اكدت مصادر اقتصادية ودبلوماسية ان الصفقات التجارية والقضايا الاقتصادية شكلت العامل الرئيسي في ترتيبات الجولة التي قام بها الرئيسان الفرنسي نيكولاي ساركوزي والامريكي جورج بوش حيث كانت دول الخليج العربي محل تركيز الرئيسين. وكشفت هذه المصادر ان الرئيس الفرنسي استطاع خلال زيارته الاخيرة لدول الخليج التي شملت السعودية والامارات توقيع صفقات تجاوزت قيمتها 60 مليار دولار وبخاصة مع المملكة السعودية. ويقول المراقبون ان الفوائض المالية الهائلة لدول الخليج في ظل ارتفاع اسعار البترول اصبحت عامل جذب رئيسي للدول الغربية من اجل الاستحواذ علي نصيب الاسد من تلك الفوائض سواء من خلال الصفقات التجارية او الفوز بعقود انشائية ضخمة في منطقة الخليج. تقول مجلة 'ميد' الاقتصادية المعنية بشئون الاقتصاد في الشرق الاوسط ان الفوائض المالية لدول الخليج تصل الي اكثر من 100 مليار دولار سنويا في الوقت الذي يصل فيه عجز الميزانية الامريكية الي نحو 300 مليار دولار. في الوقت نفسه يشير سعيد الشيخ كبير اقتصاديي البنك الاهلي السعودي في تصريحات صحفية الي ان الاحتياطيات النقدية بالعملات الاجنبية لدول الخليج تزيد علي 600 مليار دولار حيث بلغ المجموع التراكمي لعوائد النفط لدول مجلس التعاون الخليجي خلال الفترة من عام 2002 الي عام 2006 حوالي 1.6 تريليون دولار. واشار الي ان دول الخليج تعتزم تنفيذ خطة استثمارية عملاقة خلال السنوات العشر المقبلة تصل استثماراتها الي 1.5 تريليون دولار ستتسابق عليها الدول الغربية من اجل الفوز بنصيب الاسد من عقود تنفيذ هذه المشروعات. لذلك لم يكن غريبا ان ينصب تركيز الرئيس الفرنسي في جولته الخليجية علي قضايا التعاون النووي بين فرنسا والدول الاسلامية بشكل عام في ضوء حقيقة ضخامة الاستثمارات في المشروعات النووية حيث يأمل ساركوزي في فوز فرنسا بنصيب الاسد من هذه الاستثمارات. وقد نجح ساركوزي بالفعل في عقد صفقات لبلاده مع دول الخليج بقيمة 60 مليار دولار تقريبا. واكدت شركة توتال الفرنسية انها ستبني مفاعلين نوويين من الجيل الثالث في دولة الامارات العربية المتحدة بالتعاون مع شركتي سويز واريفا الفرنسيتين ايضا. وقال مصدر مقرب من الصفقة 'موعد 2016 يبدو منطقيا تماما اذا اخذنا في الاعتبار دراسات الجدوي واصدار التراخيص التي ستستغرق ثلاث سنوات بالاضافة الي خمس سنوات للإنشاءات'. وفي السعودية وقع ساركوزي مجموعة من العقود في مجالات البترول والغاز والتعدين فضلا عن التعليم وبرامج التدريب الاداري دون الكشف عن التفاصيل المالية لتلك العقود. لكن المسئولين الفرنسيين قالوا ان زيارة ساركوزي للسعودية يمكن ان تؤدي الي عقود في مجال النقل تصل قيمتها الي 15مليار دولار اغلبها تخص قطارات عالية السرعة وعقود في مجال الطيران تصل قيمتها الي ملياري دولار وعقود لمشاريع المياه والكهرباء تصل قيمتها الي تسعة مليارات دولار. وتابعوا انه علاوة علي ذلك يمكن ان تؤدي مبيعات الاسلحة ومعدات الدفاع الي عقود قيمتها 18 مليار دولار. ولم يختلف الامر كثيرا في جولة الرئيس بوش الخليجية التي تزامنت تقريبا مع جولة ساركوزي حيث اتجهت انظار الامريكيين الي الثروات المالية المتراكمة لدي دول الخليج واحتلت قضايا الاقتصاد قمة جدول المحادثات. وكانت صفقة الاسلحة الامريكية لدول الخليج التي تصل قيمتها الي 20 مليار دولار هي اهم صفقات الجولة خاصة انها جمعت بين الاقتصاد والسياسة حيث ركز بوش علي الخطر المزعوم لايران علي امن الخليج لتمرير هذه الصفقة الضخمة التي تشترك فيها السعودية والبحرين والامارات العربية المتحدة وقطر وعمان.. في الوقت نفسه احتلت قضية اسعار البترول العالمية التي وصلت الي مستويات غير مسبوقة مساحة واسعة من محادثات بوش في الخليج الذي ينتج الجزء الاكبر من انتاج العالم. . وقال ايد جيليسبي وهو مستشار رفيع لبوش ان الرئيس الامريكي وزعماء دول الخليج تباحثوا بشأن 'طبيعة السوق والطلب الهائل الذي في السوق العالمية اليوم علي النفط' وسط مخاوف من ان اسعار البترول التي دارت في الآونة الأخيرة حول 100 دولار للبرميل قد تتسبب في ركود الاقتصاد الامريكي.