سعر الذهب اليوم الجمعة في مصر ينخفض مع بداية التعاملات    لتضامنه مع طلاب محتجين.. إيقاف رئيس حرم جامعي بكاليفورنيا    موعد مباراة الأهلي والترجي في ذهاب نهائي أبطال أفريقيا 2024    بعد 3 أسابيع من إعلان استمراره.. برشلونة يرغب في إقالة تشافي    موعد مباراة الأهلي والزمالك في نهائي دوري اليد والقنوات الناقلة    العظمى بالقاهرة 35.. "الأرصاد": موجة حارة ورياح واضطراب الملاحة بهذه المناطق    بعد 12 يوما على غيابه عن المنزل.. العثور على جثة طفل داخل بالوعة صرف صحي بالإسكندرية    ضبط زجاجات مياه غازية ولحوم مذبوحة خارج السلخانة ببني سويف    الإثنين.. المركز القومي للسينما يقيم فعاليات نادي سينما المرأة    لطيفة تحتفل بعيد ميلاد عادل إمام: "من أكتر الناس اللي وقفوا جمبي لما جيت مصر"    "زووم" برنامج للأنشطة الصيفية في متحف الطفل    دعاء يوم الجمعة المستجاب.. «اللهمَّ اجعل خير أعمالنا خواتمها، وخير أعمارنا أواخرها» ردده الآن    هل يمكن أن يؤدي الحسد إلى الوفاة؟.. الأزهر للفتوى يجيب    بعد حادثة سيدة "التجمع".. تعرف على عقوبات محاولة الخطف والاغتصاب والتهديد بالقتل    أسعار الحديد اليوم الجمعة 17-5-2024 في أسواق محافظة المنيا    «الإفتاء» تنصح بقراءة 4 سور في يوم الجمعة.. رددها 7 مرات لتحفظك    أستراليا تفرض عقوبات على كيانات مرتبطة بتزويد روسيا بأسلحة كورية شمالية    أين وصلت جلسات محكمة العدل الدولية للنظر في دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل؟    السفير سعيد أبوعلى الأمين العام المساعد بجامعة الدول العربية ل«روزاليوسف»: تحركات عربية مكثفة لملاحقة المسئولين الإسرائيليين أمام «الجنائية الدولية»    أسعار السمك اليوم الجمعة 17-5-2024 في محافظة قنا    فرصة استثمارية واعدة    كريم الحسيني يقلد الزعيم عادل إمام احتفالا بعيد ميلاده (فيديو)    تركيا تجري محادثات مع بي.واي.دي وشيري لبناء مصنع للسيارات الكهربائية    موعد مباراة النصر والهلال والقنوات الناقلة في الدوري السعودي    «الأوقاف» تعلن افتتاح 12 مسجدا منها 7 إحلالا وتجديدا و5 صيانة وتطويرا    احذر.. قلق الامتحانات الشديد يؤدي إلى حالة نفسية تؤثر على التركيز والتحصيل    تقنية غريبة قد تساعدك على العيش للأبد..كيف نجح الصينيون في تجميد المخ؟    سيولة مرورية وسط كثافات محدودة بشوارع القاهرة والجيزة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17-5-2024 في المنيا    جيش الاحتلال: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان وانفجار أخرى في الجليل الغربي    انطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني لطلاب الشهادة الإعدادية بالجيزة.. غدا    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الجمعة 17 مايو 2024    فيرشينين: روسيا مستعدة لتوسيع مساعداتها الإنسانية لسكان غزة    يوسف زيدان: «تكوين» امتداد لمسيرة الطهطاوي ومحفوظ في مواجهة «حراس التناحة»    النواب الأمريكي يقر مشروع قانون يجبر بايدن على إمداد إسرائيل بالأسلحة دون انقطاع    بسبب عدم انتظام الدوري| «خناقة» الأندية المصرية على البطولات الإفريقية !    