يا رضا الله ورضا الوالدين دعاء روحي ونفسي في آن واحد، ولكنه عند البعض - للاسف - ليس كافيا، والاهم في هذا الزمان هو رضا الناس، وان كان رضا الناس غاية لا تدرك. ومع ذلك فان رضا الناس عن المرء او محبتهم له، امر تشتاق اليه النفوس وتتلهف له الافئدة، فالرضا من الغير يحقق للفرد التوازن النفسي ويوفر له الشعور بالامان والاطمئنان كما يمنح صاحبه السكينة والهدوء، بعيدا عن مشاعر التوتر والقلق والاحباط، ومن المؤلم ان يحس المرء ان الاخرين لا يحبونه فكون المرء غير محبوب، يعني انه لا يتمتع بمهارات اجتماعية او قدرات على التكيف والتوافق... فاذا كان محبوبا فهو صاحب حظ سعيد، وان كان غير محبوب، فهو صاحب حظ سيء. والحق، ان أول ما يحبه الناس في المرء، هو مظهره ويأتي في الدرجة الثانية حديثه وثقافته وتواضعه، وهذه المعطيات الحسية، من شأنها ان تقوي من وقع شخصيته امام الاخرين، ومن هنا كان على المرء ان يبتعد عن استخدام التعبيرات المنفرة او الالفاظ الجارحة بحق الغير كما ان سعة صدر المرء عندما يستمع الى الغير، اكثر من الضيق او التهكم به، او توجيه اللوم، من الامور المحببة للناس، وعليه فان من الافضل للمرء ان يقلل من الحديث عن نفسه او مدحها وعن انجازاته او مغامراته الكاذبة او المكشوفة من الغير. وان من الافضل للمرء، ان يبدي اعجابه بالسامع والغائب، وان يبدي حياديته، وبقدر ما يسدي الشخص للاخرين من سرور وكلام واقعي وعلمي، بقدر ما يكسب محبتهم وتعاطفهم. بعض المنعزلين من الناس، يظنون خطأ، ان باستطاعتهم ان يسعدوا انفسهم دون محبة الاخرين، فالواحد منهم قد يتفوق في تجارته ويجمع المال الوفير، او يتفوق في اعماله الفنية والادبية والرياضية... الخ، غير انه لا يكون سعيدا، الا اذا فاز في مضمار كسب محبة الاخرين، وقد يعتقد البعض الاخر، ان سعادته تتحقق في مجال الخيال، فيلجأ الى احلام اليقظة او الاساليب التعويضية والتي يسميها علماء النفس، بالحيل العقلية الدفاعية فهذه الامور مجتمعة او منفردة، ربما تحقق له السعادة الوقتية، ولكنها سرعان ما تزول بزوال اثرها الحسي. ويقتضينا هذا كله، ان نجمل اهم الصفات الواجب توافرها في المرء، ليكون محبوبا من الاخرين ان يكون واقعيا وصادقا في اقواله، وان يتجنب رذائل الكذب والغش والخداع، وان يبتعد عن الغيبة والنميمة والنفاق، ويحرص على ذكر صفات الناس الخيرة، والا فالسكوت خير سياسة. ليس المهم ان يكون المرء جميلا، او بهي الطلعة، او ذا عينين زرقاوين، انما المهم ان يكون مظهره موحيا بالانشراح والقبول، ومما يساعد على ذلك، ابتسامته وتعبيرات وجهه، لعلنا نذكر هنا للمثال وليس للحصر - الاعلامية الامريكية المشهورة - اوبرا - وهي مقدمة البرامج الاجتماعية الهادفة ... بشرتها سمراء، وتقاطيع وجهها ليس به مسحة جمالية تذكر، الا انها تستقطب كبار شخصيات العالم من مختلف الاطياف، فتبعث البهجة والسرور في نفوس مستمعيها ومشاهديها، وفي نهاية برنامجها، تكتسب احترام الحضور وتقديرهم لها. ان يحسن المرء اخيتار ملابسة وهذا لا يعني بالضرورة ان ينفق الاموال الطائلة لشرائها او تغييرها كل يوم وانما يعني ان يلبس ما يليق به، وكذلك تستطيع النساء ان يدخلن تحسينات كثيرة على مظهرهن، وذلك باختيار تصفيقه الشعر المناسبة للوجه، وكذلك لون المساحيق الملائمة للبشرة، والا يسرفن في استخدام وسائل المكياج والتجميل فان هذا من شأنه ان يعمل على لفت الانظار اليهن دون اعجاب وجعل الناس يحكمون عليهن بسوء. كما لا ينبغي ان يكون المرء متعاليا او متحذلقا ولا يكن صريحا بالدرجة التي ينفر منه الغير، فخير الامور اوسطها، كما لا يجوز ان يغمز المرء بعينه غيره، لان احدا لا يحب ان تجرح مشاعره، فكل الناس تسعى الى الشخصية التي تفتح صدرها بالود والترحاب، وهذا يساعد على حسن المعاشرة بطريقة سوية، وبهذا يضع المرء الاساس المتين، لتكوين علاقات اجتماعية ناجحة في المستقبل. واخيرا، فان خير الصفات ما قاله لقمان الحكيم لابنه: غاية الشرف والسؤدد حسن العقل ومن حسن عقله غطى ذلك جميع ذنوبه واصلح ذلك مساوئه ورضى عنه الناس