برغم تجريم التنقيب عن الآثار بطرق غير شرعية, فإن هناك حالات من الهوس الشديد للبحث عنها في كثير من المواقع الاثرية وغيرها بحثا عن المال والثروة حتي أصبحت هناك عصابات متخصصة في الشراء التهريب. ومن جانبها جرمت الدولة كل أعمال في هذا النشاط باعتبار الاثار ملكا للدولة وجزءا من الذاكرة الوطنية, وأن من يبيع تاريخه يبيع كل شئ في حياته. الدكتور عبدالرحيم ريحان مدير منطقة آثار نوبيع يؤكد ان عصابات سرقة وتهريب الاثار المصرية زاد نشاطها في الفترة الأخيرة, مما شجع بعض الأفراد في التنقيب والبحث عن آثار بكل الأحجام ومن كل العصور, وهناك أمثلة كثيرة علي وقائع الحفر والتنقيب وتهريب الآثار, آخرها محاولة تهريب3 آلاف و753 قطعة أثرية مع راكب أردني متجة للعقبة, تمهيدا لبيعها لأحد المتاحف الأثري48 تمثالا,36 قطعة نقدية من الذهب تعود للعصر الروماني اليوناني133 قطعة نقدية من الفضة تعود لهذا العصر3 آلاف و288 قطعة نقد من البرونز و197 صنجا عملات زجاجية وهي التي يوزن بها النقود, وتعود للعصر الاسلامي, باسماء عدد من الخلفاء الفاطميين, وهي مجموعة نادرة وبحالة جيدة جدا, اضافة الي45 قطعة من الحلي و6 أختام تعود للعصور الاسلامي. وأضاف أن المجموعات المهربة شملت أنواعا من الآثار المصرية القديمة, ومجموعة قائمة في الوضع الأوزيري لآلهة مختلفة منها أوزوريس وإيزيس تتراوح أطولها ما بين4.5 10 سنتيمترات, وكذلك قائم من البرونز تمثل حورس الطفل كما شملت الآثار اليونانية الرومانية وهي الأكثر توفرا, نقودا ذهبية بحالة ممتازة علي أحد وجهيها صورة كليوباترا بخوذة الحر ونقود فضية عليها بوابة النصر, وصورة ملك روماني, ونقودا فضية, وبرونزية منها التذكارية ومنها مايحمل صورة بطليموس الأول والثاني والتي تحمل علي وجهها الآخر تمام صغيرة أو2 دبوس شعر من البرونز, أروتاج باب علي شكل يد تحمل الشعلة ورؤوس سهام منقوش عليها تمائم, والجزء العلوي من تمثال لايزيس, ورأس طفل, وهناك تمثال من البرونز مكسور لاربعة اجزاء ايزيس ترضع حورس وسبت ايزيس طوله بدون القاعدة19 سنتيمترا, وبها يصل الي22 سنتيمترا ويعود للعصر الفرعوني المتأخر وأوائل اليوناني, وجزء من تمثال من البرونز برأس صخور بقرني البقرة بينهما قرص الشمس ويعود للعصر الفرعوني المتأخر, كما شملت الاثار المهربة كنزا متفردا من صنج العملات الزجاجية مختلفة الاحجام والالوان وباسماء الخلفاء الفاطميين منهم المستنصر بالله. لصوص الآثار وقال ان اعداد قطع الآثار المهربة وبهذه الكمية الكبيرة يكشف أن هناك انتشارا للصوص الآثار وأنه حتي بصدور قانون رادع مثل هذه الأعمال فلم يرتدعوا, فالكميات المكتشفة تدل علي أن هذه الآثار جمعت لسنوات من أعمال الحفر بواسطة اللصوص, وليس من المتاحف أو المخازن لعدم وجود أرقام عليها والذي تتبعه هيئة الاثار مع قطعها مما يكشف بسهولة مصدرها الأصلي. كما يتضح علي هذه الآثار وجود تكلسات بفعل التربة المدفونة بها, وبعضها عليه طبقات من الصدأ, وبعضها متآكل, بينما تم تلميع بعضها حديثا, وحفظها في جرابات بلاستيكية, مما يدل علي الحرص علي إعدادها للتهريب, ولعرضها بأحد المتاحف, كما أن نوع هذه الآثار وتنوعها يدل علي جمعها من