت خبر المؤتمر الصحفي ان من ينجون من حادث تفجير او اطلاق نيران او من يطلق سراحهم بعد خطفهم نادرا ما يحالفهم نفس الحظ في المحاولة الثانية وهو ما يتسبب في نزيف العقول الذي يقضي علي ابرز المثقفين المهمين لتعليم جيل المستقبل من المهنيين العراقيين ولاعادة بناء البلاد حيث ان استهداف اساتذة الجامعات يدمر نظام التعليم، العالي الامر الذي يدمر بدوره قطاعات المجتمع الاخري من خلال تدهور التعليم. استنزاف العقول ورغم ان وسائل الاعلام الامريكية والغربية ومن يسيرون في فلكها من بني العرب يحلو لهم ان يلقوا بمسئولية هذه الجرائم علي من يسمونهم الارهابيين او يحاولون الصاقها بصراعات طائفية لم يكن لها هذا الوجود قبل وقوع جريمة الاحتلال فإن قرائن عدة توضح ان القضاء علي العقول العراقية ليس سوي حلقة ضمن حلقات الخطط الرامي الي استنزاف العقول في مختلف انحاء العالم العربي ضمن مخططات الهيمنة الامريكية ويكفي هنا ان نشير الي ما ورد في نشرة صحفية صدرت - قبل ايام ايضا - عن منظمة العمل العربية جاء فيها ان خسائر العرب السنوية بسبب استمرار نزيف هجرة العقول والكفاءات العلمية للخارج تقدر بنحو ملياري دولار امريكي.. وقال الدكتور ابراهيم قويدر المدير العام لمنظمة العمل العربية في المؤتمر السنوي لمركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية الذي عقد في ابوظبي حول التحولات الراهنة ودورها المحتمل في احداث التغيير في العالم العربي ان مصر تعد من اكثر الدول العربية التي تعاني من نزيف هجرة العقول والكفاءات العلمية، حيث يبلغ عدد المصريين المهاجرين بصفة دائمة حوالي 824 الف شخص منهم نحو 2500 عالم، يليهم واوضح الدكتور قويدر ان الاطباء يمثلون حوالي 50% من الكفاءات العلمية المهاجرة ليهم المهندسين بنسبة 29 % ويمثل الاطباء العرب العاملون في بريطانيا نحو 34% من اجمالي الاطباء فيها، بينما تمثل الكفاءات العربية الموجودة في كنداوالولاياتالمتحدة وبريطانيا حوالي 75% من اجمالي حجم الكفاءات العلمية المهاجرة الي البلدان الثلاثة كما اكد ان 54% من الطلاب العرب الدارسين في الخارج يرفضون العودة الي بلدانهم الاصلية بعد انتهاء الدراسة. ولا يخفي علي احد ما تقوم به الولاياتالمتحدة من استيعاب عشرات الالاف من المتفوقين والمبدعين من حملة الشهادات العليا سنويا (الذين يوفرون عليها نفقات الانفاق علي اعداد المبدعين من مرحلة الحضانة وحتي حصولهم علي الشهادة الجامعية) وبذلك تزيد الثروة البشرية العلمية في امريكا بتكلفة اقل وسرعة اكبر مما لو قامت باعداد نفس العدد من الكفاءات علي نفقتها الخاصة منذ طفولتهم فضلا عما يتيحه لها ذلك من استمرار التفوق والهيمنة بعد تفريغ البلدان الاخري من كوادرها العلمية وكفاءاتها. حظيرة الولاء وحتي الكفاءات القليلة التي تفضل البقاء في بلادها لا تعدم الولاياتالمتحدة وسيلة للهيمنة عليها وابقائها داخل حظيرة الولاء الامريكي إما عبر مشروعات الاختراق الثقافي والعلمي، او الاجتماعي والاقتصادي بواسطة المنظمات غير الحكومية الممولة اجنبيا والتي نجح استخدامها في اكثر من دولة كرأس حربة لاضعاف دور الدولة الوطنية (والامثلة كثيرة من بلدان الكتلة الاشتراكية السابقة وحتي ما يحدث حاليا في مختلف بلداننا العربية تحت غطاء شعارات براقة مثل الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان، تعمي اعين البعض عما تغطية من مخططات للسيطرة، فقد اظهرت التطورات المتلاحقة خلال اكثر من خمس عشرة سنة مضت كيف ان هذه الجماعات الممولة اجنبيا تعمل وفقا للسياسات التي يحددها الممولون في النهاية حتي لو لم تكن بصمات اصابعهم واضحة في بعض المشروعات التفصيلية وحتي لو اوهم بعض النشطاء المحليين انفسهم بقدرتهم علي الحفاظ علي استقلالية قرارهم ضمن هذه الجماعات فالمانحون لا يعبثون ولا يلقون باموالهم سدي. اما بالنسبة لما يحدث في العراق، والقاء مسئوليته علي العمليات الارهابية او علي الصراعات الطائفية فقد ظهر من الوثائق والادلة ما يؤكد ان معظم ما تنسبه وسائل الاعلام (التي لا تتلقي من التقارير والمعلومات الا ما تسمح به قوات الاحتلال) لا يمكن ان ينسب - عقلا ومنطقا - لا لمسلمين ولا لعرب، وانما لجهات يهمها بالتأكيد القضاء علي الهوية العراقية ببعديها العربي والاسلامي تمهيدا لجعلها منصة اطلاق لمشروع الشرق الاوسط الكبير ويجب الا ننسي ان اول من دعا له كان شيمون بيريز عام 1994 وسرعان ما اعلنت الدبلوماسية الامريكية ودوائر اعلامها وتابعوها تبنيها للمشروع ولعلنا لم ننس بعد واقعة القاء القبض علي جنديين بريطانيين احدهما من الاستخبارات والثاني من الجيش وكانا يرتديان ملابس عربية، وبحوزتهما متفجرات مختلفة يقومان بزراعتها علي جانب طريق وظن افراد الشرطة انهما من الارهابيين العرب وتم التحقيق معهما واعترفا بقيامهما بعدة عمليات وطلبا من الشرطة ان تسلمها لكن الشرطة ظنا منها انهما ارهابيان كانت قد دعت الي مؤتمر صحفي وتم تصوير التحقيق من عدة قنوات منها الفيحاء العراقية التي روي مراسلها من البصرة علي الهواء مباشرة القصة كاملة وحاول المذيع ان يغير حديث المراسل الا انه قال لدي تسجيل الاعتراف كاملا علي شريط فيديو وعندما طلبا تسليمهما للجيش البريطاني طلب منهما تسجيل الاعترافات وانهار احدهما وهو ضابط الاستخبارات البريطانية وطلب من الشعب العراقي ان يسامحه واعتذر للشعب العراقي وهو في حالة انهيار نفسي وعصبي ونذكر جميعا بالطبع ما تم بعد ذلك من اقتحام القوات البريطانية لمركز السلطة واختطاف المتهمين. للحديث بقية.. [email protected]