بعد قيام الثورة الايرانية في عام 1979 اجتاحت العالم العربي حالة من التفاؤل بأن تدعم دولة ايران الاسلامية القضايا العربية خاصة بعد التصريحات النارية للزعماء الايرانيين وعلي رأسهم آيه الله خوميني ضد اسرائيل وامريكا. ولكن بمرور الوقت, بدأت الحقائق تتضح .. واكتشف العالم كله ان هدف الملالي الجدد في طهران ليس هو دعم المستضعفين ومساندة المظلومين كما يزعمون , بل العمل علي تصدير الثورة الشيعية الايرانية واثارة القلاقل وعدم الاستقرار في الدول العربية والسعي لتوسيع منطقة نفوذهم لتشمل العالم العربي والاسلامي بأسره. وكان موقف ملالي طهران من مصر شديد العدوانية منذ اللحظة الأولي . دوافع هذا الموقف العدواني ضد مصر كانت واضحة تماما لأن مصر بثقلها وحجمها وتاريخها وحضارتها تمثل العقبة الكبري أمام المخططات الإيرانية المشبوهة ، كما أن مصر قلب العروبة النابض هي الداعم الرئيسي والسند الأكيد لأي دولة عربية تتعرض لمخططات الهيمنة والسيطرة الإيرانية. وهكذا صدرت التصريحات من طهران تتهم مصر بكل الأخطاء والخطايا الممكنة وغير الممكنة.. وجاءت جريمة اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات لكي تكشف بكل وضوح ما يضمره قادة إيران الجدد لمصر وقياداتها وشعبها. فقد احتفت إيران بهذه الجريمة التي أدانها العالم كله.. وتم اطلاق اسم خالد الاسلامبولي قاتل السادات علي احد أهم شوارع طهران في خطوة استفزازية تتناقض مع كل اعتبارات حسن الجوار والعلاقات الدولية. واستمرت هذه الممارسات الإيرانية العدائية ضد مصر وكانت آخرها تلك المظاهرات البذيئة التي قام بها عدد من عملاء النظام الإيراني أمام مقر البعثة الدبلوماسية المصرية في إيران الإسبوع الماضي والتي رددوا خلالها هتافات بذيئة ضد مصر وقيادتها . ولم تتوقف مظاهر العداء الإيراني ضد مصر عند هذا الحد بل وصلت الي حد تورط كبار المسئولين الإيرانيين في هذه البذاءات فقد هاجم هاشمي رافسنجاني رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران، وهو من أكبر المناصب الإيرانية ، مصر واتهمها بالمشاركة في حصار الفلسطينيين بغزة . وقال رافسنجاني " إنني لا أدري كيف يتحمل المصريون إغلاق حدودهم بوجه الفلسطينيين في غزة ويفجرون الأنفاق عليهم ".. ووسط هذه الحملة السافلة من الهجوم الإيراني علي مصر ، لم يستطع مسئول إيراني واحد أن يجيب علي سؤال ردده المراقبون في كل مكان وهو .. ماذا قدمت ثورة خوميني الإيرانية للشعب الفلسطيني حتي الآن .والأكثر من ذلك ، لم يستطع مسئول إيراني واحد أن يرد علي الحقائق التي تدمغ إيران بالعديد من الجرائم ضد العرب والمسلمين وتحركات طهران المشبوهة في مختلف أنحاء العالم العربي لإبتلاع الأراضي وزعزعة الإستقرار في مختلف الدول العربية. وقد استدعي مكتب وزير الخارجية المصري القائم بأعمال مكتب رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة، وأبلغه احتجاج مصر واستيائها إزاء ما دأبت عليه بعض الدوائر الإيرانية من ترتيب مظاهرات أمام مقر البعثة الدبلوماسية لمصر في طهران. كما أبلغ مكتب وزير الخارجية، الدبلوماسي الإيراني إستياء مصر أيضا من مقالات في الصحف الإيرانية تتهجم علي مصر وقيادتها، وخاصة خلال الأيام القليلة الأخيرة. إن السجل الإيراني الأسود ضد العالم العربي ابشع من أن يتم إخفاؤه أو الإلتفاف حوله.. لذلك لم يكن من الغريب أن توصف إيران بأنها لا تقل خطورة علي العرب من إسرائيل.