مؤتمر مستقبل وطن | الفنان أحمد فؤاد سليم: "الرئيس بيثق فينا ولازم نكون قد الثقة"    مياه الفيوم تُجري استطلاع رأي للمواطنين بعزب منشأة بني عثمان بسنورس    بين دعوات الاتحاد العالمي وواقع النظام المصري: السيسي ليس بوابة لغزة بل حارِسٌ للحصار    بريطانيا: سنعترف بدولة فلسطين في سبتمبر إذا لم تُنه إسرائيل حربها على غزة    خالد بوطيب ينفي اقترابه من الانتقال إلى الوداد المغربي    لويس دياز يوقّع عقود انتقاله إلى بايرن ميونخ    تفتيش وتحرير محاضر.. وكيل تموين الإسكندرية يقود حملات على السلاسل التجارية    رئيس جامعة القاهرة يهنئ أساتذة الجامعة الفائزين بجوائز الدولة النيل والتقديرية والتفوق والتشجيعية    أمين الفتوى: الشبكة ليست هدية بل جزء من المهر يرد فى هذه الحالة    أمين الفتوى: تأخير الصلاة عن وقتها دون عذر ذنب يستوجب التوبة والقضاء    ما حدود تدخل الأهل في اختيار شريك الحياة؟.. أمين الفتوى يجيب    التريند الحقيقي.. تحفيظ القرآن الكريم للطلاب بالمجان في كفر الشيخ (فيديو وصور)    خالد الجندي: الذكاء الاصطناعي لا يصلح لإصدار الفتاوى ويفتقر لتقييم المواقف    ضخ المياه بعد انتهاء إصلاح كسر خط رئيسى فى المنصورة    من أجل قيد الصفقة الجديدة.. الزمالك يستقر على إعارة محترفه (خاص)    تقرير: برشلونة يصدر قميصا خاصا ل الكلاسيكو بذكريات ثلاثية 2005    بدء انتخابات التجديد النصفى على عضوية مجلس نقابة المهن الموسيقية    إكسترا نيوز ترصد تفاصيل وصول مساعدات مصرية إلى غزة ضمن قافلة "زاد العزة"    الغزو الصينى قادم لا محالة.. عن قطاع السيارات أتحدث    لطلاب مدارس STEM.. تعرف على جدول امتحانات الدور الثاني للثانوية العامة 2025    حريق بمركز للطب النفسي في الأقصر بدون معرفة الأسباب.. صورة    جدول امتحانات الثانوية العامة 2025 الدور الثاني (نظام قديم)    الحوثيون يحتجزون 10 أفراد من طاقم سفينة أغرقوها قبالة سواحل اليمن كانت متجهة لميناء إيلات    هآرتس تهاجم نتنياهو: ماكرون أصاب الهدف وإسرائيل ستجد نفسها في عزلة دولية    حتى لا تسقط حكومته.. كيف استغل نتنياهو عطلة الكنيست لتمرير قرارات غزة؟    38 قتيلا حصيلة ضحايا الأمطار الغزيرة والفيضانات العارمة فى الصين    تجديد حبس 12 متهما في مشاجرة بسبب شقة بالسلام    وزير العمل: مدرسة السويدي للتكنولوجيا تمثل تجربة فريدة وناجحة    النقابات العمالية تدشن لجنة الانتقال العادل لمواجهة التحول الرقمي    برلمانية تطالب بإصدار قرار وزاري يُلزم بلم شمل الأشقاء في مدرسة واحدة    وزير العمل ومحافظ الإسكندرية يفتتحان ندوة للتوعية بمواد قانون العمل الجديد    وزارة الأوقاف تعقد (684) ندوة علمية بعنوان: "خيرُكم خيرُكم لأهله وأنا خيرُكم لأهلي"    نقابة الموسيقيين تكشف تفاصيل التحقيق مع محمود الليثي ورضا البحراوي |خاص    من عبق الحضارة إلى إبداع المستقبل| فعاليات تبهر الأطفال في «القومي للحضارة»    أحمد التهامي يكشف كواليس العمل مع عادل إمام ويشاركنا رحلته الفنية|خاص    خاص.. الزمالك يفتح الباب أمام رحيل حارسه لنادي بيراميدز    "ياعم حرام عليك".. تعليق ناري من شوبير على زيارة صلاح للمعبد البوذي    "3 فرق يشاركون في دوري الأبطال".. خالد الغندور يزف خبرا سارا    وزير الدفاع يلتقي رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستانية - تفاصيل المناقشات    أمين الفتوى: مخالفات المرور الجسيمة إثم شرعي وليست مجرد تجاوز قانوني    وزير الصحة يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الصحة وشركة روش مصر لتطوير رعاية مرضى التصلب المتعدد    لماذا يتصدر الليمون قائمة الفاكهة الأكثر صحة عالميا؟    