النمسا تتوعد بمكافحة الفساد ومنع إساءة استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي    بركات: الأهلي أفضل فنيا من الترجي.. والخطيب أسطورة    شريف الشوباشي: أرفض الدولة الدينية والخلافة الإسلامية    ملف يلا كورة.. موقف شيكابالا من النهائي.. رسائل الأهلي.. وشكاوى ضد الحكام    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17 مايو 2024    «رايحة فرح في نص الليل؟».. رد محامي سائق أوبر على واقعة فتاة التجمع    " بكري ": كل ما يتردد حول إبراهيم العرجاني شائعات ليس لها أساس من الصحة    "كاميرا ترصد الجريمة".. تفاصيل تعدي شخص على آخرين بسلاح أبيض في الإسماعيلية    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 17 مايو: "جوائز بانتظارك"    أحمد السقا يكشف عن مفاجأة لأول مرة: "عندي أخت بالتبني اسمها ندى"    «واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن والمرافق العامة» .. موضوع خطبة اليوم الجمعة    براتب 1140 يورو.. رابط وخطوات التقديم على وظائف اليونان لراغبي العمل بالخارج    عاجل - واشنطن: مقترح القمة العربية قد يضر بجهود هزيمة حماس    شروط الحصول على المعاش المبكر للمتقاعدين 2024    كارثة تهدد السودان بسبب سد النهضة.. تفاصيل    طارق مصطفى: استغللنا المساحات للاستفادة من غيابات المصري في الدفاع    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    تركيب المستوى الأول من وعاء الاحتواء الداخلي بمفاعل محطة الضبعة النووية    ترقب المسلمين لإجازة عيد الأضحى وموسم الحج لعام 2024    طريقة عمل بيكاتا بالشامبينيون: وصفة شهية لوجبة لذيذة    للحفاظ على مينا الأسنان.. تجنب تناول هذه الفواكه والعصائر    تنظم مستويات السكر وتدعم صحة العظام.. أبرز فوائد بذور البطيخ وطريقة تحميصها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأرمن هم الذين أشعلوا نار الاضطرابات
نشر في أخبار مصر يوم 23 - 11 - 2007

هناك قصة تطرق آذان العالم وتشغل أذهانه من وقت لاخر بسبب ضجة تثار حولها من قبل اللوبي الأرمني في الدول الغربية وبسبب مشاريع قرار تناقش في البرلمانات الأوروبية وكأن حسم الخلافات التاريخية من شؤونها، هي قصة إبادة الشعب الأرمني على يد العثمانيين الأتراك.
ولا شك أن هذه قصة ملفقة تقدم كصفحة سوداء من صفحات تاريخ الإبادات الجماعية وجريمة كبيرة في حق الإنسانية وهي في الحقيقة مجرد دعاوى وراءها مآرب مختلفة لكل من يدعيها ويروجها.إن قصة إبادة الأرمن بالنسبة لبعض الأحزاب والدول ورقة سياسية قبل أن تكون وقائع تاريخية، تلعب بها وفق مصالحها، أحيانا للضغط على الحكومة التركية وأحيانا لكسب أصوات الناخبين الأرمن.
وهذه القصة الملفقة محاولة لتزوير التاريخ وتضليل الرأي العام العالمي وفرية على الدولة العثمانية بل وعلى الإسلام والمسلمين، ويجب الكشف عن حقيقتها حتى لا يعبث العابثون بالتاريخ في زمن كثر فيه العبث بالحقائق والمصطلحات.
ولابد من معرفة ما جرى في التاريخ حتى يفهم ما يجري في عالمنا الحاضر من التدخل الخارجي في شؤون الدول الإسلامية وتدويل مشاكلها الداخلية، ثم توظيفها لمصلحة هذا وذاك.
ولتُناقش مشكلة الأرمن وقصة إبادتهم الملفقة بكل شفافية كي يتضح لنا وللعالم أجمع مدى استخدام الدول الغربية المعايير المزدوجة والكيل بمكيالين وتفكيك الدول وإثارة الفتنة بين الشعوب المتعايشة جنباً إلى جنب على مدى القرون، والتدخل في شؤونهم الداخلية تحت مسميات مختلفة منذ عهد ''المسألة الشرقية'' إلى عهد ''الشرق الوسط الكبير''.
بنت الجمعيات الأرمنية خطتها للاستقالال على التدخل الخارجي ولذا لم يقاتلوا لأجل الاستقلال وإنما قاموا بالأعمال الإرهابية وإثارة الفتنة بين الرعايا الأرمن المسيحيين والرعايا المسلمين لإسراع التدخل الخارجي الذي كانوا يحلمون أنه سيمنح لهم دولة مستقلة.
