لمدة 6 أشهر.. ترامب يحظر الطلاب الأجانب من الدراسة في جامعة هارفارد    الكرملين: بوتين أبلغ ترامب بأن المحادثات مع أوكرانيا في تركيا "كانت مفيدة"    اليوم، تشغيل 4 قطارات إضافية مكيفة على خط القاهرة - أسوان    تهنئة عيد الأضحى 2025 رسمية مكتوبة    شريف بديع ل الفجر الفني: كنت شاهد على تحضيرات ريستارت..ورسالته مهمه وفي وقتها ( حوار)    عالم أزهري: أفضل أيام العشر يوم النحر يليه يوم عرفة    موعد صلاة عيد الأضحى 2025 في مصر لجميع المحافظات    ترامب يأمر بفتح تحقيق بشبهة التستر على الحالة العقلية ل بايدن    سعر الدولار أمام الجنيه الخميس 5-6-2025    وداعًا سيدة المسرح العربي| سميحة أيوب.. فصل الختام في سيرة لا تنتهي    حجاج بيت الله يواصلون التوافد إلى عرفات لأداء ركن الحج الأعظم    كامل الوزير يكشف تفاصيل إنتاج ألبان أطفال (فيديو)    فرصة تعيين جديدة.. «التعليم» تفتح باب التقدم ل 9354 و ظيفة معلم مساعد في اللغة الإنجليزية بجميع المحافظات    زلزال العيد.. هزة أرضية تضرب دولة عربية بقوة    موعد إعلان نتيجة 3 إعدادي محافظة جنوب سيناء الترم الثاني.. رابط الاستعلام بالاسم و رقم الجلوس فور اعتمادها    دعاء يوم عرفة مستجاب كما ورد في السنة النبوية    فضل الدعاء في يوم عرفة.. أمين الفتوى يوضح    أبطال مجهولون في العيد.. وقف ‬الراحات ‬وحملات ‬مكثفة ‬وانتشار ‬أمني ‬واسع    اليوم.. «بيت الزكاة والصدقات» يقدِّم 4000 وجبة إفطار للصائمين بالجامع الأزهر    عيد الأضحى موسم للتواصل مع الناخبين.. الأحزاب تسابق الزمن استعدادا للانتخابات    إصابة 3 أشخاص إثر انقلاب سيارة ملاكي في الوادي الجديد    حبس عصابة تخصصت في سرقة مواقع تحت الإنشاء ببدر    محافظ قنا يستقبل وفدًا من مطرانية الأقباط الأرثوذكس للتهنئة بعيد الأضحى    الفاصوليا ب 70 جنيهًا.. أسعار البقوليات في أسواق الشرقية الخميس 5 يونيو 2025    أيمن موسى يكتب: «جورجي إسرائيلي كوري بيلاروسي»    والدة شيكا ترفض 108 آلاف جنيه.. أبرز ما جاء فى بيان أرملة إبراهيم شيكا    حكايات العيد والحج.. إبداع بريشة المستشرقين    وول ستريت جورنال: ترامب نفد صبره من انتقادات ماسك للمشروع الضخم    تشكيل الزمالك المتوقع ضد بيراميدز في نهائي كأس مصر.. الجزيري يقود الهجوم    دي أمراض أنا ورثتها، كامل الوزير يقيل أحد مسؤولي وزارة الصناعة على الهواء (فيديو)    له فضل عظيم.. دعاء يوم عرفة    «أضحى الخير» يرسم البسمة على وجوه 5 آلاف أسرة بالوادي الجديد.. صور    قاضٍ أمريكي يوقف ترحيل عائلة المصري المشتبه به في هجوم كولورادو    ناجي الشهابي مهنئًا الرئيس السيسي بعيد الأضحى المبارك: نقف خلفكم.. ومواقفكم أعادت لمصر دورها القيادي    «اصبر أحنا مطولين مع بعض».. محامي زيزو يتوعد عضو مجلس الزمالك بعد واقعة الفيديو    بعثة الأهلى تغادر مطار دبى إلى أمريكا للمشاركة فى كأس العالم للأندية    رد جديد من اتحاد الكرة بشأن أزمة عقد زيزو مع الزمالك: «ملتزمون بهذا الأمر»    المصرية للاتصالات WE تطلق رسميًا خدمات الجيل الخامس في مصر لدعم التحول الرقمي    «صحة مطروح» تستعد لعيد الأضحى    موعد أذان الفجر اليوم في القاهرة وجميع المحافظات للصائمين يوم عرفة    الإفتاء تحسم الجدل.. هل تسقط صلاة الجمعة إذا وافقت يوم العيد؟    