ماء المخلل.. هل هو مفيد؟    الأمراض المتوطنة.. مذكرة تفاهم بين معهد تيودور بلهارس وجامعة ووهان الصينية    مقتل وإصابة خمسة أشخاص في إطلاق نار بولاية نيفادا الأمريكية    منال عوض: تمويل 16 مشروعا للتنمية بمصر ب500 مليون دولار    «بيفكروا كتير بعد نصف الليل».. 5 أبراج بتحب السهر ليلًا    رئيس الوزراء يستعرض خطة إحياء واستدامة الحرف اليدوية حتى 2030    انتخابات مجلس الشيوخ 2025.. 8 محظورات خلال فترة الصمت الانتخابي    جولة مفاجئة لمحافظ الدقهلية للوقوف على أعمال تطوير شارع الجلاء بالمنصورة    «الإسعاف»: نقل أكثر من 4 آلاف طفل مبتسر على أجهزة تنفس صناعي خلال النصف الأول من 2025    أُسدل الستار.. حُكم نهائي في نزاع قضائي طويل بين الأهلي وعبدالله السعيد    الخارجية الفلسطينية: الضم التدريجي لقطاع غزة مقدمة لتهجير شعبنا    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025 في شمال سيناء    معيط: دمج مراجعتي صندوق النقد يمنح مصر وقتًا أوسع لتنفيذ الإصلاحات    الكهرباء: الانتهاء من الأعمال بمحطة جزيرة الذهب مساء اليوم    موعد مرتبات شهر أغسطس.. جدول زيادة الأجور للمعلمين (توقيت صرف المتأخرات)    السيطرة على حريق بمولد كهرباء بقرية الثمانين في الوادي الجديد وتوفير البديل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تتحول امريكا من الرأسمالية المتوحشة الى الرأسمالية الاجتماعية ؟
نشر في أخبار مصر يوم 22 - 12 - 2013

مستقبل الديمقراطية الاجتماعية فى الولايات المتحدة ، وهل تتحول امريكا من الراسمالية المتوحشة الى الرسمالية الاجتماعية ؟..تساؤل طرحته مجلة فورين افيرز " الشئون الخارجية" الامريكية فى عددها الاخير،موضحة الاختلافات الجوهرية بين الليبراليين والمحافظين تجاه التوجه الامريكى فى المستقبل
واشارت المجلة انه منذ ان وقع الرئيس بارك اوباما فى مارس 2010 قانون الرعاية الصحية الجديدة والذى اصبح معروفا باسم"اوباما كير" تلامس هذا القانون مع لب وصميم السياسة العامة بل والنظام الامريكى ككل
وهو ما جعل نشطاء حزب الشاي " بارتى تى " وحلفائهم في الحزب الجمهوري يعملون على احباط اصدار تشريع هذا القانون ، بل صوت مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون أكثر من 40 مرة لصالح إلغائه أو تأجيله.. بل وصل الامر في أكتوبر الماضي ، بان سمح الكونجرس باغلاق جزئي للحكومة الاتحادية في محاولة لمنع أو تأخير القانون، ومازال الجدل الدائر حول " اوباما كير" مستمرا و لا علامة على انتهاء الازمة فى أي وقت قريب.
فيما يرى الاصلاحيون الامريكيون ان " اوباما كير " هو أهم إصلاح تشريعى لنظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة منذ اكثر من نصف قرن، فهو يهدف الى زيادة قدرة الأميركيين الذين لديهم تأمين صحي لتحسين نوعية خطط التأمين الصحي، وإبطاء نمو الإنفاق على الرعاية الصحية.