وكان هدف العصابات الأرمنية من تصعيد عملياتهم الإرهابية أن تكون مذابحهم للمسلمين على أوسع نطاق بحيث يضطر المسلمون إلى ترك المناطق وهكذا يخلو لهم الميدان لإقامة دولتهم. وقد استعد الأرمن لتحقيق هذا الهدف حيث خزنوا الأسلحة المختلفة التي أتوا بها من روسيا وحفروا الأنفاق بين بيوتهم وحوَّلوا بيوتهم وكنائسهم إلى قلاع محصنة.
وكان من أهدافهم أيضاً إثارة المسلمين واستفزازهم للاعتداء عليهم. ثم يقيمون العالم ويقعدونه بحيث تتدخل الدول الأوروبية لتقول إن الحياة بين العنصرين المسلمين والأرمن مستحيلة، ولذلك لا بد من الاستقلال الذاتي للأرمن.
لم تكن هذه الفتن التي تولى القساوسة والمعلمون والعملاء تحريكها ذات أهمية في مبدأ الأمر، فكثير من الأرمن العثمانيين لم يقابلوا هذه الأعمال بالترحيب. ولما لمست الجمعيات الثورية هذا، أخذت تقيم المذابح العامة، لكي تجبر هؤلاء الأرمن الشرفاء الذين كانوا في حيرة وفي خوف سواء من الحكومة أو من الجمعيات الأرمنية. ما حدث بعد ذلك أن بدأ هؤلاء أيضاً في إمداد أعضاء تلك الجمعيات بالمساعدات وحمايتهم. كانت هذه هي الصفحة الأولى من هذه اللعبة.
أما الصفحة الثانية فكانت أن ارتدى بعض الأرمن زيَّ الأتراك، وراحوا يقتلون مواطنيهم الأرمن الذين يحجمون عن مساعدتهم، ثم يقولون : ''ألا ترون الأتراك وهم يقتلوننا، وأنتم حتى الآن بعيدين هنا؟'' هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى كانوا يدخلون القرى التركية ويمارسون ضد الشعب المسلم فيها مختلف أنواع القتل والتعذيب، منها شق الجسد بالسكين وحشوه بالبارود ثم إشعاله.
أحداث أرضروم
تشكيل الجمعيات الإرهابية كجمعيتي هنتشاك وداشناقسوتيون وقيام الفعاليات الدعائية في فرنسا وإنجلترا ضد الدولة العثمانية جعلت الحكومة العثمانية والسلطات المحلية تتابع تحركات الأرمن عن كثب. وبدأ يتحول الأرمن في نظرة العثمانيين المسلمين من ''الملة الصادقة'' إلى عناصر خطيرة لا يمكن الوثوق بها. وفي هذا الجو المعادي قام الأرمن في 20 يونيو 1890 بعصيان في أرضروم. وحسب ما ورد في الوثائق العثمانية وغيرها و ما اعترفت به الصحف الأرمنية حدث العصيان كالتالي:
تسربت أخبار إلى الحكومة العثمانية بأن الأرمن يصنعون الأسلحة في الكنيسة وإحدى المدارس وفتشت القوات الحكومية الكنيسة والمدرسة بحضور القسيس ومدير المدرسة ولم تجد فيهما شيئاً لوصول خبر التفتيش إلى الأرمن قبل وصول القوات.
واغتنم رجال العصابات هذه الفرصة وقاموا بتحريض الأرمن ضد الحكومة وأغلقوا دكاكينهم وألغيت الصلوات في الكنائس ولم تقرع أجراسها. وصاح رجال العصابات بأن الأرمن أصبحوا أحراراً في المدينة ولا بد من محافظة هذه الحرية بالسلاح. وطالبوا الحكومة بهدم الكنيسة وإنشاءها من جديد بحجة أنها دنست قدسيتها بسبب التفتيش.
اجتمع مجموعة من العصاة في الكنيسة وأطلق أحدهم النار على القوات الحكومية التي تحاول السيطرة على الوضع. وقتل جنديان من القوات الحكومية بإطلاق النار من قبل الأرمن المتحصنين في الكنيسة. ولما رأى المسلمون ما جرى قاموا ضد الأرمن للانتقام واشتبك الطرفان وقتل اثنان من المسلمين وثمانية من الأرمن كما أصيب 45 مسلماً و60 أرمنياً بجروح.
