محمية قنا تنتظر من يعلن عنها

نقلا عن : الاهرام 13/06/07
من يصدق أن مصر التي تزخر بعشرات المواقع والمحميات الطبيعية الثرية بالأحياء البرية والبحرية والتكوينات الجيولوجية وملايين الحفريات النادرة لم تدخل الي قائمة التراث الطبيعي العالمي لمنظمة اليونسكو التي تضم‏162‏ موقعا لدول العالم المختلفة سوي بموقع واحد هو وادي الحيتان بالفيوم والذي اعتمدته منظمة اليونسكو عام‏2005.‏
موقع الدبابية الجيولوجي بمحافظة قنا والذي أعلن أوائل هذا العام كمحمية طبيعية محلية ينفرد بأنه أفضل قطاع جيولوجي علي مستوي العالم من حيث تكامل الطبقات المميزة للعصور الجيولوجية الممتدة لأكثر من‏50‏ مليون سنة‏,‏ ويعول عليه علماء الجيولوجيا آمالا واسعة في كشف أسرار اختفاء الحياة من علي سطح الأرض‏.‏
ولكن للأسف لم يتم بعد إعداد ملف ترشيحه لليونسكو‏!‏ أما الموقع الثاني فهو موقع الديناصورات بالواحات البحرية‏,‏ وهو من أهم المواقع العالمية الزاخرة بحفريات ديناصورات يرجع تاريخها لأكثر من‏90‏ مليون سنة‏,‏ والعجيب أيضا ان هذا الموقع لم يتم ضمه كذلك لقائمة محميات مصر الطبيعية‏!‏ وبالطبع لم يتم إعداد ملف للترشيح لليونسكو فما هي أوجه التقصير تحديدا ومن المسئول عنها
توضيحا للأمر يقول الدكتور سمير غبور رئيس اللجنة الوطنية المصرية‏(‏ المآب‏)(‏ وهو المسئول عن تقديم ملف ترشيح المواقع المصرية‏):‏ وإعداد ملف ترشيح أي موقع للتراث العالمي يستغرق سنتين‏,‏ وقبل الترشيح يجب ضم الموقع للقائمة التمهيدية‏,‏ كذلك يجب ان يكون معلنا كمحمية طبيعية في الدولة وله خطة إدارة‏,‏ وان تكون كل المعلومات عنه موثقة‏‏ وتنطبق عليه المعايير الخاصة باليونسكو‏‏ وفي مصر الكثير من المواقع التي تم ضمها بالفعل للقائمة التمهيدية‏ أما بالنسبة لموقع الديناصور بالواحات البحرية فهو موقع عالمي متميز ويجب ان تبادر وزارة البيئة بإعلانه كمحمية طبيعية أولا‏
وبالنسبة لموقع الدبابية الذي أعلن بالفعل بداية هذا العام كمحمية طبيعية فلم يتم حتي الآن إبلاغ اللجنة الوطنية بأي معلومات عنه حتي موقعه لا نعرفه أين علي الخريطة‏!‏
وعن بطء الإجراءات يضيف الدكتور سمير غبور‏:‏ الجهود المصرية لا تستطيع إعداد أكثر من ملف في السنة‏ وهيئة المساحة الجيولوجية تستغرق وقتا طويلا في إعداد الخرائط للمواقع المقترحة‏.‏
* عن خطة وزارة البيئة في المواقع المقترحة يقول المهندس ماجد جورج وزير البيئة يتم الآن تنفيذ خطة حماية متكاملة لمحمية الدبابية‏,‏ وكموقع جيولوجي عالمي سيتم تجهيزه علي أعلي مستوي لخدمة رواد السياحة العلمية من جميع أرجاء العالم‏‏ وسيشمل التأمين الكامل وحراس البيئة‏(‏ الرينجرز‏)‏ ومركز للمعلومات والتجهيزات اللازمة‏ ووصف جميع الطرق الرئيسية والفرعية للمحمية حتي يتسني للزائرين من العلماء والباحثين والسائحين الوصول بسهولة ويسر إليها‏‏ ويضم الموقع للتراث العالمي لليونسكو سيتم تشكيل لجنة علمية خاصة من إدارة المحميات الطبيعية والخبراء لإعداد ملف متكامل للترشيح‏ .‏
* وعن دور محافظة قنا في حماية الموقع كشرط للترشيح يقول اللواء مجدي أيوب محافظ قنا دور المحافظة في صون وحماية الموقع بدأ قبل أن يتم الإعلان عنها كمحمية طبيعية‏‏ وتحديدا منذ اللحظة الأولي لاكتشافه كقيمة علمية وتراثية فريدة‏‏ فتم تنفيذ خطة مشتركة بين المحافظة ومديرية الأمن وجهاز البيئة‏‏ وان كان شرط الحماية علي رأس شروط الترشيح لليونسكو فهذا قائم بالفعل‏ كما تم إنارة الطرق المؤدية إليها‏‏ وتم إلغاء جميع الأنشطة البشرية وأنشطة التحجير‏(‏ المحاجر‏)‏ القريبة من القطاع الجيولوجي حماية له من التدمير‏ وتعمل المحافظة خلال المرحلة القادمة علي إعداد الموقع علي أعلي مستوي يناسب قيمته كمزار سياحي علمي عالمي‏.‏
