تنطلق مسرحية المخرجة اللبنانية نضال الأشقر من إشكالية الهجرة التي تعد إحدى أبرز مشكلات لبنان لتصل إلى إشكالية مجتمع بأكمله لم يعثر على نفسه بعد. فقد أطلقت الأشقر صرخة ضد الهجرة وتفريغ الوطن على خشبة مسرح المدينة الذي يحتفل بمرور 15 عاما على افتتاحه وطرحت عبر مسرحية تحمل عنوان "قدام باب السفارة الليل كان طويل" صرخة ضد الأمراض الاجتماعية التي تسبب الهجرة من لبنان. وتبرز المسرحية التي كتب نصها الكاتب والإعلامي اللبناني عيسى مخلوف بمشاركة نضال الأشقر أن الوقوف أمام السفارة طلبا لتأشيرة دخول إلى وطن بديل يحتضنهم أضحى من طقوس الحياة اليومية في لبنان. وبسخرية لاذعة تتطرق المسرحية إلى موضوع يندر أن تتفاداه أي أسرة لبنانية بحيث يعبر 14 شابا وشابة معظمهم غير محترفين عن مشكلاتهم وهم يغنون ويرقصون ويمثلون ويتحول هؤلاء إلى أرقام ينتظرون ادوارهم لأيام وليال وينتظمون في صفوف طويلة متعددة الأراء والأحلام والطوائف طلبا لتأشيرة دخول إلى وطن بديل. فمن خلال هذا الصف الطويل الواقف أمام باب السفارة تنطلق المسرحية إلى مشكلات بيروت التي تشهد في تلك الليلة اشتباكات تحاصر المنتظرين وتؤجج الخلافات بينهم فتكون النتيجة عدم حصولهم على تأشيرة دخول وعدم قدرتهم على العودة إلى منازلهم. في هذه الليلة الطويلة يتشارك الشباب في الأحلام لتحسين أوضاعهم الإنسانية والاجتماعية لكن سرعان ما يتفجر الخلاف بينهم مع طلوع الضوء فنجدهم يتمترسون وراء طوائفهم ومذاهبهم وأحزابهم ويتحولون إلى وحوش. وعبر الحوارات الغنائية ينطلق الشباب بالشتائم التي تتركز على الطائفية والمذهبية وعلى أن لبنان لن يتغير وسيبقى منقسما بين منطقتين شرقية وغربية وبين مسلمين ومسيحيين ومسلمين سنة وشيعة كما كان ابان الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990 . وشكلت الهجرة منذ نشوء لبنان معلما من معالمه أما سعيا وراء الرزق أو هربا من الحروب وأما بسبب انعدام الاستقرار السياسي والاقتصادي في السنوات الأخيرة. وقالت نضال الأشقر لرويترز "إنها مسرحية غنائية لبنانية موسيقية لكن الأغنية فيها هي بمثابة حوار ... وهي مكتوبة عن هجرة الشباب وأسباب الهجرة المعاصرة في لبنان التي هي أنواع المشكلات الاجتماعية والسياسية والنفسية." وأضافت الاشقر "المسرحية لا تركز على الهجرة بحد ذاتها انما عن مسببات الأمراض الاجتماعية في لبنان التي تدفع الشباب إلى الهجرة لأن الدولة العقيمة لم تنجح على مدى أكثر من ستين عاما (منذ الاستقلال) بخلق مواطن علماني منفتح غير طائفي مواطن مدني بامتياز." ومضت تقول "كل هذه العلل نظهرها في المسرحية ونظهر لماذا هؤلاء الناس يسافرون ليس فقط لأنهم فقراء وعوزة وليس فقط لأن الدولة لم تستطع احتضانهم كذلك لان لديهم مشكلات طائفية وعنصرية ومشكلات نفسية وتنهشهم البطالة." واشارت الاشقر إلى انها قصدت استخدام وسائل التعبير في المسرحية بلغة غنائية موسيقية "كي اخفف عبء الحزن الموجود في المسرحية. وهي مسرحية غنائية تضحك وتبكي في نفس الوقت عن واقع اليم موجود الآن في لبنان." وتستند الاشقر في اخراجها على تركيبة قائمة على مهارات جسدية وتمازج الايقاعات والاصوات مع استخدام تقنيات الاضاءة والديكور. انطلقت المسرحية الاسبوع الماضي بمناسبة الاحتفال بافتتاح المسرح وستستمر حتى ديسمبر/كانون الاول. (رويترز)