وانتقلت أخبار هذا العصيان إلى أوروبا كمذابح للأرمن على يد العثمانيين المسلمين. واعتقل 28 من العصاة بتهمة إطلاق النار على القوات الحكومية وقتل الجنديين ولكن الدول الكبرى تدخلت وأطلق سراحهم وأُبعد المدعي الذي اعتقلهم من وظيفته. وهذا شجع رجال العصابات الأرمنية على العصيانات التي قاموا بها بعد هذا العصيان.
مظاهرة قمقابي
رأت جمعية هنتشاك الأرمنية أن عصيان أرضروم لم يلفت الاهتمام الأوروبي كما ينبغي ولذا قررت ترتيب مظاهرة في إسطنبول. وبدأت المظاهرة في الكنيسة الأرمنية بحي قمقابي في 15 يوليوز 1890 وقرأ فيها أحد أعضاء الجمعية مطالب الأرمن للإصلاح واحتجاجهم على السلطان.
ثم بدأ المتظاهرون السير إلى قصر يلدز وأجبروا البطريرك حورين عاشقيان على الذهاب معهم إلى السلطان ولكن القوات العسكرية أوقفتهم في الطريق واشتبك المتظاهرون الأرمن مع القوات العسكرية وسقط من الطرفين قتلى وجرحى.
عصيان صاصون الأول
هرب مهران داماديان من منظمي مظاهرة قمقابي إلى أثينا وبعد فترة رجع منها إلى تركيا وذهب إلى منطقة صاصون، أسس هناك عصابة لتحريض الناس على العصيان. وفي ديسمبر 1892 قتل رجال هذه العصابة مسلماً في قرية عوزم بموش. وبعد هذا الحادث بدأت قوات الجندرمة تطارد رجال العصابة.
وفي يونيو 1893 قتل رجال العصابة رجلاً من عشيرة حيانلي ثم هجم رجال عشيرتي حيانلي وبهرانلي على الأرمن للانتقام منهم وسقط من الطرفين قتلى وأرسلت الحكومة القوات العسكرية إلى المنطقة للسيطرة على الوضع. وفي العام نفسه اعتقل داماديان جريحاً وأرسل إلى إسطنبول.
قبل اعتقال داماديان وإرساله إلى إسطنبول قدم هامبارسوم بوياجيان المنطقة وعملا معاً لتحريض الأرمن وبعد اعتقال داماديان استمر بوياجيان في إثارة الفتنة وتحريض الأرمن على مهاجمة العشائر الموجودة في المنطقة وكان هدفه إجبار الحكومة على إرسال القوات العسكرية لإخماد الاشتباكات ثم دعوة الدول الأوروبية للتدخل.
نجح بوياجيان في إقناع كثير من الأرمن وجمع حوالي ثلاثة آلاف أرمني للعصيان. وهجمت العصابة على عشائر المنطقة ونهبوا أموال عشيرتي بهران وزاديان كما قتلوا أكثر من عشرة أشخاص من عشيرة بهران وقتلوا أحد أبناء زعيم العشيرة. وبعد هذه الهجمات اندلعت الاشتباكات المسلحة بين عشيرة بهرانالي والأرمن وهرب الأرمن العصاة واعتصموا بجبل آنتوك وقد أرسلوا نساءهم وأطفالهم ومواشيهم إلى الجبل قبل الهجمات وأرسلت القوات العسكرية إلى المنطقة لإنهاء العصيان واستمر تصدي الأرمن المجتمعين في الجبل للقوات العسكرية وانتهى العصيان بإلقاء القبض على بوياجيان في 23 غشت.
تشكيل لجنة دولية لتقصي الأحداث
وإزاء النشاط الواسع للدعاية الأرمنية في أوروبا بوجه عام وفي إنجلترا بوجه خاص عقدت اجتماعات سياسية في لندن لنصرة قضية الأرمن ولمطالبة الحكومة البريطانية بالتدخل لوقف هذه المذابح في قابل الأيام. ثم طلبت الحكومة البريطانية من الباب العالي تشكيل لجنة دولية لتقصي الحقائق في مقتلة صاسون. واستجاب الباب العالي لهذا الطلب، وتكونت لجنة دولية اشتركت في عضويتها الدولة العثمانية وبريطانيا وفرنسا وروسيا. وطاف أعضاء اللجنة في منطقة الاضطرابات منذ 21 من يناير سنة 1895 واستغرق تحقيقها عدة أسابيع. وجاء في تقرير اللجنة أن الأرمن هم الذين جنحوا إلى إشعال نار الاضطرابات نتيجة تحريض أعضاء من الجمعيات الإرهابية ومن عملاء جاءوا من الخارج وزعوا على الأرمن أسلحة نارية متكررة الطلقات وارتكبوا أقصى ما يمكن أن يحدث من المذابح والجرائم.
