أصبح من المتفق عليه إلى حد كبير الآن بين المفكرين أن الفروق بين الأمم المتقدمة والنامية هي فروق في مدى امتلاك هذه الأمم أو عدم امتلاكها للعقول المبدعة، فقد أصبح الإبداع هو المحك الحاسم في الإسراع بتقدم الشعوب . ويعتبر الإبداع العلمي وتنميته احد الجوانب الهامة التي يجب الاهتمام بها في شخصية الأفراد في المجتمعات التي تسعى لمواكبة التحديث والمعاصرة في ظل تسارع الانجازات العلمية . وقد أدركت كثير من المجتمعات اهمية الاهتمام بفئة المبدعين في بناء وتطور المجتمع ، لذلك كرست جهودها وطاقاتها في سبيل الكشف عن المبدعين وشخصيتهم وسبل رعايتهم، وأصبح الكشف عن المبدعين في المجتمع ليس الهدف الأساسي فقط ، بل اختيار البرنامج الإبداعي المناسب هو الهدف الأساسي الذي تسعى إليه المؤسسات التربوية من اجل تنمية الإبداع العلمي عند الإفراد لإعدادهم مستقبلا ليكونوا روادا في البحث العلمي . بدأ التركيز على الإبداع عندما أشار التربوي الشهير مكينون (Mackinnon) عام 1969 إلى مكونات الإبداع الأربعة وهي: العمل الإبداعي، العملية الإبداعية، الشخص المبدع والموقف الإبداعي . والإبداع ظاهرة معقدة جدا، ذات وجوه أو أبعاد متعددة، لذلك ينظر إلى الإبداع بأنه تفكير في نسق مفتوح يتميز الإنتاج فيه بخاصية فريدة هي تنوع الإجابات المنتجة والتي لا تحددها المعلومات المعطاة كما يشمل الإبداع عوامل أخرى مثل إتقان الأفكار والمرونة السلسة، والقدرة على التوضيح التفصيلي التي يمكن تعزيزها بالوسائل التعليمية . أما الإبداع العلمي فهو توليد أفكار جديدة تتعلق بالمعرفة العلمية نفسها أو بالطرائق العلمية المتبعة للتوصل إلى هذه المعرفة أو بكلتيهما. لذلك فهو يعتبر المفتاح والعنصر الوحيد في بناء الصرح العلمي، وبذلك فهو يمثل الجوهر والهدف الأساس للجهد الذي تبذله التربية العلمية . وعليه فان الإبداع العلمي يساعد على فهم الأشياء والظواهر وحل المشكلات العلمية وتحديد الأسس التي تقوم عليها التكنولوجيا، وتغير نظرة الأفراد واتجاهاتهم نحو العالم المحيط بهم الى الأفضل . ومن أهم عناصر الإبداع العلمي تزود الفرد بالمعرفة العلمية العميقة والكافية للتوصل إلى فهم مقنع لظواهر الكون وأحداثه . وهنالك عدد من الأساليب التي يمكن للمدرسة العمل بها من اجل رعاية الإبداع والمبدعين وتلبية احتياجاتهم، هذه الأساليب تتبع نظما مخالفة لما هو سائد وتتميز عنها في أنها تقوم على طرق أكثر عمومية وشمولية في تنمية الإبداع وفي ملاءمتها لمختلف أوجه النشاط المبدع، وهذه الأساليب التربوية اقرب لان تكون برامج مخططة للتدريب على الإبداع عموما، ومن هذه البرامج : برنامج التفكير المنتج ويهدف هذه البرنامج إلى تدريب الطلبة على الإبداع خاصة في المرحلة الأساسية العليا من خلال تعلم المهارات العامة في حل المشكلات. وعملية حل المشكلات الإبداعية تتكون من ثلاث مراحل :- اكتشاف الحقيقة وتتكون من جزأين هما تحديد المشكلة، ثم الإعداد لحلها بجمع المعلومات المناسبة والمتعلقة بها . اكتشاف الفكرة، وتشمل انتاج أفكار جديدة من خلال تنمية الفكرة الأصلية . اكتشاف الحل وذلك من خلال تقويم الأفكار وتبني واحدة منها لتنميتها واستخدامها في البداية . أي أن فكرة البرنامج تقوم على مبدأ حل المشكلات بطريقة ابداعية،وان خطوات الحل الابداعي للمشكلات هي : أ.المشكلة ب. التحديد والتحليل المختصر للمشكلة . ج . الاقتراحات المباشرة لحل المشكلة . د . فهم الأفراد للمشكلة، أهدافها وطريقة حلها . ه . الراحة من التفكير في المشكلة . و . التخيل المناسب . ز . التطبيق العملي لناتج التخيل المناسب لحل المشكلة . وللمعلم دور هام في عملية تنمية الإبداع لدى الطلبة، حيث يقوم المعلم المبدع بعدة ادوار : مخطط، مشكل للمناخ الصفي، مبادر، مركز، مواصل، مصدر للمعرفة وموجه للأسئلة . ولا ينحصر دور المعلم في تلك الأدوار بل يشجع التفكير الإبداعي من خلال استخدام طرائق في التدريس تشجع العمل الإبداعي من خلال تدريب الطلبة على : @احترام أسئلة الآخرين . @ احترام خيالات الطالب التي تصدر عنه . @ إظهار أن أفكار الطلبة لها قيمة . @ السماح للطلبة بان يقوموا بأداء بعض الاستجابات. * ربط التقويم ربطا محكما بالأسباب والنتائج . وأيضا هنالك متطلبات ضرورية يجب أن تتوفر في الفرد المبدع ومن أهمها : عدم الاعتماد على الحلول الجاهزة، التأني في حسم المواقف، المستوى الثقافي والعلمي، الانفتاح على الآخر، مواجهة التحديات والتشكيك بالنتائج والنظريات . لذلك ازداد الاهتمام باتجاه تكوين المبدع أكثر من الاتجاه نحو تمييزه واكتشافه، كما أن التغيير في العوامل البنائية للبرامج التربوية وشروط المحيط يمكن أن يحرض النشاط الإبداعي . وأكد البحث العلمي على أن الاستعدادات المبدعة يمكن أن يتم تكوينها وتطويرها، وان التأكيد على الدور الأساسي للتربية لا يعني نفي المؤثرات الوراثية، وان الاستعدادات أيضا تقوم على عوامل فردية فطرية، حيث أن الحيثيات الفطرية لا تشكل القوة المحركة لتطور الاستعدادات لكن لها تأثير كبير على هذا التطور .