اخبار اليوم : 4/10/2008 تشير الدراسات والبحوث التي تجريها المؤسسات العلمية والبحثية عن الشباب الي عزوفهم عن المشاركة في عمليات التنمية في العديد من دول العالم النامي ومن بينها مصر.. وعلي جانب مواز هناك محاولات متواصلة لهيئات ومؤسسات عالمية ومحلية لتشجيع اسهامات الشباب في عمليات التنمية وتدعيم دورهم في مجتمعاتهم باعتبارهم قادة المستقبل. لقد ارجعت الدراسات اسباب عزوف الشباب عن المشاركة الي ظاهرات عالمية مثل العولمة والتقدم العلمي والتكنولوجي المبهر والذي يتطلب قدرات ومهارات عالية. يعجز الكثيرون من الشباب خاصة بالدول النامية عن الوفاء بمتطلباته ومن ثم فقدوا القدرة علي المنافسة وانتزاع روح المبادأة لقصور الامكانات المحلية ومحاصرتها من قبل الدول الغنية ومن ثم ايضا كان الاحساس بالعجز والامتثال لواقع التخلف الذي فرضته الدول المتقدمة علي الدول الاقل نمو.. فالتزموا جانب السلبية ليأسهم من امكان المنافسة. وعلي الصعيد المحلي في الدول النامية ساعدت الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية علي مزيد من السلبية والحصار الفكري والاستسلام للسلبية وفي مصر التي تحاول جاهدة دفع مواطنيها خاصة شبابها الي التخلص من السلبية وتدعوهم الي قبول التحدي فإنه لا يمكن تصور حدوث تنمية حقيقية بدون مشاركة فعالة من جانب الشباب . حيث ادي اهمال دور الشباب في فترات سابقة الي شيوع الاحساس بالاغتراب وهو ما دفع بعض الشباب الي العزوف عن المشاركة السياسية علي وجه التحديد بل والتزامهم سلوكيات سلبية بدأت تسود المجتمع من مخدرات وتمرد وزواج عرفي وعدم اتباع قواعد المنطق في كل ما يعاش ويفعل. لقد تجسدت اثار السلبية في ظواهر اجتماعية لايستهان بها ومن اهمها ظاهرة العنوسة فقد اصبح عدد غير المتزوجين من الجنسين نحو 41 مليون نسمة بواقع 27٪ من الذين هم في سن الزواج فضلا عن ارتفاع نسبة الطلاق وما يترتب علي ظاهرتي العنوسة والطلاق من اثار اجتماعية واخلاقية في مجتمع اهم مقوماته الدين والاخلاق، وليس هناك من شك ان هاتين الظاهرتين هما من نتاج الفقر والبطالة. وفي دفاعهم عن انفسهم يردد الكثير من الشباب انهم ضحايا اختلال معايير العدالة وشيوع الموالاة وتبادل المصالح علي حساب الكفاءة. وفي تحليلات اخري يلقي الباحثون بعض اللوم علي الشباب الذين وقعوا في فخ العولمة فاطلقوا الجماح لانفسهم في ثورة تطلعات وطموحات لا تقابلها امكانات مناسبة فكان هذا الشرخ النفسي العميق واختلال الاولويات واللجوء الي طرق غير مشروعة لتحقيق طموحاتهم وكما اجمع الباحثون علي شيوع ظاهرة السلبية اجمعوا ايضا علي ان الخروج من الازمة يتطلب القضاء علي السلبية السياسية اولا ويتفق الكثيرون علي ان القضاء علي السلبية السياسية وعزوف المشاركة في قضايا التنمية يرتكز اساسا علي القناعة بالمشاركة السياسية ونعفي بها المشاركة الديمقراطية المؤسسة علي العمل الحزبي الواعي والملتزم وفي مصر ايضا يلاحظ ان الشباب يعزف عن قناعة بعدم جدوي العمل الحزبي فهو يري ان ساحة الوطن تزخر بنحو ستة وعشرون حزبا سياسيا قد لا يعرف الناس اسماء معظمها واذاسمع عن حزب او قرأ عنه كان ذلك في صفحات الحوادث . صراعات وانقسامات حزبية واراء حزبية قد تخالف المنطق او واقع الامر لما يحدث او تهويل وتشاؤم لايصنع الامل في المستقبل. اننا نتوقع في المرحلة القادمة عملا حزبيا جاذبا لا يداخله تهديد او صراع مصالح او مكيافيلية بغيضة شعارها »بعدي الطوفان«. ان العمل الحزبي علي نحو ما هو قائم الان لن يؤدي الي ثراء الحياة الديمقراطية بتعدد البرامج والاراء فليس من الصالح العام لاي حزب ان يكون وحيدا في ساحة العمل الوطني وليس من صالح الاحزاب الهامشية ان تكون صحيفة وفقط فسوف تظل هامشية. ان هناك دعوات متكررة من اصحاب الرأي والفكر الي تطوير العمل الحزبي بشكل جذري حتي يكون مناخا جاذبا للشباب بمنحهم الثقة في اختيار موقفهم السياسي مع برنامج هذا الحزب او ذاك ولن يكون ذلك ممكنا الا بتربية سياسية وحزبية علي يد كوادر حزبية مدربة مقتنعة بالوقوف خلف الصفوف قادرة علي دفع الجماهير الصامتة خاصة الشباب منهم للمشاركة الفعالة في التنمية. ولنعترف بأن دفع الشباب المصري لممارسة العمل الحزبي لابد ان يسير في عدد من الاتجاهات تصب جميعها في نهر العمل الوطني تظللها ضمانات حرية ابداء الرأي في حدود الدين والقانون والاخلاق والالتزام الحزبي تضع هذه الضمانات ثقافة سياسية وحزبية متجردة لصالح الوطن ولا تحقق عائدا شخصيا. ان الثقافة السياسية والحزبية هي التي ستجعل شبابنا فاهما لما يدور علي ساحة العالم من زوال الحدود امام الغزو الثقافي الذي يغلب المادة علي الاخلاق- قادرا علي وضع سقف لطموحاته قابل للتطوير طبقا لتطور الاوضاع الاقتصادية لوطنه ولاسرته- راغبا في المشاركة بناء علي ثقة وقناعة بأن العاملين في ساحة العمل الوطني هم بالفعل كذلك يفضلون الصالح العام علي الصالح الشخصي. كما انه من حق الشباب ان يطمئن الي مستقبله في بيت يؤويه وزوجة او زوج يحقق له الامن والاطمئنان وفي ارض يغرس فيها ابناؤه. ان شباب مصر يجب ان يتخلص من موروث ماذا سأحصل عليه شخصيا من مزايا؟ لكنه لن يفعل ذلك الا اذا وجد الاخرين يفعلونه، كما ان شباب مصر يجب ان يتخلص من موروث ثقافي مؤداه ان العمل الحزبي ينتهي دوما الي نهايات غير سعيدة فالمؤكد ان الممارسة الحزبية الواضحة والمكلفة في اطار مشروع لن تؤدي الي مشاكل بل ان الخروج من السلبية السياسية والمشاركة الاخلاقية والحزبية هي اهم مقومات ودوافع .