غرفة عمليات ذكية لضمان أجواء آمنة.. صحة مطروح تُجهز الساحل الشمالي ل صيف 2025    ب3 أرقام.. كريستيانو رونالدو يواصل كتابة التاريخ مع البرتغال    أحمد سالم: صفقة انتقال بيكهام إلى الأهلي "علامة استفهام"    رسميًا.. الهلال السعودي يعلن تعاقده مع سيموني إنزاجي خلفًا لجيسوس    بحضور نجوم الفن.. حماقي وبوسي يحييان حفل زفاف محمد شاهين ورشا الظنحاني    بعد ارتفاع عيار 21 لأعلى سعر.. أسعار الذهب اليوم الخميس 5 يونيو بالصاغة محليًا وعالميًا    نجاح أول جراحة لاستبدال الشريان الأورطي بمستشفى المقطم للتأمين الصحي    نصائح مهمة يجب اتباعها على السحور لصيام يوم عرفة بدون مشاكل    صحة الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد القصوى خلال إجازة عيد الأضحى    حدث ليلًا| استرداد قطعًا أثرية من أمريكا وتفعيل شبكات الجيل الخامس    قبل صدام بيراميدز.. كم مرة توج الزمالك ببطولة كأس مصر بالألفية الجديدة؟    نجاة السيناريست وليد يوسف وأفراد أسرته من حادث سير مروع    القائد العام للقوات المسلحة ووزير خارجية بنين يبحثان التعاون فى المجالات الدفاعية    الرسوم الجمركية «مقامرة» ترامب لانتشال الصناعة الأمريكية من التدهور    التعليم العالى تعتزم إنشاء أكبر مجمع صناعي للأجهزة التعويضية    5 أبراج «مايعرفوش المستحيل».. أقوياء لا يُقهرون ويتخطون الصعاب كأنها لعبة مُسلية    فوائد اليانسون يخفف أعراض سن اليأس ويقوي المناعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غازي العريضي: نزع شرعية إسرائيل
نشر في أخبار مصر يوم 15 - 02 - 2014

ثمة أزمة قديمة بين إسرائيل وعدد من الدول الأوروبية حول موضوع المستوطنات وتصدير إنتاجها إليها. تطورت حتى بلغت حدود مشكلة تمسّ الاقتصاد الإسرائيلي والتطور التكنولوجي والسمعة المعنوية والعلاقة مع الاتحاد الأوروبي، الذي رفض انضمام إسرائيل إلى مشروع "هورايزون 2020"، مما سيلحق بها خسارة مالية كبيرة أيضاً، والسبب هو الاستمرار في سياسة الاستيطان.
كتبت عن هذا الموضوع في أواخر سبتمبر الفائت. وفي أواخر الشهر الأول من العام الحالي صدر تقرير في صحيفة Financial Times‮ ‬ أشار‮ ‬إلى‮ ‬ما‮ ‬تواجهه‮ ‬المصارف‮ ‬الإسرائيلية‮ ‬من‮ ‬ضغوط‮ ‬مؤسسات‮ ‬مالية‮ اتهمتها‮ ‬بمخالفة‮ ‬قانون‮ ‬حقوق‮ ‬الإنسان‮ ‬الدولي،‮ ‬وذلك‮ ‬بسبب‮ ‬تمويل‮ ‬مستوطنات‮ ‬لليهود‮ ‬في‮ ‬الأراضي‮ الفلسطينية‮‬.‮ ‬مؤسسات‮ ‬مالية‮ ‬كبرى‮ ‬مثل‮ "أي‮ ‬.‮ ‬بي‮ ‬.‮ ‬بي" ‬تراجع‮ ‬تعاملها‮ ‬مع‮ ‬المصارف‮ ‬الإسرائيلية‮ ‬لأنها‮ تخالف‮ ‬القانون‮ ‬بتمويلها‮ ‬بناء‮ ‬المستوطنات‮‬.‮ ‬والمؤسسة‮ ‬المالية‮ ‬النرويجية ‮ ‬KCB‬تملك‮ ‬أصولاً‮ ‬بقيمة‮ ‬45‮ ‬مليار دولار‮ ‬تبحث‮ ‬إشكالية‮ ‬تمويل‮ ‬المصارف‮ ‬الإسرائيلية‮ ‬للمستوطنات‮ ‬اليهودية‮‬.‮ ‬وقد‮ ‬رتبت‮ ‬المؤسسة‮ ‬لقاءات‮ ‬مع‮ المصارف‮ ‬في‮ ‬منتصف‮ ‬العام‮ ‬الماضي‮ ‬قبل‮ "‬اتخاذ‮ ‬قرار‮ ‬في‮ ‬شأن‮ ‬سحب‮ ‬ودائعها".
