الرئيس السيسي: البلد لو اتهدت مش هتقوم... ومحتاجين 50 تريليون جنيه لحل أزماتها    ترامب خلال لقائه ولي العهد السعودي: إيران تريد بشدة التوصل إلى اتفاق معنا وأنا منفتح    ترامب يشكر السعودية علي استثمار 600 مليار دولار بأمريكا| وولي العهد يرفع الاستثمارات ل تريليون دولار    إدارة دونيتسك المحتلة تعلن حالة الطوارئ بعد هجمات أوكرانية على محطتين حراريتين    إسعاد يونس ومحمد إمام ومى عز الدين يوجهون رسائل دعم لتامر حسنى: الله يشفيك ويعافيك    بشري سارة للمعلمين والمديرين| 2000 جنيه حافز تدريس من أكتوبر 2026 وفق شروط    حقيقة ظهور فيروس ماربورج في مصر وهل الوضع أمن؟ متحدث الصحة يكشف    ترتيب الدوري الإيطالي قبل انطلاق الجولة القادمة    شبانة: الأهلي أغلق باب العودة أمام كهربا نهائيًا    أوكرانيا تطالب روسيا بتعويضات مناخية بقيمة 43 مليار دولار في كوب 30    بحضور ماسك ورونالدو، ترامب يقيم عشاء رسميا لولي العهد السعودي (فيديو)    "النواب" و"الشيوخ" الأمريكي يصوتان لصالح الإفراج عن ملفات إبستين    النيابة العامة تُحوِّل المضبوطات الذهبية إلى احتياطي إستراتيجي للدولة    نمو الطلب على السلع المصنعة في أمريكا خلال أغسطس    فرحات: رسائل السيسي ترسم ملامح برلمان مسؤول يدعم الدولة    شمال سيناء تنهي استعداداتها لانتخابات مجلس النواب 2025    أقرب إلى الخلع، وزير الآثار الأسبق يكشف مفاجآت عن وثيقة الجواز والطلاق في عصر الفراعنة    "الوطنية للانتخابات": إلغاء نتائج 19 دائرة سببه مخالفات جوهرية أثرت على إرادة الناخب    انقلاب جرار صيانة في محطة التوفيقية بالبحيرة.. وتوقف حركة القطارات    نشأت الديهي: لا تختاروا مرشحي الانتخابات على أساس المال    مصرع شاب وإصابة اثنين آخرين في انقلاب سيارتي تريلا بصحراوي الأقصر    ما هي أكثر الأمراض النفسية انتشارًا بين الأطفال في مصر؟.. التفاصيل الكاملة عن الاضطرابات النفسية داخل مستشفيات الصحة النفسية    النائب العام يؤكد قدرة مؤسسات الدولة على تحويل الأصول الراكدة لقيمة اقتصادية فاعلة.. فيديو    مصرع شاب وإصابة اثنين في انقلاب سيارتي تريلا بالأقصر    إحالة مخالفات جمعية منتجي الأرز والقمح للنيابة العامة.. وزير الزراعة يكشف حجم التجاوزات وخطة الإصلاح    معرض «الأبد هو الآن» يضيء أهرامات الجيزة بليلة عالمية تجمع رموز الفن والثقافة    أبرزهم أحمد مجدي ومريم الخشت.. نجوم الفن يتألقون في العرض العالمي لفيلم «بنات الباشا»    في ذكرى رحيله.. أبرز أعمال مارسيل بروست التي استكشفت الزمن والذاكرة والهوية وطبيعة الإنسان    حبس المتهمين في واقعة إصابة طبيب بطلق ناري في قنا    إنهاء تعاقد مُعلم في نجع حمادي بتهمة التعدي على تلميذ    عاجل مستشار التحول الرقمي: ليس كل التطبيقات آمنة وأحذر من استخدام تطبيقات الزواج الإلكترونية الأجنبية    آسر نجل الراحل محمد صبري: أعشق الزمالك.. وأتمنى أن أرى شقيقتي رولا أفضل مذيعة    أحمد الشناوي: الفار أنقذ الحكام    سويسرا تلحق بركب المتأهلين لكأس العالم 2026    شجار