أرقى ما يمكن أن يصل إليه الإنسان، السعادة. يعيش الإنسان حياته بأكملها، يعمل ويكد، بل ربما يقحم نفسه فى مغامرات ومخاطر من أجل أن يصل إلى لحظات من السعادة. هناك من ينحرف ويخالف القانون ويحارب المجتمع من أجل ما يعتقد أنه السعادة. ولأن السعادة مسألة شغلت وتشغل الإنسان على مدى تاريخه الطويل، فقد اجتهد الفلاسفة والمفكرون فى تعريفها، ولكن ليس هناك حتى الآن تعريف محدد للسعادة، وإن كان أقربها يقول إن السعادة هى حاصل مجموع أو عدد من الملذات المعنوية والحسية. الخلاصة أن الناس فى عموميتهم وفى نخبتهم يتفقون على أن السعادة هى أرقى شعور يتمنى الإنسان أن يصل إليه، ولكنهم اختلفوا على تحديد ما هى السعادة من وجهة نظر كل منهم. وبشكل عام لو تحدثنا عن السعادة لوجدنا عوامل عديدة تساعد على وجودها، ومن أهم هذه العوامل، النجاح فى العمل، فالنجاح يولد متعة كبيرة فى الحياة ويدفع للمضى فى العمل بشكل أفضل، وهو يؤدى لمن لديهم حاجة مرتفعة للنجاح إلى تحقيق إنجاز أكبر ويشعرهم بقيمة أكبر لكل ما يؤدى إلى إثبات كفاءتهم، والنتيجة مزيد من الاستمتاع والاندماج فى العمل وبالتالى مزيد من السعادة. العمل نفسه نوع من السعادة، فهو مصدر رضا ذاتى بالنسبة للبعض، فهناك من يستمتع بقيادة الطائرات أو السيارات أو التعامل مع الكمبيوتر أو تأليف الكتب أو صناعة الأثاث، وقد يقوم البعض بهذه الأعمال فى أوقات الفراغ بدون أجر وفى كل الأحوال هم يشعرون بالسعادة. أما الأجر نفسه فهو فى مقدمة أسباب الشعور بالسعادة والرضا، وهو أهم سبب للشعور بالرضا عن العمل، وقد أفادت الدراسات أن 80% من العاملين فى أى مجال غير راضين عن أجورهم، لكن الأجر يشكل أحد المكونات الأساسية للرضا عن العمل وهو يعطى مؤشرا جيدا عن العمل بشكل عام. ويتأثر الرضا عن الأجر بحجم الأجر الفعلى وعلاقته بما يعتقد المرء أنه الأجر العادل أو ما يظن أنه جدير به. وفى كل الأحوال لا يمكن للإنسان أن يشعر بالرضا الكامل، لأنه يعلم مدى قصور الظروف الراهنة عن بلوغ طموحاته أو بما يشعر أنه أهل له ويستحقه أو عما يعتقد أن الآخرين حققوه. ومن أهم عوامل الشعور بالسعادة، زملاء العمل، فهؤلاء يوفرون عوائد إنسانية واجتماعية ومادية، تتمثل فى المساعدة فى العمل والتعاون من أجل تحقيق أهداف مشتركة وهو ما يؤدى بدوره إلى النجاح والإنجاز والتقدير. ويمثل النشاط الذى نقوم به فى وقت الفراغ واحدا من أهم عناصر الشعور بالسعادة والرضا العام عن الحياة، فهو نوع من الاستمتاع وتحقيق الذات وإكمالها، فالفرد الذى يساعد الآخرين خلال الوقت الذى لا يعمل فيه يشعر بمتعة كبيرة والفرد الذى يمارس هواية ما، يشعر بالسعادة وهكذا. لكن فى كل الأحوال فإن الشعور بالسعادة يقترن بالصحة النفسية والجسدية ويزداد بوجود علاقات اجتماعية، ويقل بفقدان هذه العلاقات وبزيادة وطأة أحداث الحياة. وبمناسبة انتهاء شهر رمضان وحلول العيد أتمنى أن يجد كل منا سعادته فى شىء ما. قد نختلف فى تعريف السعادة، ولكن من المؤكد أننا جميعا نتفق على طعم الشعور بها.