في بداية الشهر الحالي باع "صندوق التقاعد الحكومي في النرويج" أسهمه في شركة "البيت معرخوت" للصناعات الأمنية والعسكرية، وأعلن أنه لن يستثمر بعد الآن في الشركتين الإسرائيليتين الرائدتين "أفريقيا إسرائيل" و"دانيا سيبوس" وللقرار النرويجي أهمية أنه اتخذ في ظل حكومة يمين وسط تعلن رفضها لمقاطعة إسرائيل، وبعد توصية من مجلس الأخلاق الحكومي. وكانت شركة المياه الهولندية "فيتانس" قد ألغت منذ أسابيع عقداً مع شركة "مكوروت" للسبب ذاته. أما شركة القطارات الحكومية الألمانية، فقد انسحبت من إقامة شبكة للسكك الحديدية في إسرائيل على خلفية مرور أحد خطوط الشبكة في الضفة الغربية. فيما ألغي معرض "تل أبيب – المدينة البيضاء" على الخلفية نفسها، بينما أعاد مهرجان فني للصناعة السينمائية في إسكتلندا منحة مالية قدمتها السفارة الإسرائيلية إلى الفائزين.
وثمة شركات ومؤسسات اقتصادية وأهلية أمريكية وأسترالية وهولندية وبريطانية وإيرلندية أعلنت مقاطعتها لإسرائيل مع الإشارة إلى أن كل وزراء الحكومة في جنوب أفريقيا يقاطعون إسرائيل ويرفضون زيارتها.
هذه الحالة أثارت خلافات كبيرة داخل الحكومة الإسرائيلية التي انقسم أعضاؤها إلى فريقين: فريق يدعو إلى مواجهة هذه الحملة عبر خطة متكاملة كي لا تتفاقم أكثر وتحرج إسرائيل ويقوده وزير الشؤون الإستراتيجية "يوفال شتاينتس"، وفريق آخر تقوده وزارة الخارجية، ويعتبر أن تضخيم الحملة والعمل على الردّ عليها يعززّ موقع أصحابها والأفضل عدم التسرّع في التعاطي مع هذا الموضوع تجنباً لتعزيز مكانة المنظمات غير الحكومية التي تدعو إلى مقاطعة شاملة لإسرائيل! وثمة من ذكّر الخارجية بأن قرارات الاتحاد الأوروبي ومنع إسرائيل من المشاركة في مشاريع معينة ليست صادرة عن منظمات غير حكومية، وبالتالي ينبغي الاعتراف بوجود أزمة حقيقية وحالة تتنامى في أكثر من وسط. قد يقع الخلاف حول كيفية التعاطي معها وهذا أمر طبيعي ولكن ليس طبيعياً إنكار وجود أزمة حقيقية تواجهنا.
