دليل جديد على استفحال أزمة مشكلة نشر الدرع الصاروخية الأميركية في بولندا والتشيك والتى تمثل منحنى جديداً للهبوط في العلاقات الروسية الأميركية حيث أعلن رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية الجنرال يوري بالويفسكي أن اللجوء إلى استخدام السلاح بما في ذلك السلاح النووي الروسي كإجراء وقائي لحماية سيادة روسيا وحلفائها أمر ضروري. المسئول الروسي أكد " إن بلاده لا تنوي مهاجمة أحد ولكنها ترى من الضروري أن يفهم جميع شركائها بوضوح أن موسكو ستلجأ إلى استخدام القوات المسلحة كإجراء وقائي ، بما في ذلك السلاح النووي ، لحماية سيادة الدولة الروسية ووحدة أراضيها وحلفائها . ويرى المراقبون أن هذا التصريح شديد اللهجة للمسؤول العسكري الروسي رفيع المستوى إشارة واضحة على عدم توصل المفاوضات بين موسكووواشنطن بشأن الدرع الصاروخية الأميركية إلى أي نتائج وإن المواقف الروسية والأميركية لم تتغير بعد أن كانت موسكو بدأت مفاوضات مع وارسو في العاشر من يناير 2008 حول نشر منظومة الصواريخ الأميركية المضادة للصواريخ . وجدير بالذكر انه بينما يصر الرئيس بوش علي أن الحرب الباردة قد انتهت إلي غير رجعة، وأن نشر الدرع الأمريكي المضاد للصواريخ في أوروبا خارج نطاق حلف الأطلسي هو نظام دفاعي محض، لحماية ما يسمي ب الدول الحرة والديمقراطية في مواجهة الدول المارقة وأن روسيا ليست دولة مارقة، وانه يمكن لروسيا أن تشارك في منظومة الدرع الصاروخي، في المقابل،إلا إن الرئيس بوتين لم يخف غضبه إزاء المشروع الذي يعتبره تهديدا مباشرا للأمن القومي الروسي، وأنه يندرج في الإطار العام لنظام الدفاع الأمريكي حول العالم، والذي يجري نشره طبقا لتحليلات روسية حول روسيا بكاملها، وفي شكل عرضي حول الصين . ولذلك اقترحت روسيا بدلا من ذلك انشاء درع مشتركة مضادة للصواريخ في إطار مجلس الحلف الأطلسي وروسيا .وجاء العرض مفاجاة للجانب الأمريكي، خاصة أن روسيا اقترحت أذربيجان موقعا لمشروع الصواريخ المشترك، ورد الأمريكيون ان المجال مفتوح لبحث كل الاحتمالات . وفى مسعي روسي لاستعادة التوازن الاستراتيجي بين الدولتين .قامت روسيا باختباراطلاق صاروخ جديد عابر للقارات، ذاتي الدفع، يتميز بعدة رؤوس حربية، وصاروخ كروز ، كما أعلن بوتين في ابريل 2007 تعليق الالتزام باتفاقية الحد من الأسلحة التقليدية في أوروبا . وفي محاولة أمريكية لإذابة الجليد بين روسيا وأمريكا، دعا بوش موسكو لإرسال عدد من جنرالاتها وعلمائها إلي الولاياتالمتحدة للتأكد من سلمية مضمون المخططات العسكرية الأمريكية . إلا ان الرئيس الروسي لم يستجب لهذه الدعوات، وهدد بإعادة توجيه الصواريخ الروسية نحو أوروبا، ليتحقق التوازن، الأمر الذي يعيد أجواء سباق التسلح بين القطبين العظميين من جديد . يذكر أن روسيا قد اتجهت بالفعل لمضاعفة موازنة الدفاع الروسية من 1، 8 مليار دولار عام 001 2 إلي 31 مليار دولار عام 2007 .كما أن هناك خططا روسية لتجهيز قواتها النووية الاستراتيجية في السنوات الخمس القادمة، حيث تم تزويد 5 أفواج من القوات الصاروخية ذات القواعد الأرضية، كما سيزود الأسطول الروسي بغواصتين استراتيجيتين . ويشير المراقبون الى أن النقاش حول الاعتماد المتزايد على السلاح النووي الروسي اصبح موضوعا سائداً بدءا من العام 1993 عندما ألغت موسكو السياسة المعروفة "عدم استخدام السلاح النووي أولا"وبدأت تتشكل ملامح عقيدة نووية جديدة فى عام 1999 تهدف الى إعطاء السلاح النووي مهام جديدة تهدف إلى منع نشوب الحروب التقليدية المحدودة. ويرجع الخبراء اسباب ظهور هذا الفكر الإستراتيجى الجديد في روسيا إلى سببين هما: - وجود قناعة لدى القيادة الروسية بوجود خطر خارجي يتهدد البلاد