أثار انتخاب علي لاريجاني كبير المفاوضين الايرانيين النوويين السابق لرئاسة مجلس الشورى الايراني الثلاثاء الموافق 27 مايو 2008 التساؤلات عن تأثير ذلك على صعود نجمه السياسى واقدامه على منافسة الرئيس الايرانى محمود أحمدى نجاد فى الانتخابات الرئاسية عام 2009 ؟.وتتردد هذه التساؤلات انطلاقاً من أن "لاريجاني" يقود في البرلمان تكتلا قويا قوامه نواب محافظون يتسمون ب"النشاط والواقعية" ، مما قد يشكل قاعدة هامة ،تمكنه من الانطلاق لخوض التحدي الأكبر،بمنافسة الرئيس "أحمدي نجاد " في ماراثون الانتخابات الرئاسية المقبلة. ويأتى هذا الانتخاب وسط توقعات بعض المراقبين السياسيين المحليين بأن يكون البرلمان الجديد أكثر انتقادا لحكومة الرئيس أحمدي نجاد، مقارنة بالبرلمان السابق لكن ليس بدرجة عالية لأن المواجهة بين البرلمان والحكومة لن تتجاوز بعض القضايا المحددة ذات الصبغة الاقتصادية. وجاء انتخاب "لاريجاني" بغالبية 232 صوتا من أصل 263 شاركوا في التصويت بالبرلمان الذي يضم 290 نائبا. وكانت النتيجة شبه محسومة منذ اختيارالكتلة المحافظة "لاريجاني" مرشحاً لرئاسة المجلس بغالبية 161 نائبا من أصل 227 يوم الاحد 25 مايو، خلفا لغلام علي حداد عادل وهو من المحافظين المقربين من الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد. وقد انتخب "لاريجانى " في التاسع من ايار/مايو2007 رئيسا للكتلة النيابية المحافظة التي فازت بأغلبية مقاعد البرلمان (69% من الاصوات ) بفضل الانتخابات التشريعية التي جرت في 14 مارس/آذار و21 أبريل/نيسان 2007، ولم يفز الاصلاحيون فيها سوى بحوالى 16% من المقاعد بعدما أبطلت السلطات ترشيحات العديد منهم قبل الانتخابات، فى حين فاز المستقلون بحوالى 14% من المقاعد. ويتوقع المراقبون، والمقربون من لاريجاني، أن وصوله لرئاسة البرلمان، سيفتح الطريق أمام معادلة جديدة في السلطة الإيرانية، تعيد التوازن وتوزيع السلطات، خاصة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، مع اعادة التوازن بين القوى السياسية الداخلية، خصوصاً داخل التيار المحافظ، لكونه ممثلاً للتيار المنتقد للحكومة. ويدلل المحللون على التباين بين أجنحة التيار المحافظ، بأن اختيار "لاريجاني"، المدعوم من المحافظين التقليديين، يشكل هزيمة للجناح الداعم للرئيس محمود احمدي نجاد عبر استبعاد المرشح المحسوب على اللائحة المتحدة للأصوليين التي تدعمه. وفى أول خطاب له بعد انتخابه رئيسا للبرلمان اتهم لاريجاني الوكالة الدولية بالتواطؤ مع القوى الغربية باصدارها تقريرا يتهم طهران برفض تقديم معلومات بشأن شق عسكري نووي تعان الوكالة ان ايران ربما تخفيه عنها محذراً من أن المجلس قد يعتمد نهجا جديدا في التعامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية اذا ما واصلت اعتماد اسلوب الخداع والمراوغة الدبلوماسية. تاريخ لاريجانى .. فى سطور ولد "لاريجاني" فى مدينة النجف عام 1958 ،و درس في جامعة طهران و حصل منها على بكالوريوس بتقدير ممتاز في الرياضيات و الإعلام من جامعة شريف ،وعلى درجتى الماجستير و الدكتوراه في الفلسفة الغربية .