ظاهرة الغلاء التي ضربت جميع المرافق في الامارات العربية المتحدة ألقت بظلالها على حياة المواطنين والمقيمين بدون استثناء لجهة دفعتهم الي البحث عن بدائل لمسايرة الواقع والبحث عما يفي بالغرض. وعلي الرغم من ان الظاهرة عالمية وتعود الي ارتفاع أسعار النفط والتخوف من ركود الاقتصاد الأمريكي وتراجع سعر صرف الدولار، الا ان هناك اسباب اخري محلية أدت الى تفاقم الازمة الى درجة يصفها السكان "بالصعبة". ومن اثار الغلاء في الامارات التي يربو سكانها على 5 ملايين نسمة لجوء الكثير من المقيمين الي ترحيل عائلاتهم والعيش في سكن مشترك مع اصدقاء او زملاء الي درجة اوصلت نسبة الذكور في الامارات الي اكثر من 75% من السكان. كما أن للإرتفاع ايجارات الوحدات السكنية بشكل مبالغ فيه الي درجة ان الارتفاع لم يقف عند حد البنايات الجديدة التي بنيت وفق اسعار الحديد والاسمنت والأراضي الجديدة بل طال البنايات القديمة التي لا تصلح للسكن اصلا. يذكر، أن غلاء السكن نال من جميع الامارات حتى الشمالية منها مثل عجمان وراس الخيمة و ام القيوين والفجيرة التي كان يهرب اليها الناس لتجنب غلاء ابوظبيودبي والشارقة. وذكرت تقارير صحفية، ان الامارات الشمالية تمتص فائض الطلب في دبي حيث تتوافر فيها خيارات بأسعار أقل، ففي حين يصل ايجار الشقة من غرفتين وصالة في دبي الى 119 ألف درهم (32.4 الف دولا) سنويا، وفي ابوظبي 130 ألف درهم (35.4 ألف دولار)، و80 الف درهم (21.7 الف دولار) في الشارقة، يمكن الحصول على نفس الشقة في رأس الخيمة بسعر 37 الف درهم (10 الاف دولار) و25 ألفا (86.8 الف دولار) في أم القيوين وبسعر 38 الفا (10.3 الف دولار) في عجمان. وتوقعت، أن تستمر الزيادة في الايجارات بما في ذلك الامارات الشمالية مع استمرار تطوريها حيث تستقطب عجمان وحدها ما قيمته 7 مليارات دولار من المشروعات العقارية. بل توقعت ان تزيد نسب غلاء الايجارات في الامارات الشمالية عنها في دبيوأبوظبي، فقد تصل قيمة الشقة المكونة من غرفتين وصالة قيمتها الى نحو 16.3 الف دولار في كل من عجمان وأم القيوين ورأس الخيمة بحلول عام 2010 أي بزيادة تبلغ نسبها 71%، في حين تصل نفس الشقة في دبي الى 38.1 الف دولار أي بزيادة تصل نسبتها الى 16% فقط. ولم تقتصر الزيادة علي الشقق السكنية وانما شملت المكاتب والمحلات فقد زاد الطلب علي المكاتب في المناطق التجارية حيث شهدت اسعار مبيعات المكاتب زيادة بنسبة تراوحت بين 30 و 45% في دبي ووصلت في أبوظبي الى حد الاشباع. وما زال اقطاع العقاري في الدولة الخليجية - وفقا للتقارير- يشهد طفرة غير مسبوقة حيث استقطب منذ 2003 ما يزيد عن 300 مليار دولار من الاستثمارات واحتل المرتبة الاولى بين القطاعات العقارية في دول مجلس التعاون. ويمتد الغلاء الي باقي قطاعات الحياة، وبات يستنزف جيوب المواطنين والمقيمين بشكل جعل زيادة الدخول التي حصلوا عليها غير مجدية لاسيما وان التجار يتربصون بأي قرار زيادة لرفع اسعار السلع. ومن القطاعات التي باتت تشكل عبئا كبيرا علي الاسر في الامارات، ارتفاع اقساط المدارس الخاصة بحيث يصل معدل دراسة الطالب في الابتدائي الي 5.4 الف دولار سنويا ويصل معدلها الي 13.6 الف دولار سنويا في الجامعة. وطال الغلاء كذلك الفحوصات الطبية، لتقفز بصورة كبيرة لدرجة متوسط سعر الكشف في القطاع الخاص يحوم حول 100 دولار تزداد او تنقص حسب الامارة. كما تم فرض رسوم علي مواقف السيارات في غالبية شوارع الامارات بحيث لا يمكن ان تقف في مكان بدون ان تدفع اجرة وقوف مركبتك حيث تحصل علي مخالفة قدرها 54.4 دولار اذا تأخرت 15 دقيقة عن الوقت المحدد. والي جانب مواقف السيارات اصبحت طرق (سالك) التي فرضتها امارة دبي على شارع الشيخ زايد وجسري المكتوم والقرهود وحديقة الصفا - والتي حددت رسم العبور للفرد ب4 دراهم- تثقل كاهل السائقين وتجعلهم يقطعون مسافات اطول لتجنب الرسوم او الدخول في ازدحام يستغرق ساعات. واصبح ارتفاع ايجار موقف السيارة يسير بخط متواز مع ايجارات الشقق وبات ايجار موقف السيارة في دبي والشارقة يصل الي 1.3 الف دولار في السنة، مما دفع بلدية الشارقة لبيع مواقف في الطرقات العامة مقابل 1.9 الف دولار للسنة. وعن حركة السفر والطيران، حد ارتفاع اسعار تذاكر الطيران وتكاليف المعيشة من اتجاه سكان الامارات للسفر لقضاء اجازات الصيف، حيث لجأت نسبة كبيرة من المقيمين في الدولة الى السفر لبلدانهم بالبر سواء في سياراتهم الخاصة او بواسطة وسائل النقل البرية. وفي سياق متصل، كشفت دراسة حديثة لصحيفة (الخليج) الاماراتية أن 24% من المقيمين بالامارات فضلوا عدم السفر خارجها في عطلة الصيف بسبب ارتفاع الأسعار وتزايد الأعباء المعيشية، فيما أصر 76% علي السفر لقضاء موسم الاجازة مع تغييرات في وجهة السفر ومدته بما يتلاءم مع الميزانية السنوية المخصصة لموسم الاجازة، بل تحكمت الاسعار في قرارات 80% بشأن مكان ومدة السفر. (الدولار الأمريكي يساوي 3.67210 درهم) (كونا)