فى عودة حادة لموجة الإنفجارات فى الجزائرهز انفجاران متزامنان وسط الجزائر العاصمة وشرقها مخلفين عدداً من الضحايا يُقدر بنحو 30 قتيلا و82 جريحا فى حصيلة قابلة للزيادة . حيث هز انفجار سيارة مفخخة - قالت مصادر سياسية وأمنية جزائرية - إن انتحاريا كان يقودها بجوار مقر الحكومة الجزائرية في قلب العاصمة ، وقام بتفجيرها على بُعد أمتار فقط من المدخل المخصص لرئيس الوزراء ، وأدت قوة الإنفجار إلى تدمير واجهة المبنى مع تطاير زجاج بعض المكاتب على مسافة مائتين إلى ثلاثمائة متر حول المبنى ، وكان الدفاع المدنى قد أعلن حصيلة أولى لهذا الإنفجار تفيد بوقوع تسعة قتلى و32 جريحاً وذلك بصفة مبدئية.
ويرى المراقبون أن رغم إستهداف التفجير لهدف نوعي من حيث كونه مقر الحكومة - والذى يتم استهدافه للمرة الأولى منذ 1992- فإن قصر الحكومة الذي يضم 15 طابقا لا يتمتع بحصانة خاصة ، حيث لا توجد نقاط مراقبة عنده ، كما أنه يقع على طريق يربط وسط العاصمة بأطرافها حيث تكثر حركة السيارات ، كذلك فإن موقع الهدف يجعله سهل الاستهداف نوعيا ، فالبناية تقع على طريق عام ولا توجد نقطة مراقبة عندها ، وإن كان ممنوعا وقوف السيارات قربها.
وقالت وكالة الأنباء الرسمية الجزائرية إن المبنى يضم مكتب رئيس الوزراء عبد العزيز بلخادم والذى كان يفترض أن يلتقي رجال أعمال في أحد الفنادق بالجزائر العاصمة.
وفى توقيت شبه متزامن انفجرت أيضاً ثلاث سيارات مفخخة قرب مركز الشرطة فى منطقة باب الزوار على طريق مطار الجزائر الدولى فى الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية ، وأوقع الإنفجار أكثر من ثمانية قتلى وأكثر من خمسين جريحاً ، حيث كان يفترض أن يقوم الرئيس الجزائرى بزيارة لتدشين عدد من المشاريع في الضاحية القريبة من مطار الجزائر.
وقد أدان رئيس الوزراء الجزائري عبد العزيز بلخادم هذه الانفجارات اثناء تفقده لمبنى قصر الحكومة ، ووصفها بالعمل الإجرامي والجبان . وقال إنها تحدث في الوقت الذي " يطالب فيه الشعب الجزائري بالمصالحة الوطنية ويمدون أيديهم نحوها " ويُذكر أن ميثاق المصالحة الوطنية الذى دخل حيز التنفيذ فى فبراير الماضى ينص على العفو الرئاسى عن الإسلاميين الذين يسلمون السلاح بشرط ألا يكونوا ارتكبوا جرائم قتل وتخريب وأعمالاً إرهابية.
ومن جانبه اتهم وزير الدولة أبو جريرة سلطانى تنظيم القاعدة بالوقوف وراء هذه التفجيرات بقوله " بصمات القاعدة مرسومة على العملية التى جرت فى منطقة مكتظة بالسكان فى العاصمة الجزائرية " ، وأكد سلطانى أن الإنفجارين يأتيان عشية بدء الحملات الانتخابية التشريعية المُقرر إجراؤها يوم 17 مايو القادم ، بما يؤكد أن هناك من يحاول أن يُرهب الشعب ويدفعه لعدم المُشاركة فى تلك الانتخابات ، وقد تكون التفجيرات رسالة لحكومة الجزائر تحديداً .
وجاء الانفجاران في وقت شهدت فيه الجزائر سلسلة هجمات نوعية شنها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي - الجماعة السلفية للدعوة والقتال سابقا- بينها هجمات على مراكز شرطة ، في وقت تحاصر فيه قوات الجيش معقلين مهمين من معاقلها في شرق البلاد . وجدير بالذكر ان الجزائر قد شهدت منذ أكتوبر الماضي هجمات عديدة استهدف 10 منها مراكز شرطة في العاصمة ومنطقة القبائل ، تبناها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي الجماعة السلفية للدعوة والقتال سابقا.