كما ينتمي "لاريجاني " الى عائلة محافظة سياسيا تشكل دعامة من دعائم المؤسسة الاسلامية في ايران ،فوالده من آيات الله العظمي كما تزوج من ابنة آية الله مرتضى مطهري، أحد المقربين لمؤسس الجمهورية الاسلامية آية الله خوميني. وقبل خوضه المعترك السياسي الداخلي ، شغل "لاريجاني" عدة مناصب مهمة على الساحتين السياسية والثقافية في ايران ، فقد ترأس هيئة الاذاعة الايرانية والتي تضم الاذاعة والتليفزيون الإيرانيين بقرار من مرشد الجمهورية "خامنئي" عام 1994 ،واستمر في ذلك المنصب لنحوعشر سنوات ،وخلال رئاسته للجهاز الاعلامي الايراني المرئي والمسموع حاول ان يحد من تأثير الثقافة الاجنبية على الشباب الايراني عن طريق عدم اذاعة البرامج المستوردة. كما عمل لاريجاني وزيرا للثقافة والارشاد الديني في حكومة الرئيس اكبر هاشمي رافسنجاني. وفي عام 2005 ،تولى "لاريجاني" رئاسة المجلس الاعلى للامن القومي بقرار من الرئيس الايراني احمدي نجاد .ورأي محللون في تعيينه رئيسا للمجلس بدلا من حسن روحاني رجل الدين المعتدل ،مؤشرا على ان ايران ستنتهج موقفا متشددا بشأن الملف النووي. وقد هزم" لاريجاني" في انتخابات الرئاسة التي جرت عام 2005 لكن هناك محللين يتوقعون أن يخوض الانتخابات مرة أخرى، فربما يصبح نقطة تلاق للنواب المحافظين الذين يعارضون السياسات الاقتصادية للرئيس وخطبه الحماسية ضد الغرب، مشيرين إلى أن الوضع الاقتصادي المضطرب في البلاد سيكون نقطة الضعف الأساسية في طموحه للبقاء في القصر الجمهوري. .وكان "أحمدي نجاد " قد حقق فوزا مفاجئا في انتخابات عام 2005 بعد أن تعهد بتوزيع ثروات إيران النفطية بطريقة أكثر عدلا، لكن إنفاق الحكومة ببذخ من إيرادات النفط ألقى عليه باللوم في ارتفاع التضخم ليتجاوز مستوى 20%. استقالة ..مفاجئة : استقال "لاريجاني" من منصب كبير المفاوضين في الملف النووي في تشرين الاول/اكتوبر 2007 بسبب خلافات مع الرئيس أحمدي نجاد حول كيفية معالجة الموقف المتوتر مع الغرب بشأن البرنامج النووى والذى تسبب فى اصدار مجلس الأمن قرارين بفرض عقوبات على ايران خلال عامى 2006 و2007 علاوة على احتجاجه على ما وصفه في كتاب استقالته بتصرفات وتصريحات غير مسؤولة لبعض المسئولين الايرانيين ، تسببت في إعاقة مسار المفاوضات مع الاتحاد الاوروبي والخطوات الجارية لابعاد التهديدات الموجهة ضد البلاد ومصالحها الاستراتيجية. وجاءت الاستقالة مفاجئة فى وقت يستعد فيه "لاريجانى " للقاء مرتقب مع سولانا الممثل الاعلى لسياسة الاتحاد الاوروبي الخارجية حول الملف النووى بينما تم تعيين سعيد جليلى نائب وزير الخارجية الايرانى لشئون اوروبا وامريكا خلفا له فى ادارة الملف النووى الايرانى وفى منصب امين عام مجلس الامن القومى الايرانى وقد تم قبول الاستقالة فورا من قبل رئيس الدولة أحمدى نجاد بعد عدة محاولات سابقة للاستقالة كان مصيرها الرفض وبعد الاستقالة توارى نجم لاريجانى الى أن عاود التألق مجدداً . يذكر أن "لاريجانى" و"أحمدي نجاد" ينتميان إلى معسكر التيار المحافظ الداعي للحفاظ على مبادئ الثورة الإسلامية في إيران بما فيها نظام ولاية الفقيه، وبموجبه ترجع إلى الزعيم الاعلى "خامنئي" وليس للرئيس أو البرلمان الكلمة الأخيرة بشأن الامور المهمة مثل السياسات الخارجية والنووية والنفطية..لكن معسكر المحافظين متباين داخليا الى حد ما، ويضم بعض الاشخاص الذين يرون أن هجوم "نجاد"على الغرب وتعهده بعدم تقديم أي تنازلات في النزاع النووي ساهم في زيادة عزلة إيران. 28/5/2008