دور الجامعة :

واذا كان فريق العمل العلمي لجامعة أسيوط برئاسة الدكتور خالد عودة نائب رئيس الفريق الدولي قد ساهم بشكل فاعل في جميع مراحل الاكتشاف والتوثيق فإن جامعة جنوب الوادي التي تقع الدبابية في بؤرتها تؤكد من خلال رئيسها الدكتور عباس منصور علي استعدادها تبني أي جهود علمية وبحثية وإعداد ملفات الترشيح‏.‏
وعلي نفس الشيء تؤكد الدكتورة فريال البديوي الأستاذ بجامعة المنصورة وعضو اللجنة الوطنية المصرية لليونسكو فتقول‏:‏ مصر زاخرة بالعلماء والخبراء من ذوي الكفاءات العلمية القادرة علي إعداد ملفات ترشيح المواقع المصرية للقائمة العالمية للتراث الطبيعي لليونسكو‏‏ وأن موقعي الدبابية و الديناصورات مؤهلان تماما للانضمام للقائمة‏‏ ويجب تضافر جميع الجهود الرسمية والعلمية في مصر من أجل ضم جميع المواقع المؤهلة‏, ومن المهم أن تبادر وزارة البيئة بسرعة إعلانها تلك المواقع كمحميات طبيعية وتنفيذ خطط إدارة متكاملة لها‏.‏
الديناصورات اللغز :
ويبقي موقع الديناصورات المصرية بالواحات البحرية يمثل لغزا محيرا خاصة لعلماء وخبراء الجيولوجيا والحفريات‏‏ فصون الموقع وحمايته ضرورة حتمية لكن الأنشطة الجائرة خاصة الزراعة يمكن ان تدمر هذا الموقع‏ ولا أحد يدري الي متي ستنتظر وزارة البيئة لكي تعلن هذا الموقع كمحمية طبيعية ؟
ويفجر الجيولوجي يسري عطية مدير المتحف الجيولوجي المصري‏(‏ سابقا‏)‏ مفاجأة من العيار الثقيل عندما يقول‏.‏ للأسف أصبحت منطقة وادي الديناصورات بالواحات البحرية مهددة تماما بالتدمير‏ بعد أن أصبحت زراعات الطماطم فوق حفريات الديناصورات تماما وتحديدا فوق عظام‏(‏ بارالاتين سورس‏)‏ وهو ديناصور المد والجزر الذي يعد ثاني أضخم ديناصور يتم اكتشافه في العالم كله إذ يصل وزنه لأكثر من‏80‏ طنا وطوله يتجاوز‏30‏ مترا‏‏ وتم استخراج‏25%‏ منه ولايزال الباقي مطمورا تحت رمال الزراعات التي تهدده‏‏ ولا تتوقف الحفريات عند هذا النوع فقط بل هناك أربعة أنواع أخري تزخر بها المنطقة‏ منها ما هو آكل للعشب مثل احيبتينو سورس وكلاهما ضخم الجسم وطويل الرقبة والذيل وذو رأس صغير‏‏ كما توجد حفريات لديناصورات آكلة اللحوم مثل البحرية سورس والكاركارادونت سورس والاسبينو سورس والكثير من حفريات الأحياء البحرية كالثعابين المائية والتماسيح والسلاحف البحرية والسحالي‏,‏ وكل هذا الثراء في منطقة أصبحت مهددة‏,‏ وبالطبع من المهم حمايتها قبل ان تدمر تلك الحفريات التي عاشت أحياؤها منذ‏94‏ مليون سنة‏.‏ ويضيف يسري عطية وهناك مناطق مصرية أخري زاخرة بحفريات الحيتان وجديرة باعلانها محميات طبيعية وضمها للتراث الطبيعي العالمي لليونسكو‏,‏ والمنطقة الأولي بالواحات الداخلة وتم اكتشاف ديناصورات من نوع ميجالو سورس وأنواع أخري ترقد عظامها في قلب المنطقة ولم تكتشف وديناصورات هذا الموقع عاشت منذ‏75‏ مليون سنة‏,‏ وهي منطقة واعدة بل تكنز في بطنها حفريات أكثر بكثير من حفريات الواحات البحرية‏,‏ أما المنطقة الثالثة فهي تقع بالقصير بالصحراء الشرقية وديناصوراتها عاشت منذ‏70‏ مليون سنة وتشبه حفرياتها عظام الطيور‏.‏