«شاكر العبسي» اسم طفا على السطح في غمرة أحداث مخيم نهر البارد كقائد لحركة فتح الإسلام، فمن هو العبسي وما هي الخطوات التي قادته لقيادة تنظيم متطرف في مخيم فلسطيني شمال لبنان. وُلد العبسي في مخيم عين السلطان القريب من مدينة أريحا في فلسطين عام 1955 والذي استقر فيه أهله بعد هجرتهم من قرية الدوايمة في فلسطين ودرس العبسي في مدارس عين السلطان وأكمل دراسته في مدارس الوكالة في مخيم الوحدات للاجئين الفلسطينيين في العاصمة الأردنية عمّان بعد احتلال الضفة الغربية سنة 1967 وأنهى شاكر العبسي الثانوية العامة بتقدير عال أهله لدراسة الطب في تونس عام 1973 على نفقة حركة «فتح» التي انتمى إليها حين كان في السادسة عشرة من عمره. بعد عام من الدراسة في تونس رجع شاكر إلى عمّان تاركاً دراسة الطب رغبة منه في العمل العسكري والمشاركة في النضال ضد المحتل الصهيوني فبُعث على إثرها إلى ليبيا ليلتحق بالكلية العسكرية هناك وليتخرج عام 1976 برتبة ملازم طيار حربي. وبعد التخرج تلقى شاكر عدة دورات في قيادة طائرة «ميج» السوفيتية المقاتلة من طرازي 21 و22، وذلك في كل من ألمانياالشرقية ويوغسلافيا وروسيا والمجر بينما كان الاتحاد السوفيتي في أوجّه إبان حقبة السبعينيات. أما في الثمانينيات؛ فقد قاتل شاكر إلى جانب نورييجا في نيكاراجوا، وإلى جانب ليبيا في حربها ضد تشاد وذلك عندما استطاع الجيش الليبي تحرير واحات أوزو وكان العبسي حينها قائد سرب وتشير بعض المصادر إلى أنّ العبسي حاول القتال مع قوات الفصائل الفلسطينية في بيروت لكنّه بقي خارج العاصمة اللبنانية رغم وجوده في لبنان. وفي تلك الفترة حدث منعطف هام ترك بصماته على المسار اللاحق لشاكر العبسي فبعد خروج قوات منظمة التحرير من بيروت في أيلول (سبتمبر) 1982 بسنة انشقّ العبسي عن حركة «فتح» تحت قيادة أبي خالد العملة وأبي موسى وجرى تأسيس تنظيم جديد عُرف ب»فتح الانتفاضة» يقول شقيقه الطبيب الاستشاري في جراحة العظام الدكتور عبدالرزاق إنّ زعيم حركة فتح آنذاك الراحل ياسر عرفات طلب من شاكر شخصياً العودة عن الانشقاق في رسالة ذكرته بالاسم إلاّ أنّ شاكر رفض التراجع. وغادر شاكر العبسي دمشق إلى اليمن «الشمالي» آنذاك (توحّد مع اليمن الجنوبي عام 1990) مبتعثاً من «فتح الانتفاضة» إلى الجيش اليمني هناك، وتولى مهمة مدرِّب وقائد سرب في سلاح الجو وبعدها عاد إلى ليبيا والتحق بالجيش الليبي أيضاً بصفة مبعوث من «فتح الانتفاضة» وتولى المهمات نفسها. بقي شاكر العبسي في ليبيا إلى عام 1993، وفيها ترفّع إلى رتبة عقيد ومنها عاد إلى سوريا بعدما قامت السلطات الليبية بإبعاد اللاجئين الفلسطينيين إثر اتفاقية أوسلو المبرمة بين منظمة التحرير والكيان الصهيوني. وبالرغم من أنّ شاكر المدرِّب في سلاح الجو الليبي لم يكن من بين المبعدين إلاّ أنه آثر الابعاد الاختياري رافضاً الدعوات الليبية له بالبقاء. وبعد «أوسلو» سنة 