يتمثل في احتمال لجوء حلف الناتو إلى القوة العسكرية من أجل الحصول على مكاسب سياسية ،مثل قيام الولاياتالمتحدة والناتو بعملية عسكرية محدودة ضد روسيا بهدف إجبارها على سحب قواتها من بعض الدول المستقلة عن الاتحاد السوفيتي السابق أو وقف الحرب في الشيشان. - وجود قناعة راسخة بضعف القوات التقليدية وعدم قدرتها على مواجهة حرب محدودة في ظل التفوق النوعي والكمي لحلف الناتو. لكن وفي الوقت نفسه، شددت الوثائق الرسمية الروسية على أن الاعتماد على السلاح النووي سيكون عاملا مؤقتا لتوفير الأمن القومي إلى حين استكمال خطط تطوير وتعزيز القوات التقليدية. نقاط الخلاف بين الدولتين: أسباب الخلاف بين القطبين الكبيرين تكمن فى اختلاف وجهات نظر البلدين فى العديد من القضايا اهمها: أزمة الملف النووى الإيرانى ،سباق التسلح بين الدولتين وخاصة مخزون كل منهما من الأسلحة النووية ،ومن القضايا الشائكة بين الجانبين أيضاً الرغبة الأمريكية في استقلال إقليم كوسوفو، حيث تقود الولاياتالمتحدةالأمريكية المجتمع الدولي من خلال الأممالمتحدة و مجلس الأمن إلى استقلال كوسوفو عن صربيا، في تحد واضح للرغبة الروسية في عدم استقلال الإقليم . أيضاً معارضة الحكومة الروسية لتوسيع حلف الناتو ، وهذا موضوع اختلاف كبير بين روسيا و الدول المجاورة الأوروبية و بين روسيا و الولاياتالمتحدة ، ويشار الى أن كثير من دول اوربا الشرقية قامت بالإنضمام الى حلف الناتو لوجود اغراءات مادية و سياسية لهذه الدول الصغيرة. وجدير بالذكرأنه فى عام 2004 ، توسع حلف الناتو باتجاه الشرق ليشمل سبع دول كانت منضوية تحت التكتل السوفيتى السابق وهى بلغاريا، واستونيا، ولاتفيا، وليتوانيا، ورومانيا، وسلوفاكيا، وسلوفينيا، مما سبب قلقا بالغا لروسيا بسبب زحف الحلف العسكرى باتجاه حدودها وخاصة من خلال ليتوانيا ولاتفيا واستونيا وهى الدول الثلاث المطلة على بحر البلطيق، وهو ما اعتبرته روسيا تهديدا ًلعمقها الجغرافى ،خاصة أن هذه الدول الثلاث لم توقع معاهدة الحد من انتشار الأسلحة التلقيدية في أوروبا . وأخيراً جاءت قضية نشر الصواريخ بما يشبه عودة الحرب الباردة بين الجانبين . ويذكر أنه بدأ الحديث عن عودة الحرب الباردة منذ أن انتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعنف الولاياتالمتحدة الأميركية لإعتزامها بناء درع صاروخي في التشيك وبولندا، اعتبر هذا المشروع تهديدا للأمن الروسي .وكانت أجواء التوتر بين القطبين الكبيرين قد سادت بعد أن أعلن الرئيس الأمريكى جورج بوش في بداية عام 2007 عن عزم واشنطن نشر مظلة دفاع صاروخية في بولندا والتشيك ، زاعما أن المظلة الصاروخية في أوروبا الشرقية هي لحماية أعضاء حلف الأطلسي الجدد من صواريخ "محور الشر" أي إيران وكوريا الشمالية بعيدة المدى . إلا أن روسيا رأت أن مظلة الصواريخ الأمريكية في بولندا والتشيك، تخل بميزان القوى في أوروبا ، مؤكدة أن الصواريخ الإيرانية والكورية لا تبلغ الأراضي الأمريكية عبر أجواء بولندا والتشيك، فطهران لا تملك أصلا صواريخ عابرة للقارات، ولذا فإن القواعد الأمريكية بأوربا الشرقية معدة لمواجهة القدرات الصاروخية الاستراتيجية الروسية . وحسبما ذكر محللون روس فإن إعلان بوش الذي جاء متزامنا مع تقرير أمريكى وضع روسيا على لائحة الدول التي تشكل خطرا على الولاياتالمتحدة مثل كوريا الشمالية وإيران يؤكد أن بلادهم أصبحت هدفا محتملا مثل دول محور الشر. و ألان يجب التساؤل هل يمكن ان يظهر الدب الروسي شراسته في وجه الدول الغربية ليظهرعزم موسكو علي الدفاع عن طموحها بان تكون قوة عظمي عن طريق استخدام سلاحه النووى ام هى مجرد تهديدات لإثناء الولاياتالمتحدة عن المضى قدماً فى خططها لنشر الدرع الصاروخى ؟