اخبار اليوم 2/2/2008 لا يوجد أحد في جمهورية مصر العربية لا يتعاطف مع الشعب الفلسطيني في غزة ضد جرائم الحصار الاسرائيلي.. كما لا يوجد أي مصري لا يؤيد حصول الفلسطينيين علي حقوقهم المشروعة ليس باعتبارهم أصحاب حق ولانتمائهم العربي فحسب وإنما بحكم الدماء والتضحيات المصرية التي قجدمت علي مدي نصف قرن لصالح هذه القضية. في هذا الاطار أيضا فإنه ليس هناك بين أبناء الشعب المصري من يرضي بالسلوك الاجرامي لاسرائيل وممارساتها غير الانسانية التي تستهدف اذلال وتجويع الأبرياء الفلسطينيين لا لشيء إلا لإنهم يقاومون الاحتلال الغاشم، في نفس الوقت فإنه لا أحد ينتمي لدولة مصر العربية ويحمل هويتها ويجري في دمائه الانتماء الوطني يمكن أن يوافق علي عمليات انتهاك السيادة المصرية من جانب أي إنسان حتي لو كان فلسطينيا. لابد أن يدرك الجميع أنه لا تسامح من جانب مصر في مواجهة عمليات التحريض للنيل من السيادة المصرية مهما كانت المبررات ولا قبول باقتحام حدودها واصدار التعليمات إلي البلدوزرات تحت حماية ملثمي 'حماس' المسلحين بالاعتداء علي حرس الحدود وتدمير الأسوار وفتحها للعبور دون ضابط ولا رابط بما يعطي انطباعا متعمدا بإلغاء سلطة دولة اسمها مصر. لقد كان هذا رأيي منذ اللحظة الأولي للاعتداءات غير المسئولة علي الحدود المصرية عند رفح وهو ما عبرت عنه بعد وقوعها بساعات قليلة في المقال الذي نشرته صباح الأحد قبل الماضي تحت عنوان: 'انهم يريدون إحراج مصر' ثم كتبت مقالا ثانيا بعنوان: 'للصبر حدود' والذي أكدت فيه رفض مصر سعي حركة حماس لتصدير مشاكل قطاع غزة إلي مصر وهي التي تولدت عن انقلابها علي الشرعية الفلسطينية. كان من الطبيعي وفي ظل المشاعر الوطنية والقومية وتجنبا لزيادة آلام شعب غزة ألا تلجأ مصر إلي اجراءات فورية للتصدي لزحف الجوع الذي حرضه البعض علي ممارسة الاستفزاز وعدم مراعاة حرمة حدود السيادة الوطنية. في اطار هذا الالتزام تم السماح لمئات الآلاف من الفلسطينيين بعبور الحدود والتواجد في المدن المصرية.. رفح والعريش والشيخ زويد دون أن يتعرض لهم أحد . اقتصرت التعليمات علي إقامة سياج أمني لمنع تسلل أحد من هؤلاء العابرين إلي عمق الأراضي المصرية وان كان بعضهم ممن تحكمهم نزعات الشر وسوء النية قد نجحوا في اختراق هذا السياج الأمني إلي الداخل ليتم القبض عليهم بعد ذلك وفي حوزتهم أسلحة ومتفجرات. لقد كان لزاما علي السلطة المصرية وبعد احتواء الهوجة التي استمرت عشرة أيام أن تعلن ان المسرحية انتهت وحان وقت اسدال الستار وعودة النظام والانضباط الواجبين إلي الحدود المصرية. كان أمرا حتميا أن تخضع عمليات العبور لقواعد السيادة والقانون بما يحفظ لمصر حقوقها مع التأكيد علي تسهيل الحياة المعيشية للفلسطينيين دون التورط في صراعات القوي السياسية والايديولوجية والتي تمثل خطرا داهما علي حلم قيام الدولة الفلسطينية. توازيا مع هذه الاجراءات المرتبطة بالأمن القومي المصري التي تم اتخاذهاوتواصلا مع مجهود دفع القضية الفلسطينية إلي خارج دائرة الخطر المحدق بها داخليا وخارجيا جاءت دعوة الرئيس مبارك لرئاسة السلطة الشرعية الفلسطينية وقادة 'حماس' المنقلبين عليها في غزة للحوار في القاهرة . تحدد الهدف في الارتقاء إلي مستوي المسئولية ليس من أجل وضع حد لمآسي الشعب الفلسطيني فحسب وانما لانقاذ القضية برمتها من الضياع الكامل نتيجة الخلافات الفلسطينية الفلسطينية هذه الصورة القاتمة تدعوني إلي القول بأن الانقلاب 'الحمساوي' في غزة هو بكل المقاييس أخطر في أبعاده وتداعياته من أخطاء السلطة الشرعية وعناصر الخلاف معها . في هذا الاطار فانه لم يكن متوقعا أن يتخلي الرئيس أبومازن بعد لقائه مع الرئيس مبارك عن شروطه لانجاح هذا الحوار والتي تركزت في ضرورة تسلم السلطة إدارة معبر رفح وفقا للاتفاقيات الدولية الموقعة وأن تتراجع 'حماس' عن كل ما ترتب عن انقلابها مع القبول بالشرعية الدولية وبالدعوة لاجراء انتخابات مبكرة. وحرص أبومازن في تصريحاته علي الاشادة بمواقف مصر وادانته للسلوكيات غير المبررة من جانب بعض الفلسطينيين والتي تتعارض وتتناقض مع ما قدمته لهم من تسهيلات ومساعدات. من ناحية أخري وفي توجه يتسم بالمسئولية الوطنية دعت حركة الجهاد الفلسطينية كلا من السلطة الفلسطينية وحماس إلي تغليب المصلحة الوطنية علي أي شيء والعمل علي عودة التضامن ووحدة الأرض الفلسطينية وانهاء عملية الانفصال والخلافات في اطار الحوار الذي دعت إليه مصر. إننا ومع ترحيبنا بهذا الموقف العقلاني من جانب الجهاد فإننا نرجو أن ترتفع جميع القوي الفلسطينية إلي مستوي المسئولية بالأخص 'حماس' التي يؤدي تبنيها لدعاوي الانفصال وعدم المبالاة بآلام الشعب الفلسطيني إلي كارثة لا يحمد عقباها.