تتناول مسرحية "قدام باب السفارة الليل كان طويل" إحدى أبرزمشاكل لبنان: هجرة الشباب هربا من أوضاع بلدهم وتجسد عبر التمثيل والغناء والموسيقى معاناتهم طارحة عبرشخصياتها مصيرشعب بكامله. وتقول مخرجة المسرحية والمشاركة في كتابتها نضال الأشقر"إن العمل الذي تبدأعروضه الجمعة لايتكلم فقط عن هجرة الشباب بل يتناول المشاكل التي تدفعهم إليها لأن الدولة العقيمة لم تنجح خلال أكثر من 60 عاما (منذ الاستقلال) بخلق مواطن لاطائفي منفتح". وشكلت الهجرة منذ نشوء لبنان معلما من معالمه اما سعيا للرزق او هربا من الحروب واما بسبب انعدام الاستقرار السياسي والاقتصادي في السنوات الاخيرة التي اصبح فيها لبنان ساحة للصراعات الاقليمية والدولية. تنطلق المسرحية من هذا الواقع لتتناول الهجرة بطريقة يختلط فيها الواقع بالحلم طارحة عبر شخصياتها مصير شعب بكامله. وقد شارك الكاتب والإعلامي اللبناني عيسى مخلوف المقيم في فرنسا في كتابة النص الذي يطرح أسئلة حول الهجرة اللبنانية وأسبابها وحول الحرب وحول المنفى والهوية، ويصف العمل بأنه "مغناة واحدة خرجت من حنجرتين"ويقول "الموضوع مأساوي لكن السخرية ساعدتنا على القبض على جمرة مشتعلة". وتقول صاحبة مسرح المدينة نضال الأشقر "هذا الموسم الثقافي يتزامن مع الذكرى الخامسة عشرة لتاسيس المسرح لذا أردت افتتاحه بعمل مرتبط بواقعنا"وتروي كيف جاءتها الفكرة عندما هاجر نجلاها عمر وخالد ورفاقهما المقربون للعمل في الخارج وتقول "فجأة بات المنزل فارغا". وتقسم الأشقرالموسيقى والأغنيات إلى ثلاثة أنواع "الراب باعتباره أداة لتعبيرالشباب عن سخطهم وأغاني سياسية اجتماعية وأغاني قديمة من الذاكرة الجماعية لا يعرف من كتبها أولحنها". في مسرح المدينة في قلب بيروت يشارك 14 شخصا 10 شبان واربعة شابات في التمارين اليومية وتراهم يتنقلون على الخشبة بانسياب طبيعي من التمثيل الى الغناء والعزف. المؤدون جميعهم من غير المحترفين باستثناء ندى ابو فرحات التي سبق لها ان شاركت في اعمال الاشقر كما في اعمال سينمائية لبنانية.وقد تم اختيارهم من بين مئة تقدموا للمشاركة في الاختبارات. وتقول الاشقر "الاختبار ركز على التجربة الانسانية ولم يعتمد فقط على المواهب لان التقنية يمكن تلقينها"واستغرق تحضير العمل عاما وتطلب تدريب الممثلين ثلاثة اشهر بمعدل ما بين ست وثماني ساعات يوميا ليصبحوا فرقة متماسكة بامكانها ان تحمل العمل الذي وصفته الاشقر بانه "صعب متداخل من نوع السهل الممتنع". تبدأ المسرحية بالشبان والشابات الذين يقفون امام باب سفارة ينتظرون الحصول على تاشيرة وقد مضى على بعضهم عاما وهو ياتي ويذهب وينتظر. لكن يوم المسرحية يوما متميزا فعندما انتهى دوام السفارة وانصرف الشبان ليعودوا الى منازلهم اندلعت الاشتباكات في عدد من احياء بيروت واجبرتهم على اللجوء الى موقف للسيارات يمضون فيه ليلتهم وتراهم طوال ساعات الليل يتبادلون الأحاديث يقصون أحلامهم التي سيحققونها بالهجرة ويروون هجرة أجدادهم فيمتزج ماضيهم بواقعهم وأحلامهم. ثم يأتي النهار ليضع حدا للأحلام ويعودون إلى باب السفارة يواصلون الانتظارويحل العداء محل دفء ليلة الانتظار في المراب. وتشير الأشقر إلى أن "كل ما يجري على الخشبة حي ليس التمثيل فقط بل الموسيقى والغناء الذان يشكلان جزءا من الحوار"ومن كلمات الاغنيات التي لحنها اللبناني خالد عبد الله "نحنا الرايحين ع بلاد بعيدي نحنا المتروكين ع بواب السفارات بتاخذنا وبتجيبنا بذل". ومن كلمات الأغنية الأخيرة "هالبلد مدري شو سرو بتدعي عليه وبتدعيلو بتسبو وبتغنيلو بتعوف ربك منو ما ألك غنى عنو". (ا ف ب)