مناطق مختلفة, منها الآثار المصرية القديمة التي تم تجميعها من مناطق الصعيد أو الشرقية, والآثار الإسلامية التي جمعت من أنحاء الجمهورية, خصوصا في منطقة القاهرة التاريخية, وأن هذا يفسر أن أعمال التنقيب العشوائي هي السبب في الهبوط الأرضي الذي يحدث بمناطق عديدة بالقاهرة من وقت لآخر, وسقوط منازل جديدة علي أصحابها. قانون الآثار ويؤكد د. ماهر الخولي مدير وحدة المضبوطات الأثرية بميناء دمياط أن قانون حماية الآثار المعدل ينص علي أن السلطة المختصة بأعمال التنقيب عن الآثار فوق الأرض وتحت الأرض, والمياه الداخلية والإقليمية المصرية هو المجلس الأعلي للآثار, الذي يجوز له أن يرخص للهيئات العلمية المختصة والجامعات الوطنية منها والأجنبية بالبحث عن الآثار أو التنقيب في مواقع معينة ولفترات محدودة بعد التأكد من مستواها العلمي المناسب, وأن جميع الآثار المكتشفة التي تعثر عليها بعثات الحفائر العلمية والأجنبية والمصرية ملك مصر, ومع ذلك فإن كثيرا من الأفراد يقتحمون المحظور مستعينين بعمال حفر, ونتج عن نشاطهم التجارة المحرمة, ذلك برغم أن المادة44 من القانون تعاقب بالسجن المشدد وبغرامة لا تقل عن50 ألفا وتصل إلي مائة ألف جنيه, وتضاعف العقوبة بالسجن المؤبد والغرامة نفسها إذا كان المخالف عاملا بمجلس الآثار أو مسئولي أو موظفي أو عمال البعثات الخاصة بالحفائر أو المقاولين المتعاقدين مع المجلس, وبرغم ذلك توجد مخالفات منتشرة دون رادع حقيقي لذلك فإن هناك ضرورة لتشديد العقوبة حسب قول د.ماهر, ذلك لأن حالات سرقة وحيازة وإخفاء الآثار بقصد تهريبها باعتبار أن هذا العمل فيه خيانة للوطن وبيع لقيمته التاريخية والأثرية. ويضيف د. ماهر الخولي أن الكثيرين ممن تضبطهم أجهزة الآثار يبررون عملهم لحالتهم الاقتصادية الصعبة, ولا يذكرون أنهم يحققون أرباحا طائلة وثروات كبيرة, فماذا بعد خيانة للوطن, وأن المشكلة امتدت لكل مستويات المجتمع, فتجد في بعض المناطق الأثرية أناسا اغتنوا فجأة يعيشون علي هذه التجارة برغم هذه العقوبات المقررة وتجاهل القانون117 لسنة1983 حتي في أحدث تعديلاته التي تشمل تحفيز الناس للإبلاغ عن الأماكن التي يعرفون أن فيها مقتنيات أثرية. وأضاف أن اللصوص وتجار الآثار أصبحوا يمثلون ظاهرة تهدد مناطق الآثار البكر التي توضع ضمن خطة البحث المستقبلي, ووصل الحال ببعضهم إلي نشر ظاهرة الغش والتزوير للقطع الأثرية الأصلية, وما ينتج عن ذلك من مشاحنات بين عصابات التنقيب والتجار والوسطاء, ولعل أوضح صور المخالفات في ذلك ما ظهر في حادث مقتل6 أفراد من شركة مقاولات كبري علي يد سائق نتيجة حفريات تحت منزله, حيث تبين من التحقيق أن التنقيب عن الآثار هو سبب الجريمة, فضلا عن ضبطيات كثيرة تشهدها المواني لمحاولات تهريب قطع أثرية نادرة كانت معدة للتهريب للخارج, منها ما شهده ميناء دمياط البحري أخيرا, الذي شهد ضبط آثار كثيرة فرعونية ويونانية ورومانية وإسلامية شملت أواني كانوبية من المرمر, وتماثيل أوشابتي, ولوحات حجرية مهمة من العصر الفرعوني, ومومياء لطائر من العصر اليوناني, وايفورات رومانية, وشبك غليون من العصر العثماني, معظمها آثار مكتشفة حديثا من أعمال التنقيب العشوائي.