ليس عندنا فقط، بل فى معظم شعوب العالم تمارس الأمثال الشعبية تحيزا ضد النساء وتظهرهن بعقول أدنى من الرجال، وبعض الأمثال تؤكد أن المرأة تصلح لمهنة واحدة هى الزواج. باحثة هولندية تدعى «مينيكه شيبر» هى أستاذة الأدب المقارن بجامعة «لايدن» أعدت مؤخراً موسوعة جمعت بين ثناياها الكثير من الأمثال الشعبية فى جميع قارات العالم أغلبها ضد المرأة. تبدأ الموسوعة ومنذ العنوان بتحذير واضح (إياك والزواج من كبيرة القدمين) هكذا تقول الأمثال وتشرح الباحثة أن النساء صغيرات الحجم عادة ما يكون لهن أقدام صغيرة .. ويبدو أن كلا من صغيرات الحجم وصغيرات الأقدام أكثر جاذبية من صاحبات الحجم الكبير، ففى الصين القديمة كانت معظم النساء تربط أقدامهن من الإصبع حتى الكعبين لتصبح أصغر حجما وأكثر إغراء. وتضيف أن بالصين مثلا يقول: «المرأة طويلة القدمين ينتهى بها الحال وحيدة فى غرفة» أى ستفشل فى الحصول على زوج، وأنه فى بعض دول أفريقيا مثلا تحذيريا هو «إياك والزواج من امرأة ذات قدمين أكبر من قدميك.. لا تتزوج من امرأة كبيرة القدمين فهى رفيقك الذكر». تقول الباحثة إنها ألقت داخل مسجد فى نيروبى منذ سنوات كلمة عن النساء فى الأمثال واكتشفت أن «بعض الأفكار التقليدية التى تصر على وجود أدوار صارمة فاصلة بين النساء والرجال لا تقتصر على الفكر العربى أو الإسلامى فقط». أهمية هذا العمل إنما تأتى كما تقول المؤلفة من أنه يكشف فى معظم الوقت عن أوجه التمييز ضد النساء على أساس الجنس فى الثقافة الشفاهية فى جميع أرجاء العالم، كما يتضمن أبعادا نقدية تدعو الى إعادة النظر فى مفاهيم وقيم سائدة تعبر عنها الأمثال الشعبية. ونبهت على أن تراث الأمثال يؤدى إلى بناء جسور للتفاهم المشترك بين الشعوب. تحمل الموسوعة عنوانا فرعيا آخر هو (النساء فى أمثال الشعوب) صدرت بالإنجليزية عام 2004 فى الولاياتالمتحدة، وهى ثمرة 15 عاما من جهد المؤلفة فى السفر والتوثيق لجمع 15 ألف مثل من 278 لغة حول العالم تتناول الصفات الجسدية والجمالية للنساء ومراحل حياتهن وطقوس الأفراح والحب والزواج والحمل إضافة إلى مواهب النساء. وفى تصدير النسخة العربية التى نشرتها دار الشروق بترجمة أكاديمية لباحثتين فى كلية الآداب بجامعة القاهرة، تقول المؤلفة إنها بعد نشر الكتاب بالإنجليزية كتبت مقالا فى صحيفة لندن تايمز وجاءتها ردود فعل مختلفة «أكثرها كرما ودهشة كان رد فعل قارئ عربى فى الرياض، حيث أرسل لها علبة ضخمة مليئة بمجموعات جميلة من الأمثال العربية» تقديرا لجهد الكاتبة التى اعتبرت الأمثال وسيلة للتقريب بين البشر بقدرتها على أن تكون مرآة لاشتراك الناس فى الأفكار نفسها. ومن الأمثال التى ترى فيها نوعا من التحيز ضد المرأة ما يقال فى البرتغال.. «بالنسبة للمرأة الزواج مهنة» وفى بريطانيا والولاياتالمتحدة مثل يقول «الأب إلى مكتبه والأم إلى صحونها» وفى غرب أفريقيا مثل يقول «ذكاء المرأة هو ذكاء طفل» وفى السويد «للنساء شعر طويل وعقل قصير». وضمن سياق يقلل من قدرة المرأة على الاستقلال تورد الكاتبة مثلا برتغاليا يقول «المرأة بلا زوج سفينة بلا دفة» وهو قريب من المثل الهولندى «المرأة بلا زوج سفينة بلا شراع»، وتسجل مثلا هولنديا يقول «من يتزوج امرأة لجسدها فسوف يفقد الجسد ويحتفظ بالزوجة» وقريب منه المثل الهولندى القائل «الليلة الأولى من الزواج هى أحيانا الليلة الأخيرة من الحب». والآن ..تستطيع أى امرأة مصرية أن تتحسر على حالها وحال أخواتها من بنات حواء وكيف اجتمعت جميع شعوب العالم على ظلمها والنظر إليها بعين الحسود بعد أن أثبتت جدارتها فى كل الأعمال وبرهنت على أن عقلها يزن عشرة من عقول الرجال.