والمعنى المستفاد من هذه الفقرة من التقرير أن المذابح التي أوقعها الأرمن بالمسلمين في منطقة صاصون لم تكن عفو الخاطر، وإنما حدثت نتيجة إصرار وإعداد مسبقين.
ومضى التقرير يقرر حقيقة أخرى هامة هي أن الأرمن بعد القتل الجماعي للمسلمين كانوا يعتصمون بالجبال الشاهقة حتى يكون في استطاعتهم التصدي للجنود العثمانيين.
وأثبت التقرير أيضاً أن الحكومة العثمانية بإرسالها القوات العسكرية لإخماد اضطرابات الأرمن قد تصرفت بمقتضى ما يخوله لها القانون من حقوق. وأثبت التقرير أن الأرقام التي أذيعت عن عدد قتلى الأرمن مبالغ فيها إلى حد بعيد.
لم يرض عن هذا التقرير الأرمن والباحثون المتحاملون على الدولة العثمانية بطبيعة الحال وتناسوا أن اللجنة كانت تضم أربع مجموعات: عثمانية وبريطانية وفرنسية وروسية، أي أن الأغلبية كانت تمثل دولاً أوروبية. وليس من المعقول أن تتغلب المجموعة العثمانية على المجموعات الثلاث الأوروبية.
مظاهرة الباب العالي
قررت جمعية هنتشاك تنظيم مظاهرة في إسطنبول وبعد فترة استعداد استمرت عدة أشهر أرسلت الجمعية إلى الحكومة العثمانية والسفارات الأجنبية رسالة تعلن فيها بالمظاهرة وأنها ستكون مظاهرة سلمية وأنها غير مسؤولة عن نتيجة الأحداث إن حاولت السلطات العثمانية منع المتظاهرين. ويلاحظ أن جمعية هنتشاك لا تطلب من الحكومة إذنا للمظاهرة، بل تخبر بها فقط، مع أن أي مظاهرة من هذا النوع كانت ممنوعة. ويلاحظ أيضاً أنها تلوح إلى حدوث الاشتباكات في حالة محاولة القوات الأمنية منع المتظاهرين وهذا يعني أن المتظاهرين كانوا مستعدين للاشتباكات.
وفي 30 سبتمبر 1895 اجتمع المتظاهرون الأرمن في الكنيسة وساروا منها إلى الباب العالي وأوقفهم هناك ضابط من قوات الجندرمة وطلب منهم التفرق والرجوع ولكنهم أصروا على الدخول وقالوا إنهم سيقدمون مطالبهم إلى الصدر الأعظم ثم سيتفرقون. ولما رأى الضابط رفض المتظاهرين أمر الجنود بتفريقهم وبدأ الجنود يبعدونهم عن الباب العالي. وفي تلك اللحظة أطلق بعض المتظاهرين النار على الضابط وقتلوه وقتلوا أيضاً عدة جنود واضطر الجنود إلى الرد على إطلاق النار ولاذ المتظاهرون بالفرار إلى جهات مختلفة ولكنهم استمروا في إطلاق النار على الناس الأبرياء بشكل عشوائي. ولم تنته الاشتباكات المسلحة بين المسلمين والأرمن في الأيام التالية في أحياء إسطنبول إلا بعد بسط القوات العسكرية سيطرتها على جميع أنحاء المدينة.
عصيان وان الأول
اندلع عصيان وان الأول ليلة 15يونيو 1895 ولكن استعداد الأرمن والأحداث قد بدأت قبل هذا التاريخ وكان رجال العصابات يرسلون إلى الأغنياء الأرمن رسائل يطلبون منهم الدعم المادي ويهددونهم بالقتل إن لم يستجيبوا لطلبهم. وفي تلك الفترة قاموا أيضاً باغتيالات سياسية منها اغتيال القسيس الأرمني بوغس في 6 يناير 1895 لعدم تأييده تصرفات رجال العصابات. واستمر عصيان وان الأول من 15 يونيو إلى 24 يونيو وقتل فيه 418 من المسلمين و1715 من الأرمن.