ويلاحظ مجئ هذه الإنفجارات عقب إشتباكات مسلحة حدثت مساء السبت الماضى7/4 قُتل خلاها تسعة عسكريين وستة مسلحين بمنطقة عين الدفلى على بُعد 160 كم غرب العاصمة الجزائرية ، وكانت مصادر أمنية قد ذكرت أن عشرات المسلحين الإسلاميين نصبوا كمينا لقافلة عسكرية على طريق حرجية في بلدية بن علال بين عين الدفلى وساحل مدينة تيبازة. وقام الجيش الجزائري بعدها بشن حملة تمشيط استخدم فيها المروحيات والدبابات ، وكانت عين الدفلى قد شهدت في الثالث من الشهر الماضي أيضاً تفجير قنبلة استهدف حافلة تقل موظفي شركة روسية وأسفر عن مقتل ثلاثة جزائريين وروسي وجرح خمسة آخرين.
وكانت الحكومة الجزائرية قد أعلنت مؤخرا عن خطط أمنية لمحاصرة المشتبه في انتمائهم لتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي ( الجماعة السلفية للدعوة والقتال سابقا ) ، وفي هذا الإطار قام الجيش الجزائري بعمليتين في ولايتى بجاية شرقي الجزائروبسكرةجنوب العاصمة الجزائرية ، حيث يواصل الجيش الجزائري حصاره عشرات المسلحين في منطقة أميزور بولاية بجاية شرق الجزائر، بالتزامن مع عملية أخرى بدأت في ولاية بسكرة منذ أيام .
وجدير بالذكر بأن عملية إميزور (في منطقة القبائل) والتي بدأت منذ 18حوالى يوماً وصفت بأنها الأكبر منذ يونيو 2004 انتهت حتى الآن بمقتل أكثر من 20 مسلحاً ينتمون إلى " تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" وهى التسمية الجديدة ل " الجماعة السلفية للدعوة والقتال " بعد إعلانها الإنضمام إلى تنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن ، واستخدم الجيش فيها – وبكثافة - الأسلحة الثقيلة بما فيها الدبابات لدخول المناطق المُلغمة التي تقود إلى الغابات التي يتحصن بها المسلحون ، وأيضاً في منطقة مشونش بولاية بسكرة الواقعة نحو 420 كم إلى الجنوب من العاصمة أجرى الجيش عملية كُبرى أخرى حاصر خلالها عشرات المسلحين ، واستهدفت نحو 50 مسلحاً يملكون عتاداً متطوراً ، ويوجد بينهم عناصر من مالي والنيجر والمغرب.
وجدير بالذكر أنه يُشار إلى تبنى تنظيم قاعدة المغرب الإسلامي - في فبرايرالماضي- أيضاً سلسلة هجمات بولايتي" تيزي وزو" و" بومرداس " بمنطقة القبائل شرق العاصمة الجزائرية استهدفت مراكز للشرطة وأسفرت عن سقوط قتلى وجرحى .
ويرى بعض المحللين السياسيين فى الجزائر أن التفجيرات التى وقعت اليوم تبدو وكأنها رد على الهجمات المتزايدة التى يشنها الجيش على المتشددين الإسلاميين فى منطقة بجاية الجبلة بشرق العاصمة ، حيث تجرى محاصرة زعماء كبار فى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامى. وهذا ما قد أكدته الأنباء التى أشارت إلى إعلان هذا التنظيم مسئوليته عن هذه التفجيرات المميتة .
ويُذكر أن الجزائر شهدت اندلاع أعمال العنف منذ عام 1992 ، بعد أن ألغت السلطات الجزائرية نتائج الدور الأول لانتخابات تشريعية كانت الجبهة الإسلامية للإنقاذ على وشك إحراز فوز ساحق فيها ، وسقط ما يصل إلى 200 ألف قتيل منذ ذلك الحين .
وقد هدأت أعمال العنف فى الأعوام الأخيرة ، بعد صدور العفو عن العديد من المتشددين ، واستفاد معظم قادة جبهة الإنقاذ من هذا العفو ، لكن لا يمكنهم ممارسة أى نشاط سياسى ، ويحذر بعض الإسلاميين من المعارضة من استمرار غلق المجال السياسى فى وجههم حتى لا يضر بإمكانية التغيير بالطرق السلمية ، إلا أنه عادت أعمال العنف فى المنطقة الجبلية شرقى الجزائر العاصمة ، وتصاعدت منذ أن غيرت " الجماعة السلفية للدعوة " اسمها فى يناير الماضى إلى " تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى "، حيث أعلنت هذه الجماعة مسئوليتها عن عدة تفجيرات استهدفت قوات الأمن والأجانب .
وفى أولى ردود الفعل أدان عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية تلك التفجيرات الإرهابية ، وأعرب عن خالص تعازيه ومواساته لأسر الضحايا والمصابين الأبرياء .
وقال وزير الخارجية الفرنسى فيليب دوست بلازى فى بيان له " شعرت بالفزع والسخط بعد الإنفجارين اللذين هزا العاصمة الجزائرية ، وأقدم أخلص التعازى لعائلات الضحايا " ، وأكد تضامنه الكامل مع الجزائر فى حربها ضد الإرهاب .