ولكن المعركة حول القانون اصبحت أكثر بكثير من الاختلاف حول سياسة الرعاية الصحية فقط ، بل اصبحت معركة حول سمات النظام الامريكى ، وهو امر تحركه مرارة الصراع والاستقطاب الحزبي ، تحول معها التشريع لساحة المعركة الرئيسية في الحرب الدائرة بين الليبراليين والمحافظين بشأن حجم ونطاق اختصاص الحكومة الأمريكية، وهى معركة تمتد تاريخيا منذ فترة الكساد العظيم وسياسة New Deal "الصفقة الجديدة" التى اعلنها الرئيس فرانكلين لجذب البلاد من الهوة الاقتصادية فى الثلاثينيات من القرن العشرين .. و تم تطوير وزيادة الإصلاحات ضمن "الصفقة الجديدة" خلال عهدى ترومان وأيزنهاور ، لتقفز الولايات المتحدة نحو دولة الرفاهية في عهد ليندون جونسون، الذي حمل برنامجه اجندة اجتماعية عظمى ساهمت على توسيع المساعدة العامة للفقراء وإنشاء برامج التأمين الصحي التي تديرها الحكومة .
ولكن في العقود التالية شهدت بعض الإضافات الاصلاحية الرئيسية وبعض النكسات المشهودة، بما في ذلك فشل جهود إصلاح الرعاية الصحية فى عهد الرئيس بيل كلينتون عام 1994 ، وصولا الى محاولة تمرير الرئيس اوباما للمشروع الجديد .
ومنطلق تشريع " اوباما كير " هو السبب وراء هذا الجدل ، لانه في جزء منه يبدو كإشارة إلى مرحلة جديدة من استعادة الدور والنشاط الحكومي فى تسيير المجتمع و توجيهه، مما دفع بعض المحافظين لمعارضة التشريع واعتباره منعطفا حاسما، و قد يكون خطوة نحو اليسار.
الصحفى المحافظ "بيتر وينر" كتب مؤخرا في ويكلي ستاندارد " لأن قانون الرعاية بأسعار معقولة هو تحقيق لحلم طويل لليبرالية يرجع تاريخه لاكثر من نصف قرن، واذا فشل سيكون ضربة ساحقة ليس فقط لباراك أوباما ولكن لليبرالية الأمريكية نفسها.. لان أوباما كير من جوانب عديدة هو تجسد لنموذج الليبرالية الحديثة".
ويرى الاصلاحيون ان معارضى الديمقراطية الاجتماعية على الطريقة الأميركية يخوضون معركة خاسرة.. وان الحجج التى تساق باعتبار ان تشريع اوباما كير يشوه النظام الامريكى هى حجج مروعة و مبالغة فيها إلى حد كبير ، فهذا التشريع يمثل خطوة أخرى في رحلة طويلة وبطيئة، ولكنها ثابتة بعيدا عن الدولة الرأسمالية الليبرالية الكلاسيكية ويقترب بشكل مميز نحو النسخة الأمريكية من الديمقراطية الاجتماعية.
ونهج الديمقراطية الاجتماعية فى الولايات المتحدة أكثر تواضعا و شبكة الأمان الاجتماعي غير مكتملة نتيجة لمواقف السياسيين والتكنوقراط ، وذلك خلافا لما حدث في شمال أوروبا، حيث تم سن الديمقراطية الاجتماعية عمدا وبصورة شاملة مع مرور السنوات من قبل الحركات السياسية التى وعت ضرورة ترويض الرسمالية المتوحشة بشكل او اخر.
وابرز ما يعوق نمو الديمقراطية الاجتماعية في الولايات المتحدة، هو قوى الضغط المهيمنة و التى ستواصل محاربتها ، و هو ما سيؤدى الى مزيد من سياسات التأمين الاجتماعي المتدرجة والغير فعالة والاقل عالمية .. ولكن المعارضون سيخوضون معركة خاسرة، ويمكن أن يتمكنوا من ابطاء العملية او تشويه النتيجة النهائية لها لكنهم لن يستطيعوا ايقافها ، وذلك بفضل مزيج من كونها مطلب شعبي، ونتيجة الزيادة التدريجية للثروة الوطنية ، و هو ما سيجعل الديمقراطية الاجتماعية هى مستقبل الولايات المتحدة.
