وسط حشد للأفلام التي قدمت ضمن فعاليات المهرجان ال14 للسينما المتوسطية في تطوان، تناول فيلمان -عرضا خارج المسابقة الرسمية- أوضاع المرأة الإجتماعية والخاصة في رؤية جديدة تتصدى لمحرمات بجرأة لا تخلو من حساسية. وفي الشريطين الجزائري "وراء المرآة" والمغربي "سميرة في الضيعة"، تبدو المرأة ضحية لقسوة المجتمع وهيمنة الرجل، لكنها في الحالتين تظل تعمل بإيجابية وتحدي لتجاوز وضعها وتغيير ظروفها للإنتقال من خانة الضحية إلى خانة المؤثر في الأحداث المحيطة بها. وقد صور الفيلمان بجرأة وحدة في الطرح، قياسا إلى سينما المغرب العربي التي قليلا ما عالجت المشاكل الخاصة بالمرأة، وخصوصا في المغرب والجزائر. ففي "وراء المرآة"، تخوض الجزائرية ناديا شرابي تجربتها الروائية الأولى، متصدية بنجاح لموضوع محرم، حيث يتعرض الفيلم لقضية إغتصاب شابة وما ينتج عن هذه الفعلة من تدمير وقهر، خاصة حين يتنكر المجتمع للضحية ويشجع الجاني.وتدور أحداث "وراء المرآة" في الجزائر العاصمة، حيث تجد سلمى نفسها ملقية في الشارع مع إبنها الرضيع الذي تضطر حتى تحفظ له حياته إلى تركه في سيارة أجرة يلتقطه صاحبها من دون أن يكف عن البحث عن الأم..ويؤدي الممثل الجزائري رشيد فارس دور سائق التاكسي، بينما تؤدي نسيمة شمس دور المرأة في أول ظهور لها على شاشة السينما. أما فيلم "سميرة في الضيعة" للمخرج لطيف لحلو، فيتعرض لمحرم آخر في المجتمع المغربي، وهو مسألة الحرمان الجنسي للمرأة، من خلال الشابة سميرة التي تقترن برجل مسن لا يقربها.وبعد أن تحاول سميرة مرات عدة إصلاح الأمر بلا جدوى، تعتبر أن من حقها أن ترضي رغبات جسدها خارج إطار العلاقة الزوجية المنعدمة وخارج الأطر العامة المتعارف عليها في المجتمع القروي الذي تحكمه العادات والتقاليد.ويبرز المخرج المغربي المقل لطيف لحلو في ثالث عمل له تصرف المزارع الاقطاعي الارمل الذي يعامل زوجته الجديدة على أنها خادمة أو كجزء من أملاكه، موضحا كيف أنه تزوجها لإرضاء المجتمع والمحافظة على المظاهر.وفي المقابل، تبدو سميرة صادقة مع نفسها ولا تمتنع عن القيام بعلاقة تعوضها حرمانها وتعبها اليومي الجسدي والفكري. يقوم الفيلمان بفضح المسكوت عنه في المجتمعين الجزائري والمغربي كل على طريقته، ولكن عبر معالجة سلسلة حساسة وذكية تعرض ولا تصدم، بل تكشف وتعري لتدع المشاهد يأخذ موقفا مما يحدث أمامه على الشاشة. وقد إختتمت -الجمعة- الدورة الرابعة عشرة من مهرجان تطوان الدولي الرابع عشر للسينما المتوسطية، الذي عرض خلاله 84 فيلما طويلا وقصيرا روائيا ووثائقيا. (أ ف ب)