"مع أي طرف كنت تقف في الحرب العالمية الثانية؟" .. سؤال لا يطرح غالبا في البرامج الإذاعية، لكن هذا السؤال بالضبط طرح ما لا يقل عن ثلاث مرات اليوم الثلاثاء على مستمع روسي يدعى ألكسندر عندما عبر خلال اتصاله بأحد البرامج عن تأييده للحكام الجدد في أوكرانيا. وكان الحكم سريعا. فقد قرر مقدما البرنامج الروسيان أنه لابد وأن ألكسندر كان في صف الفاشيين الذين قاتلوا القوات السوفيتية أثناء الحرب لأنه رفض التنديد بالقيادة الجديدة في أوكرانيا. وسأل المذيع المشهور فلاديمير سولوفيوف الرجل المتصل "هل تعرف كم روسيا قتل بانديرا؟" في إشارة إلى ستيفان بانديرا زعيم الحركة القومية الأوكرانية التي تشكلت في غرب أوكرانيا وتتهمه روسيا بالوقوف في صف النازيين. وعلى التلفزيون الروسي تنحت مشاهد رجال الشرطة الجرحى وإطارات السيارات المحترقة على مدى أسابيع لتفسح المجال لصور لسياسيين وأوكرانيين يتنبأون بتقسيم أوكرانيا بعد أن تولت قوى المعارضة السيطرة في كييف وبعد فرار الرئيس. وفي علامة على صدمة الكرملين لخسارته صراعا على النفوذ مع الغرب في جارته أوكرانيا تجري صياغة الخطاب على خلفية "نحن أو هم" التي اتسم بها الانتصار السوفيتي على أدولف هتلر وتعد مصدرا للكرامة الوطنية. وتحمل شعب غرب أوكرانيا -المختلف ثقافيا ولغويا عن سكان الشرق الذين يتحدثون الروسية - وطأة اللوم. وشعب غرب أوكرانيا هم من كان ألكسندر يحاول الدفاع عنهم. وقطع الاتصال مع ألكسندر عندما قال سولوفيوف إنه يجب عليه أن يترك عنوانه ورقم هاتفه كي يتسنى للشرطة أن تعثر عليه وتعتقله بتهمة الترويج للفاشية. واستطاع الكرملين باستدعائه صيحة التوحد من قاموس الحقبة السوفيتية - عندما استخدمت الحرب لاستلهام الولاء إن لم يكن للشيوعية فليكن ضد عدو مشترك - أن يحول بنجاح التركيز بعيدا عن هزيمته في الصراع على النفوذ في أوكرانيا. وأتاح هذا لبعض السياسيين الروس لاسيما في وزارتي المالية والاقتصاد أن يعرضوا سرا قدرا من التعاون للتوصل إلى اتفاق دولي لانتشال أوكرانيا من الإفلاس الذي قد يؤثر على روسيا أيضا. وأثار البرلمان الأوكراني مخاوف لدى كثير من الروس بإعادته اللغة الأوكرانية باعتبارها اللغة الوطنية الملزمة في جميع الوثائق الرسمية. ونددت وزارة الخارجية الروسية اليوم الثلاثاء "بالخوف الهمجي من روسيا" الذي دفع بعض الأوكرانيين إلى إسقاط تمثال في منطقة لفيف بغرب أوكرانيا لميخائيل كوتوزوف وهو قائد عسكري روسي خاض حروب نابليون. وقالت الوزارة في بيان "نطالب السلطات الجديدة في أوكرانيا بوقف حالة غياب القانون هذه." وفي مجلس النواب تناوب الأعضاء التنديد "بمثيري الشغب الجهلاء" الذين سيطروا على الشوارع. وطالب سيرجي ميرونوف وهو رئيس كتلة برلمانية في حزب مؤيد للكرملين بإصدار جوازات سفر في أسرع وقت ممكن للأوكرانيين الذي يريدون الجنسية الروسية. ولجأ رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف إلى لغة مماثلة لتلك التي استخدمها عندما كان رئيسا عندما أرسل في عام 2008 قوات روسية إلى جورجيا وهي أيضا جمهورية سوفيتية سابقة لدعم الانفصاليين الذين يؤيدهم الكرملين في أوسيتيا الجنوبية قائلا إن هناك تهديدات "لأرواح مواطنينا". لكن روسيا ستلتزم على الأرجح - في الوقت الحالي على الأقل - بالخطاب فقط انتظار لمعرفة ما إذا كانت الجهود التي يبذلها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للمساعدة في توحيد البلد المنقسم ستؤتي بنتائج عكسية. وقال أليكسي بوسكوف أحد أنصار بوتين وهو نائب كبير في البرلمان "أوكرانيا الجديدة ستقوم حتما أيديولوجيا على أساس مناهض لروسيا." وأضاف "الديمقراطية متحالفة مع بانديرا".