والديمقراطية الاجتماعية نشأت في أوائل القرن العشرين كاستراتيجية لتحسين الرأسمالية و ترويضها دون ان تكون نظاما بديلا يحل محلها.. و اليوم عموما اصبحت هذه السياسة هى قلب سياسات وبرامج الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية الأوروبية ، وخصوصا تلك الموجودة في بلدان الشمال الأوروبي، مثل الدنمارك والسويد.
واصبحت الديمقراطية الاجتماعية الحديثة ، تعني التزام الحكومة لتعزيز الأمن الاقتصادي، وتوسيع الفرص، وضمان ارتفاع مستويات المعيشة للجميع ، مع الحفاظ أيضا الحرية الاقتصادية، والمرونة الاقتصادية، وديناميكية السوق.
وعلى مدى النصف القرن المقبل، يرى الاصلاحيون انه يجب على الحكومة الامريكية الفيدرالية ان تقدم مجموعة من البرامج الاجتماعية التى تأتي على نحو متزايد لتشبه تلك التي تقدمها تلك البلدان الاوربية.. وهذا التوقع يعني شيئا مختلفا تماما اليوم عما كان يتم تداوله حول سياسات "الديمقراطية الاجتماعية" قبل جيل واحد، لقد كانت المفاهيم ضيقة ، وممارسة الديمقراطية الاجتماعية يعني في الغالب الحفاظ على شبكة الأمان العامة كبيرة. اما في العقود الأخيرة، فقد طورت بلدان الشمال الأوروبي مفهوم "الديمقراطية الاجتماعية" لتضم البرامج الاجتماعية السخية مع الخدمات التي تهدف إلى زيادة فرص العمل وتعزيز الإنتاجية.. و اصبح القطاع العام و الحكومة الممول لتحسين رعاية الطفل ومرحلة ما قبل المدرسة، فضلا عن العمل والتدريب وبرامج التوظيف، ومشروعات البنية التحتية، ودعم الحكومة للقطاع الخاص كذلك مجالات البحث والتطوير.. وفي الوقت نفسه، اتخذت الحكومات الاسكندنافية نهج معتدل فى مجال التدخل من اجل تنظيم الاسواق ، والحفاظ على لوائح لحماية العمال والمستهلكين، والبيئة، وتحقيق التوازن بين تلك الحماية مع النظام الذي يشجع روح المبادرة والمرونة.
و تختتم "الفورين افيرز" مقالها بالتاكيد على ان الدروس المستفادة من المائة سنة الماضية هو أن الولايات المتحدة تنمو وتصبح الأكثر ثراء، و أكثر الأمريكيين على استعداد لانفاق المزيد للتأمين ضد المخاطر وتعزيز النزاهة و تحقيق الرفاعية و العدالة الاجتماعية.. ولكن التقدم في اتجاه السياسة الاجتماعية يتم بشكل متقطع و غير منتظم ، لكنه سيأتى ، واذا جاء فعادة ما يستمر. . فقوس الديمقراطية الاجتماعية ممتد وطويل ولكن ينحني نحو اقرار العدالة .
وصناع السياسة الأمريكيين سيدركون الفوائد من لعب دور اكبر للحكومة في متابعة الأمن الاقتصادي وتكافؤ الفرص، وارتفاع مستويات المعيشة ، وسيحاول هؤلاء دفع البلاد في هذا الاتجاه تدريجيا.
واذا نجحت هذه السياسات واصبحت البرامج الاجتماعية تعمل بشكل جيد وذات شعبية كبيرة سيجعل هذا من الصعب على معارضي الديمقراطية الاجتماعية عرقلتها و ايقاف عجلتها ، وسيكون الأثر التراكمي للزيادة الكبيرة في اتساع وسخاء البرامج الاجتماعية الحكومية ، هوالضامن لنجاح البلاد فى ترويض الراسمالية المتوحشة و اضفاء طابع العدالة الاجتماعية عليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.