أوكرانيا بلد متعدد الإثنيات والأعراق والأديان واللغات ، وهو منقسم بين شرق يتكلم سكانه الروسية ويرون في روسيا بلدهم الأم، وبين غرب يتكلم اللغة الأوكرانية ويدعو إلى الانضمام لأوروبا. الانقسام إذاً سياسي ثقافي اقتصادي ويجد عمقه في أزمة الهوية التي يعيشها البلد الذي نال استقلاله في عام 1991 بعد سقوط الاتحاد السوفيتي السابق. وقد أعادت الأزمة الأوكرانية الى الاذهان حقبة الحرب الباردة بين أمريكاوروسيا في منتصف الاربعينيات وحتى أوائل التسعينيات ، فالنظام الحاكم في أوكرانيا خاضع لروسيا والمعارضة تتحرك وفق أجندات ذات صلة بالولايات المتحدةالامريكية، فهل يستقيظ الدب الروسي محاولا استغلال الازمة الاوكرانية لاعادة امبراطوريته المفقودة بعد ان ظل ساكنا منذ انهيار الاتحاد السوفيتي قبل 23 عاما ؟ يرى المحللون أن أوكرانيا هي التي تصنع صورة روسيا كقوة عظمى أو هي التي تكسر هذه الصورة، ويضيفون أن روسيا من دون أوكرانيا هي مجرد بلد بينما روسيا مع أوكرانيا هي إمبراطورية. ولعل محاولات الأمريكيين والروس بسط نفوذهم على المشهد الاوكراني بات واضحا ، وخلف الكواليس تجري الحرب بين القوى الكبرى لتفرض سيطرتها عليها وتستعمرها وفق الطرق الجديدة لها ومن الأمثلة الماضية الثورة البرتقالية التي انتصر فيها حلفاء روسيا واستلموا الحكم عقب الاحتجاجات التي حدثت 2004 بالعاصمة كييف، المشهد يتكرر الآن على الساحة في محاولة من المعارضة لإرجاع السلطة. والمتضرر الأول هو الشعب الذي يعاني الأمرّين نتيجة الاضطرابات السياسية التي تؤثر بشكل مباشر عليه لأن مجموعة صغيرة حاكمة تسيطر على مقاليد الحكم، والمعارضة تتحكم بهم أياد خارجية لا تمثل مطالب الشعب الحقة