جماعي.. حادثة عنف بين جنود الجيش الإسرائيلي ووقوع إصابات    الأحزاب تتوحد خلف شعار النزاهة والشفافية.. بيان رئاسي يهز المشهد الانتخابي    أسامة كمال: الجلوس دون تطوير لم يعد مقبولًا في زمن التكنولوجيا المتسارعة    دينا محمد صبري: كنت أريد لعب كرة القدم منذ صغري.. وكان حلم والدي أن أكون مهندسة    وزارة الاتصالات تنفذ برامج تدريبية متخصصة في الأمن السيبراني على مستوى 14 محافظة    جميع المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم 2026    تحريات لكشف ملابسات العثور على جثة شخص في الطالبية    أحمد فؤاد ل مصطفى محمد: عُد للدورى المصرى قبل أن يتجاوزك الزمن    جامعة طيبة التكنولوجية بالأقصر تطلق مؤتمرها الرابع لشباب التكنولوجيين منتصف ديسمبر    فضيحة الفساد في كييف تُسقط محادثات ويتكوف ويرماك في تركيا    زيورخ السويسري يرد على المفاوضات مع لاعب الزمالك    مشروبات طبيعية تساعد على النوم العميق للأطفال    فيلم وهم ل سميرة غزال وفرح طارق ضمن قائمة أفلام الطلبة فى مهرجان الفيوم    طيران الإمارات يطلب 65 طائرة إضافية من بوينغ 777X بقيمة 38 مليار دولار خلال معرض دبي للطيران 2025    «مصر العليا للكهرباء»: 4.3 مليار جنيه مشروعات للغير وفائض تشغيل كبير    وزير المالية: مبادرة جديدة لدعم ريادة الأعمال وتوسيع نظام الضريبة المبسطة وحوافز لأول 100 ألف مسجل    هيئة الدواء: نعتزم ضخ 150 ألف عبوة من عقار الديجوكسين لعلاج أمراض القلب خلال الفترة المقبلة    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    هل يجوز أداء العشاء قبل الفجر لمن ينام مبكرًا؟.. أمين الفتوى يجيب    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    الشيخ رمضان عبد المعز يبرز الجمال القرآني في سورة الأنبياء    التنسيقية تنظم رابع صالون سياسي للتعريف ببرامج المرشحين بالمرحلة الثانية لانتخابات النواب    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر: مقارنة المهور هي الوقود الذي يشعل نيران التكلفة في الزواج    كيف يحدث هبوط سكر الدم دون الإصابة بمرض السكري؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفرقاء العراقيون والمصالحة السياسية
نشر في أخبار مصر يوم 26 - 08 - 2007

يدلل التقويم الذي نشرته وكالة الاستخبارات الوطنية الأميركية الخميس الماضي، على أنه رغم زيادة عدد القوات في العراق، فإن ذلك لم يدفع باتجاه التسوية السياسية، التي كان يمكن أن تؤدي إلى الأمن والاستقرار طويل الأمد، والنمو الاقتصادي. بيد أن ما لم يوضحه هذا التقويم هو السبب الذي جعل التوصل إلى تلك التسوية أمراً صعباً.
يرجع ذلك إلى أن العراق لا يزال مكاناً ينتشر فيه العنف والخوف، بدرجة تجعل من الصعب تحقيق هذه التسوية، خصوصاً بعد أن تحوّل- كما يقول بعض المعلقين والمسؤولين السياسيين- إلى دولة ''خليوية'' أي دولة منقسمة إلى خلايا يتزايد عددها باستمرار، وتنخرط في صراعات ضد بعضها بعضاً، ويجد معظمها أنه يمكن أن يحقق من خلال استمرار العنف ما لا يمكن أن يحققه من خلال التسوية.
