سجلت مصالح الشرطة القضائية أكثر من 30 عملية سرقة وتهريب وتصدير غير قانوني لأملاك ثقافية تراثية منذ سنة 1996 أي ما يمثل 180 تحفة أثرية من متاحف ومواقع أثرية، حسبما علم لدى الفرقة المتخصصة في هذا المجال. وحسب هذه الفرقة التابعة لمديرية الشرطة القضائية، فإن 15 قضية تمت تسويتها مما سمح باسترجاع 143 تحفة سيما مصابيح وتماثيل صغيرة وقطع أثرية ومزهريات وقلل وأدوات أخرى مصنوعة بالرخام والبرونز والطين يعود تاريخها إلى العصرين الروماني والبيزنطي. وعلاوة على عمليات الحفر غير القانونية، فإن المتاحف تذهب فريسة لأعمال تهريب وأعمال تجارية مشبوهة نظرا لكونها أماكن مخصصة لحفظ وترميم وعرض التحف الأثرية النادرة الثمينة والتي تحفظ الثروات الوفيرة للذاكرة الموروثة كالعديد من البقايا الثمينة التي تم جمعها وتحديد تاريخها وتدوينها. و على سبيل المثال، تمت سرقة تحف من متحف الفنون الجميلة خلال سنة 1998 (من العهدين البربري والتركي) ولم يتم استرجاعها بعد حسب نفس المصدر الذي أشار إلى سرقة لوحة "بورتريه إمرأة" للرسام زودمي سنة 2000 والتي استرجعت سنة 2003 بينما لا يزال التحقيق جار في قضية التماثيل النصفية المسروقة سنة 1996 من متحف قالمة ضمن عمليات تهريب بين الجزائروتونس. و أشار مسؤول لهذه الفرقة، أنه تم استرجاع " تمثال نصفي واحد "راس إمرأة" من تونس. ومن جهة أخرى، أصدرت أنتربول عدة بلاغات دولية للبحث عن 9 تماثيل نصفية اختفت سنة 1996 من متحف سكيكدة سيما تمثال الأمبراطور الروماني مارك اورال. كما تمت سرقة مسدسات من القرنين ال17 وال18 وكذا سيف سنة 1998 من متحف بجاية تم استرجاعها من قبل مصالح الشرطة. ومن جهة أخرى، استرجعت نفس المصالح 69 تحفة مسروقة من متحف زبانة وتمثال "لا بينيوز" (العوامة) للنحات جان لوي بيغي والتي اختفت من حديقة التجارب للحامة خلال سنوات ال90 وكذا تمثالا نصفيا لإمرأة من البرونز تم نزعه من قاعدته في حديقة عمومية. و قد تعرض متحف معبد تبسة كذلك لمحاولة فاشلة لنهب قطع أثرية نادرة. ولم تسلم المسكوكات القديمة من ظاهرة نهب التراث التاريخي الوطني إذ سرق منها 52074 قطعة نقدية قديمة ذهبية وفضية وبرونزية وأخرى تعود إلى القرن الثامن عشر. و أشارت نفس المصالح، إلى"استرجاع 4261 قطعة نقدية مسروقة." وقد سجلت بولايتي تلمسان ووهران سنة 2004 محاولات تصدير لحوالي 1116 و444 قطعة نقدية و21 ميدالية إلى أوروبا بعد أن نهبت من حفريات أثرية سرية في حين قامت مصالح شرطة سوق أهراس باسترجاع 2700 قطعة نقدية من بين ال50000 المسروقة من هذه المواقع الأثرية سنة 1999. وتجري في الوقت الحالي، تحقيقات قضائية بغية العثور على القطع النقدية الذهبية أو الفضية المسروقة من متحف تيبازة. و تجدر الإشارة، إلى أن علماء آثار مرموقين يعتبرون الجزائر مكتبة ثرية للكتابات المنقوشة وخزان مسكوكات لا ينقطع وغني بالآثار النقدية الشبيهة بتلك الموجودة باليونان وروما القديمة. و يضم الكنز المسبكي الوطني عدة قطع نقدية ذهبية وفضية وبرونزية ومزيجة تعود إلى العهد القرطاجي والنوميدي والمغربي والروماني والوندالي والبيزنطي والعثماني والفرنسي. و قد تم منذ سنة 1996، إحالة مجموعة من اللصوص عدد أفرادها 45 شخصا منهم أجانب على القضاء بتهمة النهب وهذا بفضل تحقيق أجرته فرقة الشرطة القضائية بالتعاون مع المتاحف والمصالح القضائية المحلية لكل ولاية وشرطة الحدود والشرطة الدولية "إنتربول" ووزارة الثقافة. و أكد نفس المسؤول، أن "الفرقة عملت منذ إنشائها على توطيد علاقاتها مع مديرية التراث الثقافي التابعة للوزارة خاصة في إطار تبادل المعلومات وتنسيق الأعمال التي شرع فيها للحفاظ على التراث الثقافي الوطني وحمايته". من جهته، أوضح السيد بتروني وهو مسؤول على مستوى هذه المديرية أنه "بفضل وضع الجرد القانوني للأملاك الثقافية في سنة 2004 يمكن اليوم رفع دعاوي قضائية ضد هذه الأعمال الإجرامية". و أضاف نفس المتحدث، "أن مديرية الثقافة والمديرية العامة الأمن الوطني ستكرسان هذا النوع من التنظيم المختلط من خلال إبرام اتفاق سيدعم جهاز المكافحة" مضيفا "أن التكوين والتخصص لصالح مستخدمي المديرية العامة للأمن الوطني هو من المحاور الضرورية في هذا المجال". و لدى إبرازها المسعى الذي شرع فيه كل فرع منها المجلس الدولي للمتاحف في حالة تسجيل سرقة قدمت السيدة بورويس وهي مسؤولة بنفس المديرية للاستدلال على أقوالها كمثال التمثال النصفي لمارك اوريل الذي عثر عليه بالولايات المتحدة في رواق مسقوف. "وحالما تم اكتشاف التحفة أخطرت الشرطة الدولية "أنتربول" المديرية العامة للأمن الوطني التي أبلغت مديريتنا. وقد اتصلت هذه الأخيرة بالمتحف المعني أو بالوكالة الوطنية لعلم الأثريات التابع لها بغرض إرسال خبير لتحديد هوية هذه التحفة". و تجدر الإشارة أخيرا إلى قصة التمثال النصفي الشهير للروائي الجزائري ابولي دو مادور (المداوروشي) والذي عثر كما تمت الإشارة ضمن التحف الرائعة التي يزخر بها متحف اللوفر (مديرية التحف القديمة) بعد أن كان سرق من موقعه الأصلي بالمتحف من طرف أولئك الذين نهبوا خلال السنوات الأخيرة لحرب التحرير المكتبة الجامعية بالجزائر العاصمة.