عشية اجتماعها في جدة ظهرت خلافات بين الدول المنتجة والمستهلكة للنفط حول دور المضاربات في ظاهرة ارتفاع اسعار النفط الخام. ففي الوقت الذي يلقي البعض باللوم علي الطلب المضطرد والنقص في قدرات التكرير كسببين رئيسيين في ارتفاع الاسعار، يشير آخرون بأصابع الإتهام الي الصناديق الاستثمارية التي تقوم بتكهنات ومضاربات حول مستقبل اسعار النفط وحول وضع السوق بينما يلامس سعر البرميل عتبة 140 دولارا. وتستضيف المملكة العربية السعودية الاحد 22 يونيو/ حزيران 2008، اجتماعا مهما لكبرى الدول المنتجة والمستهلكة للذهب الاسود بحضور العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز ورئيس الوزراء البريطاني جوردن براون. وتدعو وثيقة عمل مطروحة امام اجتماع جدة الى "تعزيز شفافية وتنظيمات الاسواق المالية"، وتشير بشكل خاص الى ضرورة اتخاذ تدابير لجمع المزيد من المعلومات حول عمل مؤشرات الصناديق الاستثمارية. ولفت مسؤول دولي رفيع في مجال الطاقة يشارك في اجتماعات جدة، الي ان هذا الجزء من الوثيقة المطروحة "مثير للجدل لدرجة كبيرة" لان دول مستهلكة كبيرة مثل الولاياتالمتحدة لا تعتقد ان المضاربين يتحملون المسؤولية الاكبر. وهو ما أكده سام بودمان وزير الطاقة الامريكي، عندما قال أن انه لا توجد مؤشرات قاطعة علي أن المضاربة هي السبب الرئيسي لغلاء الخام، مؤكدا علي ضرورة زيادة المعروض من الخام لتخفيف معاناة المستهلكين جراء أسعار الوقود القياسية. وتعتبر الوثيقة ان الصناديق الاستثمارية التي تصدر مؤشرات اضافة الى المستثمرين الآخرين تجري "تقييما غير واقعي" لمستقبل قيمة النفط. وذكر المسؤول الرفيع ان هذه الاشارة القوية الى الصناديق الاستثمارية قد يتم تلطيفها في البيان الختامي لاجتماع جدة حول الطاقة الاحد بسبب معارضة الولاياتالمتحدة وبعض الدول الصناعية الكبرى الاخرى. جدير بالذكر، أن الوثيقة تسعي الى ممارسة الضغط علي الفاعلين الاساسيين في السوق النفطية ، وهو ما اتضح علي لسان ابراهيم المهنا مستشار في وزارة البترول والثروة المعدنية السعودية عندما قال "ان بروز لاعبين جدد جعل من الاشارة الى سبب محدد (للازمة) امرا اكثر صعوبة"، مجددا التأكيد علي ان المضاربة هي السبب الرئيسي الكامن خلف ظاهرة ارتفاع اسعار النفط.. وتدعو الوثيقة المطروحة امام الاجتماع الى تحسين عمليات جمع المعلومات من قبل هيئات مثل اوبك ووكالة الطاقة الدولية والمنتدى الدولي للطاقة وذلك بهدف "تعزيز الشفافية" واجراء تقييم افضل "لتاثير اسواق المال على مستوى واسعار النفط وتذبذبها وهو امر يمكن الاستفادة منه لتعزيز فهم وضع السوق". وعدا السعودية التي قررت زيادة انتاجها 200 الف برميل يوميا خلال يوليو/ تموز 2008 لا يبدو ان الدول المصدرة الاخرى قد تجاوبت مع دعوات المستهلكين الى زيادة الانتاج. وقال الرئيس الحالي لمنظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" وزير النفط الجزائري شكيب خليل انه لا يمكن ان نطلب من صانعي السيارات واجهزة الكمبيوتر انتاج المزيد منها لمجرد كون اسعارها مرتفعة. وأضاف المسؤول الدولي في مجال الطاقة ان التقديرات المختلفة والمتعددة للانتاج ولحاجات المستهلكين من قبل مجموعات مختلفة تبعث بمؤشرات متناقضة للسوق ما يعزز المخاوف حول الامدادات. وتحث الوثيقة علي الاسراع بتحرك دولي "للحد من المخاوف" والى اتخاذ "التدابير اللازمة لضمان استقرار واستدامة نظام الطاقة"، كما تشدد ايضا على ضرورة رفع القدرة في مجال التكرير فيما تؤثر عوامل مثل ارتفاع الكلفة وتشديد القوانين والمعايير البيئية على الاستثمارات المخصصة لرفع القدرة التكريرية. وتعتبر ان القدرة الانتاجية الاحتياطية علي امتداد شبكة الامدادات مهمة لضمان استقرار اسواق النفط العالمية ولذلك فان رفع الاستثمارات في عمليتي الانتاج والتكرير ضروري لضمان تزويد الاسواق بطريقة مناسبة وضمن مهلة زمنية ملائمة. ومن المتوقع ان يدعو البيان الختامي للاجتماع الى مساعدة اكبر من قبل الحكومات والمؤسسات والمجموعات الاقليمية للتخفيف من تداعيات اسعار النفط المرتفعة على الدول الاقل نموا. ويسعي الاجتماع الي ايجاد آليه لتهدئة الاسواق، لانه اذا دخل الاقتصاد العالمي في مرحلة انكماش فان ذلك سيؤثر كثيرا على الطلب. (أ ف ب)