يستمد هذا الكتاب أهمية خاصة في المكتبة العربية, ليس لانه فقط يضم في صفحاته الطويلة(662 صفحة) هذا الكم الهائل من الأمثلة الشعبية التي تعكس معها عوالم النساء في بلدان العالم المختلفة, ولكن لانه أيضا يسلط الأضواء علي حياة النساء بموروثاتها وأفكارها ومفرداتها العديدة( جسد المرأة جمالها الزواج الطلاق الحب الشيخوخة الخصوبة الحمل السحر.. الخ) عاكسا رؤي الشعوب ونظرة المجتمعات لعوالم المرأة من ناحية, وفاضحا من ناحية أخري أوجه( التمييز) ضد النساء في الثقافة الشفاهية في كافة أرجاء العالم ومختلف الثقافات الشرقية والغربية علي سواء! أنفقت الكاتبة الهولندية مينيكه شيبر مؤلفة هذا الكتاب من عمرها خمسة عشر عاما ظلت خلالها تنتقل شرقا وغربا.. شمالا وجنوبا في أرجاء المعمورة.. تتحدث مع النساء.. تقترب من عوالمهن وثقافاتهن.. تتعرف علي عاداتهن.. والأهم من ذلك كله تعقد المقارنة بين الثقافات الشفاهية المختلفة.. تكشف عن الفروق والتشابهات والتناقضات في( النظرة إلي الأنثي).. وكانت ثمرة جهدها وبحثها الدءوب: هذا الكتاب الشامل الجامع للأمثلة الشعبية التي تخص المرأة.. أكثر من15000 مثل من أكثر من278 لغة مختلفة تتناول كل صفات النساء الجسدية والجمالية وكل مراحل حياتهن: الابنة والعروس والزوجة بل والزوجة, الثانية والأم والحماة والأرملة والجدة, فضلا عن المناسبات المختلفة الأفراح, الزواج, الحمل, بالاضافة إلي سلطة النساء ومواهبهن وأعمالهن.. وإذا كانت الأمثال الشعبية كما تؤكد الكاتبة في موسيقيتها ومباشرتها وصراحتها تعكس ليس فقط تفردا ثقافيا, بل وأيضا سمات عامة مشتركة حول العالم وعلي مر التاريخ بفضل كوننا جميعا نمتلك جسدا إما ذكوريا أو أنثويا, فقد تمت( برمجة) البشر علي أن يكونوا رجالا أو نساء عادة بدون وعي منهم بذلك(!) وتعد الأمثال الشعبية هنا بمثابة( وسائل) تكشف معها عن الموروثات والمعتقدات وأيضا التقاليد التي ظلت سائدة حتي يومنا هذا, تقاوم( غبار) السنوات وتتحدي( جريان) الزمان.. أمثال عديدة لاحصر لها تتحدث عن جمال وجه وجسد المرأة, وتكرس معها انحسار دور المرأة في هذه الخانة الضيقة: الأنثي الجميلة التي تجذب الرجل.. هذا هو فقط دورها في الحياة.. والأمثال من كافة ارجاء المعمورة: الوجه الجميل مفتاح للأبواب المغلقة( طاجيكي) لكل فتاة جميلة مستقبل ذهبي( روسيا) الجمال خطاب تعارف جيد( البرتغال/ المانيا) لايمكن هش المرأة الجميلة كما تهش الطيور التي تأكل الحصي( شرق إفريقيا) حتي الملاك لايمكنه مقاومة فتاة جميلة( عبري) إلي آخر الأمثال التي تؤكد وتكرس هذا المفهوم. وهناك علي صعيد آخر أمثال تحمل معها أفكارا متناقضة, فهناك أمثال تؤيد فكرة الزواج الثاني, وأخري تنبذ هذا الرأي: حتي الذئب يسمح له بان يتزوج اثنتين( أوار) وردتان ونحلة واحدة( تركي) الضرة مرة ولو كانت تمرة( الجزائر) الضرة غير مرغوبة ولو كانت مصنوعة من دقيق لم يخبز( داجستاني) أما الأمثال التي تقصر( الذكاء) والقدرة علي التصرف في شئون الحياة المختلفة علي الرجل فقط مؤكدة أن دور المرأة لايتعدي جدران بيتها فهي عديدة: كل ذكاء المرأة في بيتها, فان تركته لاقيمة لها( كردي). إحساس المرأة إحساس خاطيء( تيليغو) نظرا لبالغ غبائهن يجب علي النساء عدم الثقة في أنفسهن وطاعة أزواجهن( صيني) وتعاملت الأمثال مع المشاعر والأحاسيس والحب الوهاج بمنطق متناقض أيضا.. فالحب سر الحياة ومصدر سعادتها في بعض الأحيان.. وفي أحيان أخري يجلب معه التعاسة والأحزان: الحب يولد الأذي( كوري) ما من مرض أسوأ من الحب( روماسي) من أراد الوردة فليحترم الشوكة( فارسي) من أراد العسل فليحتمل لدغات النحل( عربي) أما الحب الأول فله مكانة خاصة في أمثال الشعوب: الحب الأول هو الحب الحقيقي الأوحد( عربي) الحب الأول والفاكهة الأولي الأفضل مذاقا( برتغالي) ما من حب كالحب الأول( أسباني مكسيكي) الأمثال التي أوردتها الكاتبة كثيرة ومتنوعة والمساحة ضيقة لاتسع لسردها وهي وإن كانت تترجم معها نظرة الشعوب للمرأة وهي نظرة( متراوحة) و( متناقضة) في كثير من الأحيان إلا أنها تؤكد في النهاية أن المجتمعات الشرقية والغربية تتساوي هنا في كثير من الأفكار. بقي أن نشير إلي جهد المترجمتين القديرتين: مني ابراهيم وهالة كمال اللتين تصدتا لهذا العمل الكبير واستطاعتا عكس الأمثلة الشعبية بمفرداتها وكلماتها الخاصة المعبرة عبر ترجمة عربية واضحة وسهلة تناسب ثقافات الشعوب العربية المختلفة وهو أمر مهم يحسب لهما بالتأكيد.