ففي معظم المناطق في العراق اليوم، أصبحت الحكومة المركزية إما غير ذات أهمية أو غير موجودة، وهو ما أدى إلى تحويل تلك المناطق إلى ساحات تدور فوقها الصراعات بين القوى المتنازعة. وقد نتج عن هذا الوضع أن الطوائف الدينية والعرقية الرئيسية في بلاد الرافدين، وهي الشيعة والسُّنة والأكراد- أو على الأقل فصائل داخلها- قد توصلت إلى خلاصة مؤداها أنها تستطيع تدبير أمورها بشكل أفضل من الحكومة. حول هذه النقطة يقول ''نبيل محمود'' أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بغداد: ''لا يمكن لأي أحد أن يعتمد على سياسيين يختلفون معه في الرؤية، ولا يوجد بينه وبينهم مصالح مشتركة''. وفي الحقيقة، إن مبدأ الاعتماد على الآخرين غائب تماماً عن فكر القوى السياسية المشاركة في الحكومة العراقية، وما يحدث في الواقع، هو أن كل قوة من تلك القوى تعمل من أجل الحصول على ما تعتبره نصيبها المستحق من المناصب والموارد''.
والأكراد بفضل ما يتمتعون به من حكم ذاتي، يجدون أنفسهم اليوم في وضع أفضل من غيرهم فيما يتعلق بالاستفادة من إخفاقات الحكومة. فحماية الأميركيين لهم خلال السنوات الأخيرة من حكم صدام حسين، أدت عملياً إلى فصل إقليمهم عن باقي العراق، ووفرت لهم الظروف التي ساعدت على ازدهار ذلك الإقليم اقتصادياً، وهو ما تتبدى مظاهره في أبراج المكاتب ذات الواجهات الزجاجية التي ارتفعت في سماء مدن مثل ''أربيل''، وفي العمال الأجانب الذين تدفقوا على مختلف مدن الإقليم من أجل فرص العمل. وفي بداية هذا الشهر، أقدم الأكراد على اتخاذ خطوة أخرى في إطار عملية النأي بأنفسهم عن بقية العراق، وذلك عندما مرر البرلمان الكردي قانوناً إقليمياً للنفط، سيجد طريقه للتحقق الكامل، إذا لم يتم وضع قانون النفط الوطني موضع التنفيذ.
مع ذلك تظل الطائفتان الشيعية والسُّنية هما الطائفتان اللتان تتحملان معظم المسؤولية عن الجمود السياسي الحالي في العراق، والطائفتان اللتان يمكنهما تحقيق أكبر قدر من المكاسب من بقاء الوضع الحالي المتدهور على ما هو عليه. والشيعة بالذات، نجحوا في الاستفادة من ضعف الحكومة المركزية بعدد من الطرق:
فالمليشيات الشيعية في المدن ذات الأغلبية الشيعية مثل البصرة تخوض في الوقت الراهن قتالاً علنياً ضد بعضها بعضاً من أجل السيطرة والنفوذ والمناصب ولا يتورع مقاتلوها عن قتل المسؤولين والمحافظين في تلك المدن. ونظراً للثروات النفطية الهائلة في تلك المنطقة، فإن تدخل الحكومة المركزية فيها يعد من الأمور غير المرحب بها على الإطلاق من جانب القوى الشيعية.
وفي العاصمة بغداد تم افتتاح مكاتب تديرها مؤسسة ومليشيا الزعيم الشيعي مقتدى الصدر. ويُقال إن تلك المليشيا المعروفة باسم ''جيش المهدي'' قد أصبحت تتحكم الآن في إدارة طائفة من المشروعات المتنوعة التي تشمل تجارة العقارات والثلج والغاز والسلاح. ويقول أحد قادة هذه المليشيا إنها تسيطر على ما يقرب من 70 في المائة من محطات البترول في المدينة. وعلى الرغم من أنه من الصعب التحقق من دقة هذا الرقم، إلا أن ما قاله هذا المسؤول، يتفق في مضمونه مع ما يقوله المسؤولون الأميركيون وهو أن ''جيش المهدي'' قد أصبح يدير شبكة معقدة من المصالح بأسلوب يمزج فيه بين الوحشية وبين البيزنس.
