يتزايد اتجاه المزارعون المصريون الي زراعة المزيد من محاصيل الحبوب مثل القمح والارز والذرة علي امل الاستفادة من الزيادة القياسية في اسعارها خاصة مع ارتفاع تكاليف المعيشة، وهو ما يأتي علي حساب محاصيل اخري مثل القطن. ومن الممكن أن تجلب الاسعار المرتفعة المزيد من الاموال الي الريف المصري خاصة في ظل ارتفاع معدلات التضخم. يذكر، أن معدل التضخم في ريف مصر بلغ 17.6% في العام المنتهي في مارس/ اذار 2008 مقابل 12.8% في يناير/ كانون الثاني، وسط توقعات بان يواصل المعدل ارتفاعه بعد قرار الحكومة في مايو/ ايار رفع اسعار الوقود. ويعزز من الاتجاه وعود الحكومة بشراء انتاج القمح من المزارعين بالاسعار العالمية بحد أدنى 380 جنيها مصريا (71 دولارا) لكل 150 كيلوجراما مقابل نحو 200 جنيه في 2007 وهذا السعر يعادل أكثر من 470 دولارا للطن. ويقول المزارع المصري فهمي جعفر انه يخطط لبيع اثنتين أو ثلاث من بقراته الأربع لأنه لا يريد أن يزرع مزيدا من البرسيم لإطعامها ويستعيض عن ذلك بزراعة القمح. ويضيف مزارع آخر، "أسعار الاسمدة ارتفعت، وسعر الوقود ارتفع، سعر كل شيء ارتفع فالحديد وصل الي 8000 جنيه" وبالتالي فزراعة القمح والارز والذرة هي الاكثر ربحا. وقال محمد واصل الذي يدير محل بقالة "الموقف بالطبع اسوأ والناس لديها نقود أقل للانفاق". لكن ابراهيم صديق استاذ الاقتصاد الزراعي قال ان الزيادة في اسعار المحاصيل من المتوقع ان تعزز دخول المزارعين بدء من 2009، حيث ان التضخم لم يتجاوز 25%. واضاف أن أسعار بعض المحاصيل زادت باكثر من 100%، وهو ما سيشجع المزارعين على زيادة انتاجية الارض وهو أمل يراود الحكومة. ولفت الي ان مصر اقترحت زراعة قمح في اراض خصبة في السودان وهو اقتراح قدمته ايضا دول عربية اخرى مثل السعودية، مؤكدا انه اذا تمت تنمية السودان بشكل جدي فان مصر ستستفيد والسعودية ستستفيد والدول العربية الاخرى ستستفيد ايضا. وتعد مصر -التي كانت توصف بسلة غذاء الامبراطورية الرومانية- واحدة من كبار الدول المستوردة للقمح في العالم، بعد أن زاد استهلاكها من 8 ملايين طن في عام 1982 الى نحو 14 مليون طن في 2008، وتشتري الحكومة منها 6 ملايين طن من كبار الدول المنتجة مثل الولاياتالمتحدة وروسيا وفرنسا. وعلي صعيد آخر يقول سعد نصار وهو احد مستشاري وزير الزراعة، أن التحول نحو زراعة مزيد من محاصيل الحبوب جاء علي حساب القطن الذي أطاح بالقمح ليصبح المحصول الرئيسي في مصر في القرن ال19 واوائل القرن ال20. وأشار أحد المزارعين الي ان تكاليف انتاج القطن اصبحت أعلى من سعر السوق، ويكمل انه لا يريد زراعة القطن وهو محصول جعل بعض المصريين أثرياء من وقت لاخر على مدى نحو 200 عام، وعلل ذلك بان "القطن أصبح محصولا منقرضا" في مصر. وانتقد مزارعون قرار الحكومة بحظر تصدير الارز حتى عام 2009 لخفض الاسعار مؤكدين علي ان هذا لن يمنعه من زراعة المحصول الجذاب، ورد المسؤول المصري بان الحكومة ليس لديها سبيل اخر لحماية المستهلكين. وتتوقع منظمة الاغذية والزراعة التابعة للامم المتحدة - التي عقدت اجتماع قمة في روما في مايو/ ايار 2008 للبحث عن سبل لتأمين امدادات الغذاء - ان تبقى اسعار الغذاء مرتفعة خلال العقد القادم رغم المحصول الوفير هذا العام مما يزيد من تفاقم وضع 850 مليون شخص يعانون بالفعل من جوع مزمن في انحاء العالم. وينحي خبراء باللائمة في ارتفاع الاسعار في جانب منها الى زيادة الطلب في الاقتصاديات النامية مثل الهند والصين وارتفاع اسعار النفط التي دفعت تكاليف الانتاج والزيادة الكبيرة في برامج الوقود الحيوي التي أحدثت تحولا في استخدام الارض بعد ان كانت تستخدم في وقت من الاوقات لزراعة الغذاء. (رويترز)