عصيان زيتون
بعثت جمعية هنتشاك بعض أعضائها إلى منطقة زيتون لتحريض الأرمن على العصيان وكان على رأسهم آغاسي. واجتمع هؤلاء مع وجهاء القرى الأرمنية ورجال الدين الأرمن في وادي قرنلك دره في خريف 1895 وتناقشوا حول خطط العصيان. وبعد هذا الاجتماع بدأ العصيان وحاصروا الثكنة العسكرية ومبنى الحكومة وأسروا 50 ضابطاً و600 جندياً بهجوم مفاجئ. ويذكر آغاسي أن هؤلاء الأسرى قتلوا فيما بعد على يد نساء الأرمن بشكل وحشي. وأرسلت الحكومة العثمانية مزيداً من القوات العسكرية وحاصرت القوات العاصين في زيتون. وفي تلك اللحظة تدخلت الدول الست (روسيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا والنمسا) وعرضت على الحكومة الوساطة بين الطرفين للوصول إلى الصلح. وقبل هذا العرض من قبل الحكومة وجاء قناصل حلب لتلك الدول إلى زيتون في 1 يناير 1896 وانتهى العصيان باتفاق الصلح في 28 يناير.
يذكر آغاسي أن الحكومة بعثت قبل العصيان إلى قرية آلاباش جنديين من قوات الجندرمة لتفقد حالة الأرمن ولكن سكان القرية ربطوهما إلى شجرة وأحرقوهما. ويذكر أيضاً أنهم قتلوا حوالي 20.000 من المسلمين وفي المقابل قتل منهم 125 أرمنياً فقط.
مهاجمة البنك العثماني
خرجت مجموعة من أعضاء جمعية داشناقسوتيون في صباح 26 أغسطس 1896 للمهاجمة على مقر البنك العثماني وعلى ظهورهم أكياس القنابل وبأيديهم مسدسات. وألقوا القنابل على مقر البنك واقتحموه ووضعوا القنابل في أنحاء المبنى وهددوا بنسف المبنى بمن فيه إن لم تؤخذ مطالبهم بعين الاعتبار. وكان من مطالبهم عدم القبض على المشاركين في هذه العملية.
وتوسط مدير البنك السيد أدجر وينسنت بينهم وبين القصر وحصل على الضمان لمغادرة 17 من الإرهابيين إسطنبول على ظهر باخرة فرنسية.
وهكذا انتهت مهاجمة مقر البنك العثماني ولكن القنابل والرصاصات التي أمطرها الأرمن على الجنود والشرطة والمدنيين أدَّت إلى غليان سكان إسطنبول المسلمين ولهذا استمرت الاشتباكات بين الطرفين عدة أيام.
تذكر المصادر الغربية عدد قتلى الأرمن في هذه الحادثة ما بين 4000 و6000 ولكن هذا الرقم مبالغ فيه، لأن الاشتباكات بعد مظاهرة قمقابي استمرت أيضاً عدة أيام ولكن عدد القتلى لم يتجاوز 172 قتيلاً ولا بد أن تستمر الاشتباكات أسابيع حتى يصل عدد القتلى إلى 4000 أو 6000 قتيل. ثم إن المسلمين اشتبكوا مع الأرمن بالعصي والسكاكين حسب ما ورد في جميع المصادر ويستحيل قتل هذا العدد من الناس بهذه الطريقة. وأما عدد قتلى المسلمين فلا توجد أي وثيقة تذكره ولكن ورد في الوثائق الإنجليزية أن الصدر الأعظم أفاد بمقتل 120 وجرح 25 من الجنود العثمانيين. وتذكر الوثيقة نفسها اعتقال 300 مسلم على خلفية الأحداث وأن التدابير التي أخذتها الحكومة جيدة.
عصيان صاصون الثاني
قررت الحكومة العثمانية سنة 1901 إنشاء ثكنات عسكرية في مرتفعات تالوري وشنيك لتنظيم إدارة صاصون ولكن الأرمن عارضوا هذا المشروع. وبدأت محاربة عصابة آنترانيك في ذاك التاريخ ولكن العصيان انتشر في المنطقة كلها في خريف 1903, وفي 13 أبريل 1904 أرسلت القوات العسكرية إلى المنطقة. واستمرت الاشتباكات إلى شهر غشت واضطر آنترانيك إلى الفرار إلى القوقاز.