الوزير "شتاينتس" قال :"إن نزع شرعية إسرائيل ظاهرة خطرة واسعة النطاق". وعلى هذا الأساس قدّم خطته للقيام بحملات قانونية ودعائية ضد المنظمات التي تدعو إلى مقاطعة إسرائيل. وزارة الخارجية الإسرائيلية أشارت إلى أن التقدم في المفاوضات مع الفلسطينيين يضعف جزءاً كبيراً من تهديدات المقاطعة. يأتي هذا الأمر في ظل نقاش صاخب داخل الحكومة الإسرائيلية حول مصير المستوطنات وعدد من المستوطنين، الذين من المفترض أن يبقوا ضمن مناطق السيادة الفلسطينية. وقد احتدم الخلاف بين رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الاقتصاد "نفتالي بينت"، الذي اتهم رئيسه وأطلق ضده أوصافاً ونعوتاً قاسية، فهددّه نتنياهو بطرده من الحكومة إذا لم يبادر إلى الاعتذار. بنيت اعتذر بطريقة معينة، لكن الأزمة لم تنته. فموضوع المستوطنات أساسي في المفاوضات بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية.
والتوسع لم يتوقف، ووزير الخارجية الأمريكي يحاول الوصول إلى اتفاق إطار. وأوروبا مع هذا التوجه، وكان بين الاتحاد الأوروبي وحكومة نتنياهو مشاكل منذ أسابيع واتهامات متبادلة بمواقف وسياسات وتصريحات عنصرية من هنا وهناك.
ومن المفارقات أيضاً أن هذه المشكلة تأتي في وقت تشهد فيه العلاقات الإيرانية- الأمريكية تطوراً إيجابياً، وكذلك العلاقات الإيرانية-الأوروبية، وانفتاحاً ورغبة من كبريات الشركات الأمريكية والأوروبية بالاستثمار في إيران بعد اتفاق ال 5+1 معها حول ملفها النووي والبدء برفع العقوبات عنها وإزالة كل العقبات من طريقها تدريجاً تمهيداً لعودة العلاقات إلى طبيعتها معها إنْ هي التزمت بمضمون الاتفاق.
أو ليست مفارقة أن نرى إسرائيل التي تهدد بضرب إيران وتدعو إلى منعها من امتلاك سلاح الطاقة النووية، وإلى تشديد العقوبات عليها، تتعرض هي نفسها لعقوبات فيما ترفع العقوبات عن إيران؟ أليست مفارقة أن نرى إسرائيل ومصارفها محاصرة من قبل مؤسسات وشركات أوروبية وأمريكية وجنسيات أخرى، فيما تتدفق طلبات الاستثمار في إيران من قبل شركات عالمية مماثلة؟
ليس في الأمر مبالغة أبداً، هذه حقيقة ماثلة أمامنا لايمكننا تجاهلها، بل ينبغي التعامل باهتمام كبير معها لما لها من أثر على سير المفاوضات مع الفلسطينيين، وعلى الوضع العربي إذا كان لا يزال ثمة إمكانية أو موقع للتفكير العربي الجماعي ولو في الحد الأدنى.
إسرائيل في أزمة، تواجه خطر "نزع الشرعية" عنها كما يقول وزراؤها، ولو كان قصدهم المبالغة، لكنها تقاطع بقرار من "مجلس الأخلاق الحكومي" في دول أوروبية. وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قال في ميونيخ:
"هناك ازدهار مؤقت وأمن مؤقت في إسرائيل لكن ذلك وهم. وسيتغير كل ذلك مع فشل المحادثات، وإلى ماذا يشير فشل المحادثات بالنسبة إلى قدرة إسرائيل على البقاء دولة ديمقراطية يهودية؟ هناك معركة متصاعدة لنزع الشرعية عن إسرائيل ويتحدث الناس عن المقاطعة".
لكن للأسف، تبقى إسرائيل قادرة على تجاوز أزماتها لأنها تستفيد جيداً من أزماتنا، ومن تجاوز كل القيم الأخلاقية، على ساحاتنا وبين بعضنا البعض، ومن مقاطعتنا لبعضنا البعض كعرب، ومن اعتبار الدولة العبرية أن ثمة الكثير ممّا يجمعها، ولو بطريقة غير مباشرة مع دول عربية في مواجهة "الإرهاب" أو "التطرف" وأن موضوع فلسطين لم يعد قضية مركزية بالنسبة إلى العرب فيما هو قضية مركزية لمنظمات وحكومات ومجالس أخلاق حكومية في عدد من الدول الأوروبية والغربية.
نقلا عن جريدة الاتحاد الإماراتية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.