قررت اسرائيل خوض مسابقة يوروفيجن للأغنية التي تجري في العاصمة الروسية موسكو في مايو/آيار 2009 بمغنيتين وهما ميرا عوض مسيحية من عرب 48 بالاشتراك مع احينوعام نيني وهي مطربة اسرائيلية وذلك بالتزامن مع دخول العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة اسبوعه الرابع. وقد لا تبدو مسابقة يوروفيجن للاغنية منظورا واضحا يمكن من خلاله رؤية العلاقات بين الاسرائيليين والفلسطينيين لكنها توفر هذه الرؤية العام الحالي. وتأخذ اسرائيل هذه المسابقة التي فازت بها 3 مرات منذ بدأت تخوض منافساتها عام 1973 مأخذ الجد اذ تستمتع بميزة التواجد في تجمع يضم الدول الاوروبية ويوفر لها فرصة للترويج لنفسها لدى جمهور تليفزيوني يقدر بنحو 500 مليون مشاهد. ولم يمر وقت طويل حتى بدأ بعض اليهود وكثير من عرب اسرائيل من الفنانين والمثقفين في ابداء رفضهم. وكتب الفنانون والمثقفون في رسالة مفتوحة لعوض ان مشاركة عوض بمثابة ورقة التوت لاسرائيل وأضافوا أنها تهدف الى أن تظهر اسرائيل بمظهر "الديمقراطية المستنيرة المحبة للسلام" في وقت تشن فيه حربا دموية في غزة. كانت هيئة الاذاعة الاسرائيلية قد أذاعت هذا الخبر الاسبوع الماضي مع مضي اسرائيل قدما في الحملة التي تشنها ضد حركة حماس في قطاع غزة. وتصدر نبأ مسابقة يوروفيجن الصفحات الاولى لبعض الصحف. وجاء في الرسالة التي نشرت على موقع صحيفة يديعوت أحرونوت على شبكة الانترنت "الحكومة الاسرائيلية ترسلكما الى موسكو في اطار الة الدعاية التي تحاول خلق مظهر التعايش اليهودي العربي الذي تنفذ بموجبه مذابح يومية في حق المدنيين الفلسطينيين." وأضافت "مشاركتك في مسابقة يوروفيجن هي مشاركة في الة الدعاية الاسرائيلية...رجاء يا ميرا من أجل أطفال غزة ومستقبل كل طفل على هذه الارض- عرب ويهود - لا تكوني شريكة لالة القتل." ولم ُتعقّب عوض او نيني على الرسالة التي وقّع عليها مجموعة من الكتاب والممثلين والشعراء والكتاب المسرحيين لكن هيئة الاذاعة الاسرائيلية دافعت عن المطربتين. وقالت هيئة الاذاعة الاسرائيلية في بيان قد يدهش هؤلاء الذين شاهدوا المسابقة "مسابقة يوروفيجن ليست ولم تكن ابدا حدثا سياسيا." ومن الواضح أن السياسة تلعب دورا حين يأتي الامر الى دول شرق ووسط اوروبا التي تصوت بوجه عام لبعضها البعض. وأضافت الهيئة "قرار اللجنة مهني يعبر ايضا عن رؤية من التفاؤل والتطلع الى التعايش بعيدا عن السياسة." ويتوقف الجدل على الدور الذي يلعبه عرب اسرائيل في اسرائيل ويبلغ عددهم نحو 1.6 مليون نسمة بين مسلمين ومسيحيين يمثلون نحو 20 في المئة من السكان. وعرب اسرائيل من الفلسطينيين ونسلهم الذين بقوا في اسرائيل بعد الحرب التي صاحبت اعلان قيام اسرائيل عام 1948. ونادرا ما يتفاعلون مع الاغلبية في البلاد التي تعرف نفسها بأنها يهودية كما أنهم مهمشون اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا. ويقول جعفر فرح مدير مركز مساواة وهو يضم جماعة معنية بالدفاع عن حقوق عرب اسرائيل الذين يفضل فرح أن يصفهم بالمواطنين الفلسطينيين لاسرائيل ان هناك انتزاعا لشرعية مواطنتهم يجري بانتظام منذ سنوات. وأضاف فرح أن عرب اٍسرائيل مستبعدون تماما من وسائل الاعلام ومهمشون سياسيا وفي مواطنتهم ويعيشون في ديمقراطية زائفة هي ديمقراطية يهودية ستحاول في كل الحالات استبعادهم. ويعترف عرب اسرائيل بأنهم الى حد ما ولاسباب سياسية يهمشون أنفسهم اذ يقاطع كثير منهم الانتخابات مما يعني أن مجتمعهم يتمتع بنفوذ سياسي أقل، لكن الشعور بالاستبعاد تأكد الاسبوع الماضي. فقد صوتت اللجنة المركزية للانتخابات وهي هيئة برلمانية تشرف على العملية الانتخابية لصالح منع حزبين لعرب اسرائيل من خوض الانتخابات البرلمانية المقررة في العاشر من فبراير شباط. وقضت اللجنة بوجوب استبعاد الحزبين لانهما مناهضان للصهيونية ويناديان بانهاء الهيمنة اليهودية في البلاد. وتشغل الاحزاب العربية عشرة مقاعد في البرلمان الاسرائيلي (الكنيست) البالغ عدد مقاعده 120 مقعدا وتستبعد بوجه عام من الائتلافات. وفي حين قد يلغى الحظر خلال طلب استئناف امام المحكمة العليا فانه يؤكد لعرب اسرائيل أنهم غير مرغوب فيهم. وقال احمد الطيبي وهو عضو عربي بالبرلمان تم حظر حزبه ان هذا قرار عنصري وأضاف أن الكنيست يريد أن يكون خاليا من العرب كمقدمة لدولة بلا عرب. ومن هنا يثار تساؤل بشأن ما اذا كان يجب على ميرا عوض -من خلال مشاركتها في مسابقة يوروفيجن- مساعدة اسرائيل على أن تبدو في أعين العالم وكأنها تتسع للجميع بينما يشعر عرب اٍسرائيل بالتمييز ضدهم. وقال فرح ان ميرا واحدة من الناس الذين يظنون أنهم يجب أن يكونوا في مركز الحوار مع الشعب اليهودي لكن للاسف التوقيت والوضع برمته يضعانها وجميع عرب اسرائيل في موقف حساس للغاية. وتابع أن قضية أنهم فلسطينيون في اسرائيل ويمثلون اسرائيل مفهوم صعب بالنسبة لهم. وقال محمد بكري وهو مخرج افلام وثائقية من عرب اسرائيل ومن بين من يحثون عوض على عدم المشاركة انها مسألة أن يكون المرء مخلصا لتراثه الفلسطيني. وأضاف أنه قال لها ان اسرائيل ترتكب الجرائم والمذابح ضد الشعب الفلسطيني ليس اليوم فحسب ولكن منذ عام 1948 . وتابع أن روحهم فلسطينية لكن مواطنتهم اسرائيلية وأضاف أن كل الفلسطينيين سواء كانوا داخل اسرائيل او في الضفة الغربية او غزة او في الشتات يعتريهم الغضب بسبب ما يحدث في غزة. (رويتنرز)