قتل في هذا العصيان ما بين 932 و1132 من المسلمين وفي المقابل قتل 19 أرمنياً فقط حسب ما تذكر المصادر الأرمنية. وبالرغم من هذه الأرقام، تكررت بهذا العصيان قصة المذابح ودعايتها ولكنها لم تحظ باهتمام الدول، لأنه قد جاءت فترة تشتتت فيها اهتمامات الدول إلى القضايا الأخرى.
أرمينيا.. نبذة تاريخية
أرمينيا تقع جنوب القوقاز، ومن الغرب تحدها تركيا وبالشرق أذربيجان وإيران في الجنوب الغربي وبالشمال جورجيا. العاصمة يريفان. وكانت مملكة آسيا الصغري يطلق عليها أرمينية العظمي شرق نهر الفرات . وأرمينيا اليوم هي الجزء الشرقي من أرمينية القديمة و أذربيجان الإيرانية وكانت تقع غرب نهر الفرات. وكانت المملكة قد أسسها حاج (هيك ) ابن نوح. ويقال أن الأرمن قد وفدوا من الفرات لآسيا الصغري بالقرن 8 ق.م. مهاجمين دولة الخالديين (أوراتو Urartu) بواسطة الآشوريين وتزاوجوا بالسكان المحليين وكونوا أمة متجانسة بالقرن 6 ق.م. حبث أصبجت تابعة للفرس حتي القرن 4 ق.م.عندما غزاها الإسكندر الأكبر عام 330 ق.م. ومع وفاته أصبحت أرمينية تابعة لمملكة السلوقيون وبعد إنتصار الرومان علي السلوقيين بماغنيزيا عام 190 ق.م. أعلنت أرمينية استقلالها تحت حكم الأرتاشسيين. لكن الرومان غزوهم وفرضوا عليهم الجزية 69 ق.م. وعين الإمبراطور الروماني نيرون تيريداتس الأمير الباريثي ملكا لأرمينية ليكون أول دولة مسيحية عام 66 م. لكن في القرن الثالث م. إجتاح أردشير الساساني (الفارسي) أرمينية . وفي سنة 386 م، قسمت أرمينية بين الفرس وروما. وما بين سنتي 886 م و1046 م كانت المملكة الأرمينية تتمتع بالحكم الذاتي الوطني. لكن السلاجقة الأتراك إنتصروا عليهم في موقعة مانزيكرت عام 1071 م وهاجمهم المغول في القرن 11 . لكن بعض الأرمن بقيادة الأمير روبين إتجه للغرب مكونا مملكة كيليكيأ عام 1080 م، وهي مملكة أرمينية الصغري . وظلت حتي هاجمها المماليك عام 1375 م، ثم هاجمها تيمورلنك المغولي عام 1386 م، وقتل الكثيرين وبعد وفاته عام 1405 م، استولى عليها العثمانيون. وأصبحت المدن العثمانية تغص بالتجار والصيارفة الأرمن وكان شرق أرمينية بؤرة صراع بين الأتراك والفرس. واستولت روسيا علي ارمينية من الفرس عام 1828 م. واندمجت بالاتحاد السوفيتي واستقلا علم 1991 م.
ارمينيا بلد غير ساحلي يقع في جنوب القوقاز. تقع بين البحر الاسود وبحر قزوين والبلاد تحدها شمالا وشرقا واذربيجان وجورجيا وجنوب وغرب إيران وتركيا. جمهورية ارمينيا ، ويغطي مساحة 30000 كيلومترا مربعا (600,11 مي مربعا ، وتقع في الشمال الشرقي من المرتفعات الارمنيه (تغطي 400000 كيلومتر مربع او 154 ألف متر مربع)، المعروف تاريخيا ارمينيا ويعتبر الوطن الاصلي للأرمن. ارضها جبلية في الغالب ، مع سرعة تدفق الانهار وبعض الغابات. المناخ المرتفع القاري: حرارة الصيف وبرد الشتاء. الارض على ارتفاع 4095 متر (435,13 قدم) فوق مستوى سطح البحر في جبل َُّّفهفْف ، ولا هو اقل من 400 متر (312,1 قدم) فوق مستوى سطح البحر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.