هل ينكر أحد ما قامت به مصر وشعبها من دعم وتضحيات لا تعد ولا تحصي من أجل الشعب الفلسطيني؟ هل هناك في عالمنا العربي أو الإسلامي من يستطيع أن يقول إنه قدم للقضية الفلسطينية »واحد علي ألف« من حجم البذل والعطاء الذي قدمته مصر علي مدي ستين عاما منذ نكبة التآمر الصهيوني؟ إن دماء الشهداء التي سالت علي أرض فلسطين وعلي الأرض المصرية طوال هذه السنوات.. والأموال الطائلة التي تم انفاقها علي حروب من أجل هذه القضية.. كلها كانت سببا في حرمان الشعب المصري من الرخاء والحياة الكريمة علي غرار الكثير من الشعوب العربية والإسلامية. أليس من حق هذا الشعب البطل أن يُصدم بشدة ويشعر بأكبر قدر من المرارة عندما يكتشف ان نفرا ممن يحملون الهوية الفلسطينية يتآمرون علي أمنه واستقراره ويستحلون سفك دماء أبنائه بأعمال إرهابية إجرامية؟ نعم لقد فُجعنا جميعا عندما كشف اللواء حبيب العادلي في يوم الاحتفال بعيد الشرطة وبعد تحقيقات دقيقة ومستفيضة أن ما يسمي بجيش الإسلام الفلسطيني ومقره غزة - الذي اختار العمالة والتبعية لتنظيم القاعدة الإرهابي- كان وراء عملية التفجير الذي تعرضت له كنيسة القديسين بالإسكندرية وأدت إلي مصرع 42 مصريا وجرح العشرات. إن أقل ما يوصف به شعور المصريين تجاه هذا الجرم الفادح الذي جاء ردا علي كفاح ونضال الشعب المصري لصالح القضية الفلسطينية هو »هل هذا جزاء سينمار«. لا أعتقد ان يقبل أو يُرضي أحدا بأن تقوم بعض العناصر المحسوبة علي الفلسطينيين بعد كل هذه التضحيات بالتآمر علي أمن واستقرار مصر وحياة أبنائها؟ من المؤكد ان الذين خططوا ودبروا هذه الجريمة النكراء ليسوا إلا مجموعة من الحاقدين الضالين الكارهين لمصر والمصريين. لقد استطاعوا بالمال وغسيل المخ والتضليل تجنيد بعض العناصر الذين لا دين لهم ولا وطن لتنفيذ هذه المهمة القذرة. لقد كان رد فعل كل المصريين الوقوف صفا واحدا دعما وتأييدا لما أعلنه الرئيس مبارك في الاحتفال بعيد الشرطة بأن هؤلاء المجرمين لن يفلتوا أبدا من العقاب وستتم مطاردتهم أينما كانوا وسوف تؤخذ جميع الإجراءات الكفيلة بضمان أمن واستقرار مصر وحماية كل أبنائها ولا تهاون مع الإرهاب والإرهابيين مؤكدا الإصرار علي هزيمتهم مرة أخري. ان القضية التي تطرح نفسها بعد كشف هذا المخطط الإرهابي والقائمين عليه لابد أن يثير هذا التساؤل: لحساب من يعمل هؤلاء الإرهابيون؟ وهل يمكن ان تسمح مصر لعصابات الإرهاب والقتل بالتسلط علي مقدرات شعبها والعمل علي إثارة الفتنة استهدافا لوحدتها الوطنية؟ كل الدلائل تشير إلي ان هذه الفئة الضالة الباغية تبغي من وراء جريمتها.. ليس ضرب الوحدة الوطنية فحسب.. ولكنها تستهدف أيضا إجهاض كل الجهود التي تُبذل لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية لصالح الشعب المصري. وهكذا يتأكد كل يوم أن مصر مستهدفة من الأعداء الذين يضمرون الشر لكل من يعمل لصالح الأمة العربية والإسلامية. هذا يعني ان الذين أقدموا علي هذا العمل الإرهابي الموجه ضد شعب مصر لا يمكن أن يكونوا سوي عملاء يعملون لحساب هؤلاء الأعداء وانه ليس من هدف لهم سوي إضعاف كل القوي الوطنية العربية والقومية لشغلها عن القيام بدورها وواجباتها في تحقيق النهوض والتقدم. ليس هذا وحده هو هدفهم ولكنهم يهدفون أيضا إلي إعطاء المبررات لهؤلاء الأعداء لتشويه صورة العرب والمسلمين. رغم ترحيبنا بما اعلنته حركة »حماس« عن استعدادها للتعاون في كشف ملابسات الاتهام الموجه لجيش فلسطين الإسلامي الذي يمارس نشاطه من غزة الواقعة تحت حكمها وسيطرتها.. إلا أن ما يجب قوله هو أنه وبحكم اشرافها علي الانفاق السرية التي يتم استخدامها في ممارسة كل الأعمال غير المشروعة عبر الحدود المصرية لابد وأن يكون لديها معلومات عن عمليات تسريب عناصر الإرهاب الفلسطيني إلي مصر. كم أرجو أن تكون صادقة في تعاونها. نعم.. لقد كُتب علينا ان نكون في رباط إلي يوم الدين. مستنفرين ويقظين.. نقف صفا واحدا شعبا وحكومة وراء أجهزتنا الأمنية التي تستحق كل الإشادة والتقدير لجهودها الرائعة والمضنية التي أسفرت عن كشف أحد فصول التآمر الذي لا يتوقف علي أمننا واستقرارنا ووحدتنا. جلال دويدار [email protected]