تقوم حاليا مجموعة الاتصال الدولية حول كوسوفو بالتمهيد لاجراء مفاوضات جديدة حول الإقليم الصربي بحيث تبدأ منتصف الشهر المقبل. وتأتى هذه المساعى الحثيثة بعد أن قررت مجموعة الاتصال الأربعاء تشكيل لجنة تضم أمريكيا وروسيا وأوروبيا للتحكيم في مفاوضات جديدة بين الصرب وألبان كوسوفو بهدف تحديد وضع اقليم كوسوفو الذي يشكل الالبان غالبية سكانه. واتخذت المجموعة التي تضم الولاياتالمتحدةوروسياوفرنسا وبريطانيا والمانيا وايطاليا هذا القرارفي اجتماع مغلق لكبار موظفي هذه الدول بالسفارة الالمانية في فيينا. ويأمل الأوروبيون المؤيدون لاستقلال الاقليم في تحديد مدة الجولة الجديدة من المفاوضات ب"حوالى 120 يوما" بينما تعارض موسكو الرافضة لاستقلاله تحديد مدة هذه المبادرة. ولم يحدد الخبراء في اجتماعهم مكان انعقاد الجولة القادمة من المفاوضات حول الإقليم الذي تتولى الأممالمتحدة إدارته منذ ثمانية أعوام..عندما قام حلف شمال الاطلسي عام 1999 بقصف صربيا لتكف قواتها عن قمع المتمردين الانفصاليين الالبان.
وقد احيلت القضية الى مجموعة الاتصال بعد فشل مجلس الامن فى اتخاذ قرار لتسوية الازمة بسبب تهديد روسيا باستخدام حق النقض ضد مشروع قرار تقدمت به الولاياتالمتحدة و الاتحاد الاوربى بشأن الاقليم المنشق ، حيث ترى موسكو انه يمنح ضمنا كوسوفو الاستقلال ،الامر الذى لاتوافق عليه حليفتها صربيا .
وكانت الصيغة الاخيرة من نص مشروع القرارالذي تمت مناقشته في مجلس الامن تدعو الصرب والانفصاليين الالبان الى اجراء مفاوضات اخيرة تحت رعاية مجموعة الاتصال حول كوسوفو والاتحاد الاوروبي، وعلى مدى 120 يوما، حول الوضع المستقبلي للاقليم لتحديد ما اذا كان يمكن ايجاد نقاط التقاء بين الطرفين .
وفي غضون ذلك، قلل السفير النمساوي البرت روهان نائب ممثل الأمين العام للأمم المتحدة المعني بالاشراف على ترتيب جولات المفاوضات بين ممثلي بلجراد وبريشتينا من احتمال إحراز تقدم في المباحثات التي سيجريها ممثلو مجموعة دول الاتصال الست (الولاياتالمتحدة. بريطانيا. فرنسا. روسيا. ألمانيا. وإيطاليا). وأعلن السفير النمساوي في بيان صحفي أن ممثلي مجموعة دول الاتصال أجروا جولة من المشاورات التمهيدية لكنهم اخفقوا في التوصل إلى حل توافقي بشأن صيغة مشروع قرار أوروبي مدعوم من قبل الولاياتالمتحدة يتبنى التوصيات التي أقترحها موفد الأمين العام للأمم المتحدة مارتي اهتيساري بمنح كوسوفو الاستقلال المشروط وبرئيس أوروبي لفترة انتقالية مدتها خمس سنوات. واضاف أن مهمة اللجنة الثلاثية إجراء مشاورات مع ممثلي كل من الألبان والصرب في بلجراد وبريشتينا من أجل اقناعهم بعقد جولات إضافية من المفاوضات خلال فترة الشهورالاربعة القادمة التي حددها مجلس الأمن.
يذكر ان جولات المفاوضات التي توالت خلال نحو16 شهرا في فيينا لم تسفر عن كسر الجمود وتليين مواقف الطرفين المتخاصمين، ففي الوقت الذي يصرفيه ممثلو الاغلبية الالبانية على استقلال كوسوفو يتمسك الصرب ببقاء الاقليم تحت سيطرتهم...فقد جدد مؤخرا رئيس الوزراء الصربي فويسلاف كوستونيتسا في لشبونة رفضه المطلق لاستقلال اقليم كوسوفو مدافعا عن "وحدة اراضي صربيا". وصرح كوستونيتسا في مؤتمر صحفي إثر لقائه مع رئيس وزراء البرتغال التى تتولى رئاسة الإتحاد الأوروبي "أنها مسألة وحدة وسيادة الأراضي"، مضيفًا "لن نقبل أن يقتطع منا 50% من أراضينا"، ومؤكداً أن "دستورنا ينص على ان كوسوفو جزء لا يتجزأ من صربيا".
وتؤكد روسيا وهي حليف للصرب بأن منح كوسوفو الاستقلال سيشكل خطوة نحو تقسيم جمهورية صربيا وبالتالي تقويض النظام الديمقراطي في بلجراد الأمر الذي يفتح الباب على مصراعيه نحو تكرارهذه السابقة في منطقة البلقان. ورداً على اقتراحات بمنح اقليم كوسوفو الاستقلال ، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الجمعة أثناء مراسم احتفال الكرملين بتسلم أوراق اعتماد عدد من سفراء الدول الأجنبية ضرورة تسوية الوضع الدائر حول كوسوفو مع مراعاة اتفاقية هلسنكي التي تتضمن مبادىء العلاقات الدولية، معلناً أن السلام فى اوربا يمكن ان يقوم فقط باحترام وحدة اراضى صربيا .
كما اشادت روسيا مساء الجمعة الماضى باحالة ملف كوسوفو الى مجموعة الاتصال المكلفة بالنظر في مستقبل هذا الاقليم الصربي، واعلنت استعدادها للعمل ب"شكل بناء" مع شركائها على هذا الملف مشيرة الى حرصها على الالتزام بقرار مجلس الامن رقم 1244 ،والذى يتضمن سيادة صربيا على الاقليم الساعى الى الانفصال .
وكان المبعوث الدولي المكلف بمتابعة ملف الإقليم ، قد أوصى في تقرير أصدره في شهر ابريل الماضي بمنح كوسوفو استقلالا يشرف عليه المجتمع الدولي، ونال هذا الاقتراح تأييدا قويا من جانب ألبان الإقليم (الذين يشكلون 90 في المائة من مجموع السكان البالغ عددهم زهاء مليوني نسمة) ، وبعض دول الاتحاد الاوروبى و الولاياتالمتحدة بينما اصطدم برفض قاطع من جانب صربيا وحليفتها روسيا.