وكأن قدر الجزائر ان تخرج من ازمة لتدخل في اخري، فبعد عشر سنوات عانت فيهم الجزائر من حرب اهلية منذ عام 1992 الي عام 2002 وسميت 'عشرية الجزائر' التي قادت البلاد الي نفق مظلم استغرق وقتا كبيرا حتي تستطيع الخروج منه تبدأ الآن ازمة جديدة عنوانها عدم قدرة البلاد في الوقت الحالي علي اختيار رئيس جديد وضرورة تغيير الدستور الذي لا يسمح للرئيس الحالي بالترشيح لولاية جديدة. وينادي بعض الجزائريين بإلغاء المادة 74 من الدستور والتي تحدد المهمة الرئاسية بخمس سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة لإفساح المجال للرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي تنتهي فترة ولايته الثانية العام المقبل للترشح لفترة ثالثة بينما يدعو فريق آخر لاحترام الدستور الحالي وتداول السلطة. وفي حين لا يظهر صوت انصار احترام الدستور امام انصار الفترة الثالثة فإن وسائل الاعلام المحلية بدأت تتناقل شعار تعديل الدستور الامر الذي يعتبر حسب المحللين مؤشرا واضحا بأن الفترة الثالثة اصبحت خيارا رسميا في البلاد وان بوتفليقة سيكون مرشح اجماع كما حدث عام 1999. ولا يري رئيس لجنة الشئون الخارجية في مجلس الامة صويلح بوجمعة عيبا في تعديل الدستور حيث قال ان تعديل الدستور بما يناسب المتغيرات الجديدة امر مطلوب معتبرا ان الفترة الراهنة اظهرت ضرورة ان تكون المدة مفتوحة حتي لا يقيد المسار الديمقراطي حسب تعبيره. وقال بوجمعة ان الدستور هو نصوص وضعية قد تبدو ايجابية وقت صدورها الا انها تفقد جدواها بمرور الوقت مشيرا الي ان دستور 96 يتضمن مادة الولايتين و'تحديد المدة بتاريخ معين هو افتئات علي الديمقراطية'. من جهته قال المحلل السياسي شارف عابد انه توجد قضايا سياسية يراد منها ان تطرح بطريقة قانونية مؤكدا ان القضية الاساسية هي 'عجز النظام عن تسيير البلاد' وان ما يطرح علي الساحة من تعديل الدستور لا يعالج القضايا الهامة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ويري عابد ان كل التبريرات لرفع عدد الفترات الرئاسية هي 'تزييف' مضيفا بسخرية 'ان كان البعض يري منح الرئيس بوتفليقة فترة ثالثة من اجل ان يستكمل برنامجه فربما كان مشروعهم يهدف الي رفع عدد الهجرات السرية للشباب ورفع مستوي البؤس واليأس في المجتمع'. يشار الي ان حزب الاغلبية (جبهة التحرير) هو اول من رفع شعار تعديل الدستور وطالب بفترة ثالثة للرئيس بوتفليقة تبعه بعد ذلك حزب التجمع الديمقراطي في حين تحفظت حركة حمس الشريك الثالث في التحالف الرئاسي. وبدأ الحديث عن التجديد لفترة ولاية ثالثة للرئيس الجزائري عبد بوتفليقة يدخل في دائرة الجدل منذ فترة حيث المح الرئيس بوتفليقة 'بقوة' الي رغبته في الاستمرار في الحكم وقيادة بلاده الي ما بعد انتهاء ولايته الحالية في ربيع 2009 والتي استهل فيها قيادة البلاد منذ ابريل 1999 وترشح مرتين مستقلا حيث لا يسمح له الدستور الجزائري الترشح لفترة ثالثة وهو ما يمكن ان يعزز الصراع مع المعارضين داخل البلاد ويعود بالذاكرة الي احداث العنف الدامية التي شهدتها الجزائر في فترة التسعينات ولا تزال تعاني من اثارها حتي الان. ويؤكد بوتفليقة: 'ان عملا كثيرا لا يزال ينتظره من اجل محو اثار الازمة الجزائرية فيما قرر الفريق الطبي الذي يتابع علاجه منذ اصابته بوعكة صحية في خريف عام 2005، رفع الحظر نهائيا عن النظام الصحي الذي ظل خاضعا له في العامين الماضيين واعطي الاطباء الضوء الاخضر للرئيس بالنشاط عاديا ومن دون اي محاذير بعدما اضطر بوتفليقة في المرحلة الماضية الي التقليل من تحركاته والغياب عن الساحة لفترات طويلة مما دفع مراقبين الي طرح تساؤلات عن مدي قدرته علي الاستمرار في الحكم الي نهاية ولايته الحالية، وجعل دوائر داخلية وخارجية تخوض في مرض الرئيس الجزائري وتتحدث عن بدء معركة خلافته. ويري مراقبون للشأن الجزائري ان تعديل الدستور المعمول به حاليا في الجزائر يتأرجح علي مفترق طريقين علي الرغم من اقتناع الاغلبية الساحقة ان ساعة الحسم في الملف اذنت ولم تعد القصة سوي مسألة وقت وتحصيل حاصل في قضية ظلت محل شد وجذب منذ صيف 2006