ولم يكن غريباً والحال هكذا أن يطلق السفير الأميركي في بغداد ''رايان سي. كروكر'' على جيش المهدي اسم'' مؤسسة المهدي المساهمة''.
ويلعب مقتضى الصدر دوراً بارزاً في الحكومة، ويسيطر على بعض الوزارات المهمة مثل وزارة الصحة، ويقول المراقبون إنه لولا دعمه للمالكي لما أصبح الأخير رئيساً للوزراء. ولكن ما حدث مؤخراً هو أن الصدر وأتباعه- كما فعل آخرون غيرهم- قد انقلبوا مؤخراً على السيد المالكي وتكرر انسحابهم من الحكومة تعبيراً عن الاستياء.. ولكن الأمر لم يصل إلى حد إقدام الصدر شخصياً على المطالبة بتغيير المالكي.
ويقول المراقبون هنا إنه لم يفعل ذلك لأنه يدرك أن احتمال ذهاب المالكي وقيام حكومة قوية، يمكن أن يجعله هدفاً لحملات من جانب مثل تلك الحكومة.
يعلق على هذه النقطة ''قاسم داوود'' وهو عضو شيعي في البرلمان بقوله: ''إن جميع الناس الذين يعملون خارج إطار القانون بمن فيهم المليشيات والإرهابيون وزعماء القبائل يستفيدون من الأوضاع الحالية... فهم جميعا أناس يتعيشون على الأزمة، ويحققون نفوذاً من خلال استمرارها''.
علاوة على ذلك تكونت مراكز قوى من الجماعات السُّنية في الأنبار، التي تلقت مئات الملايين من الدولارات من الأميركيين مقابل التعاون معهم، في القضاء على مسلحي تنظيم ''القاعدة'' في بلاد الرافدين، كما تكونت أيضاً مراكز أخرى للقوى السُّنية في محافظة ديالى وفي المناطق التي تسكنها أغلبية سنية في بغداد وما حولها.
وعلى رغم أن زعماء السُّنة يصرحون بأنهم يودون الانضمام للحكومة، فإنهم يشترطون أن يحصلوا أولاً على الأموال والسلاح وحرية الحركة. ويقول الأميركيون إنهم لا يعرفون ماذا سيفعل السُّنة بعد أن يحصلوا على ما يطالبون به وما يعتبرونه نصيبهم في السلطة.
ويقول تقويم الاستخبارات الوطنية إنه إذا لم تقم الحكومة العراقية بالتحرك بسرعة من أجل استيعاب القبائل، فإن الدعم الأميركي لتلك الحكومة، قد ينتقل بسرعة إلى المحافظات والمناطق الأخرى، وهو ما سيقوض الجهود الرامية لفرض سلطة مركزية، ويعيد مجدداً تنشيط المقاومة المسلحة لحكومة بغداد.
سيعني ذلك أن الاستراتيجية الأميركية في المناطق السُّنية التي وصفت على نطاق واسع بأنها مبشرة، قد ينتهي بها المطاف إلى تشجيع الطائفية وتقويض الديمقراطية التي سعت أميركا دوماً من أجل دعمها في العراق.
والقادة السُّنة العرب الذين انسحبوا من الحكومة يقولون إنه ليس أمامهم من خيار سوى البقاء في المعارضة، لأن السيطرة الشيعية على الحكومة غير شرعية، ولأن مشاركتهم في تلك الحكومة ومصادقتهم على قانون النفط العراقي الجديد يعتبر من المحرمات بالنسبة لهم.
في الحقيقة، إنه وبالنسبة للعديد من العراقيين فإن رؤية الحكومة وهي تعمل كيد واحدة- في الوقت الذي يستثمر فيه الآخرون من أجل إبقائها ضعيفة- يشكل مدعاة للانزعاج أكثر مما يشكل سبباً للابتهاج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.