مع ارتفاع أسعار العلف الحيواني والاسمدة الزراعية الى مستويات قياسية تشهد صناعة تدوير الغذاء في اليابان اقبالا أكبر من أي وقت مضى على كريات تغذية الخنازير والدواجن المصنعة من مخلفات الطعام. ويتخلص اليابانيون كل عام من حوالي 20 مليون طن من مخلفات الطعام أي نحو خمسة أمثال المساعدات الغذائية العالمية للفقراء في عام 2007. وجرت العادة على التخلص من النفايات في مقالب قمامة حيث تتحلل وتنتج غاز الميثان الذي يسهم في ظاهرة الاحتباس الحراري. لكن التشريعات الحكومية منذ عام 2001 حفزت صناعة التدوير التي تحول بقايا الطعام الى علف حيواني، ومخصبات أو تنقل المخلفات الى مواقع خاصة حيث يستخدم غاز الميثان الناتج عن تعفنها في تشغيل محطات لتوليد الكهرباء. وقال ياسوفومي ميوا الباحث لدى معهد الابحاث الياباني "في ضوء ارتفاع اسعار الوقود والعلف تنمو صناعة (تدوير الطعام) الآن." وتابع "لا يأخذون بقايا الطعام من البيوت لانها ليست في حالة جيدة." وكان المزارعون يرفضون اطعام حيواناتهم بالعلف المصنع من بقايا الطعام لكن ارتفاع أسعار العلف جعلهم أكثر تقبلا للفكرة اذ ان سعر العلف المصنع يقل نحو 50 % عن العلف العادي. واستطاعت مزرعة للخنازير في مقاطعة أكيتا بشمال اليابان أن تعوض زيادة بنسبة 20 % في أسعار العلف المركب في عام 2007 بتصنيع العلف من مخلفات شركات الاغذية المحلية. وقال هيديكي ساتو المتحدث باسم شركة سوجايو التي تربي الآن 20 ألف خنزير "لو لم ننتج العلف بأنفسنا لكنا واجهنا وضعا خطيرا خلال عام 2008." ودفع الملل هيرويوكي ياكو سائق شاحنة القمامة الذي اعتاد نقل المخلفات كل يوم الى بدء شركته الخاصة لتدوير الطعام وسماها "أجري جايا سيستم" لتصبح أكبر شركة للعلف الحيواني المنتج من بقايا الغذاء في اليابان. واوضح ياكو ان المخلفات كانت تمثل هدرا، أما الآن فان سائقي شركته ينقلون شحنات من بقايا الطعام والشطائر وغيرها من مخلفات 1200 متجر لسلسلة سفن اليفن الى مصنعه على مشارف طوكيو حيث يتم تحويل هذه البقايا الى علف حيواني جاف وسائل للخنازير والدجاج. ولا يستخدم العلف للماشية والاغنام بسبب القواعد الصحية الصارمة لمنع انتشار مرض جنون البقر. وفي العادة تستخدم مصانع تدوير الغذاء مخلفات المتاجر الكبرى والمطاعم حيث تطبق قوانين صحية صارمة يتم بموجبها في نهاية اليوم التخلص من كل ما يتبقى دون أن يباع. وتستورد اليابان نحو 75 % من احتياجاتها من العلف من الخارج، وهي أكبر مستورد للذرة كعلف للحيوانات في العالم. لكن الزيادات الاخيرة في الاسعار لصعود أسعار الذرة وفول الصويا وهما المكونان الرئيسيان في العلف الحيواني أدت الى زيادة الاقبال على العلف المصنع من بقايا الطعام. وكان العلف المصنع يشكل نحو 1 % فقط من العلف الحيواني المستخدم في اليابان أي نحو 150 ألف طن في عام 2006 الا أنه ارتفع الى المثلين مقارنة بعام 2003. وفي اليابان تنتج شركات مثل وحدات التصنيع الغذائي وشركات التجزئة والمطاعم 11 مليون طن من المخلفات الغذائية سنويا، وهذه الشركات مسؤولة عن التخلص من المخلفات وغالبا ما تدفع مبالغ كبيرة لنقلها والتخلص منها. وصدر في ديسمبر كانون/ الاول 2007 قانون معدل للتدوير يحدد أهدافا متصاعدة تدريجيا للشركات التي تتخلص من أكثر من 100 طن من مخلفات الغذاء سنويا مما يزيد الحافز لدى هذه الشركات للعمل مع شركات التدوير. وتعيد صناعة الغذاء اليابانية وهي أكبر منتج للمخلفات الغذائية تدوير أكثر من 70 % من المخلفات، ويتحول نصف هذه الكمية الى علف وأقل من 5 % لانتاج الميثان والباقي الى مخصبات زراعية. وبدأ البعض استخدام المخلفات في انتاج الميثان لتوفير الطاقة وفي الوقت نفسه لتقليل كلفة التخلص من المخلفات. وتحاول الحكومات الاقليمية التي تحرق المخلفات لتقليص حجمها قبل دفنها في مقالب العمل على انتاج طاقة بديلة من هذه المخلفات. ويستخدم الميثان المستخرج من بقايا الطعام في توليد الكهرباء في بعض مناطق اليابان. وبدأت الوكالة المسئولة عن النظافة العامة في ادارة الحكم المحلي بطوكيو وشركة طوكيو للغاز تشغيل مصنع تجريبي في فبراير/ شباط 2008 لانتاج الميثان والايثانول من مخلفات وجبات الطعام المدرسية. وهذا هو المصنع الاول في اليابان الذي ينتج نوعين من الوقود في ان واحد. وفي مصنع ياكو يعكف العمال بدقة على فرز المخلفات المنقولة للمصنع على شاحنات مبردة لاستبعاد أي أشياء غير صالحة للاكل مثل قطع البلاستيك قبل ارسالها لوحدة الطهي. ويقول ياكو "يظهر اختبار لمذاق لحم الخنزير أن المشاركين في الاختبار يدركون الفرق على الفور. وهذا لأن الدهن في اللحم من انتاجنا أحلى من المعتاد. ومن الاثار الاخرى للطعام اللذيذ أن الدجاج ينتج بيضا أكثر من المعتاد." وينتقد بعض المدافعين عن حقوق الحيوان وخبراء الغذاء اطعام المخلفات للحيوانات لانها في كثير من الاحيان تكون قد انتهت فترة صلاحيتها. ويرى جونيشي كوواكا وهو رئيس منظمة أهلية تهتم بحقوق المستهلكين ان العلف المصنع من الوجبات السريعة قد يفتقر الى معادن أساسية لازمة للانسان والحيوان. ويضيف "أعتقد ان الفرص كبيرة أن تمرض الحيوانات اذا أكلت فقط هذا النوع من العلف وظلت في بيئات مصطنعة." (الدولار يساوي 108.24 ين)