1993 عرض عليه رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات هذه المرة قيادة «القوات الجوية» في السلطة لكنه رفض لأنّ السلطة ليس فيها سلاح جو ولأنه رفض اتفاقات أوسلو . في غضون ذلك بقي شاكر في دمشق بعد عام 1993 يقطن حي الحجر الأسود قرب مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق وفي هذه الفترة بدت عليه نزعة التديّن وقيل عنه حينها إنه تمكّن من حفظ القرآن الكريم كاملاً وأداء فريضة الحج عام 2000. وفي أيلول (سبتمبر) من عام 2002 اتهم في سورية بتهريب السلاح ولكن دون الإعلان عن وجهة الأسلحة وتمّت في ذلك الحين محاكمته محاكمة ميدانية وبقي في السجن حتى شباط (فبراير) 2005، وفي هذه الأثناء عام 2003 تحديداً حاكمته محكمة أمن الدولة الأردنية غيابياً في قضية اغتيال الدبلوماسي الأمريكي لورنس فولي وأصدرت بحقه قراراً بالإعدام. ولم يمكث شاكر طويلا في دمشق بعدما أُفرج عنه فغادر سورية إلى لبنان وهناك تنقّل بين المخيمات الفلسطينية واستقر في مخيم نهر البارد حيث بدأت انعطافة جديدة برز بعدها زعيماً للتنظيم المثير للجدل «فتح الإسلام»، الذي يختلف توصيفه حسب من تسأله عنه فتحالف 14 آذار يعتقد أن فتح الإسلام لها صلات بالقاعدة لكن تم زرعها في لبنان بواسطة الاستخبارات العسكرية السورية كي تتسبب في عدم إستقرار في لبنان لكن آخرين يرون أن إلقاء اللوم على سوريا بواسطة تحالف 14 مارس والحكومة اللبنانية هو موقف غير صحيح وأن فتح الإسلام هي منظمة إسلامية اصيلة تكرس عملها للقضية الفلسطينية ويقول المتعاطفون مع منظمة فتح الإسلام إن شعبية هذه الجماعة ظلت في تزايد مستمر في مخيم نهر البارد وإنهم يساعدون المواطنين بتقديم الطعام والمساعدات لهم وهم منظمون للغاية ومهذبون ولايحملون السلاح إطلاقاً في المخيم إلا في حالات الازمات. ويقول هؤلاء إن هدف فتح الإسلام هو ان تصبح الفصيل الفلسطيني الرئيسي في لبنان وتقول مصادر لبنانية في طرابلس إن فتح الإسلام تم تاسيسها بواسطة مناصري السلفية في المدينة وهي توفر لهم الشعبية المطلوبة في المخيم عن طريق تقديم الخدمات الاجتماعية فيه. وزعيم التنظيم شاكر العبسي هو الثالث بين إخوانه الذكور، وهو الخامس في أسرته، فهو أخ لشكري (مهندس طيران) وأحمد (فني الطيران) وعبد الرزاق الطبيب الاستشاري في طب العظام في العاصمة الأردنية عمان، وله من الأبناء الذكور واحد، أسماه على اسم أبيه «يوسف» ويبلغ ثلاثة عشر عاماً، ورُزق من البنات ست. ويؤكد أخوه، الطبيب الاستشاري، وأبناء عمومته ككل أنه ليس نزعة متطرفة دينياً رافضين بشكل قاطع وصفه بالتكفيري فهو «لم ينتقد إعفاء اللحية أو تقصيرها، ولم يلبس الثوب القصير دائماً، بل كان يلبس أحياناً الثياب الرسمية وأحياناً الثياب العسكرية، ليس لديه ميول طائفية ولم تقيد في تاريخه أي جريمة»، كما ينقلون عنه، ويذكرون أيضاً أنه هاوٍ للعبتي الشطرنج والتنس.